اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > التحولات الرقمية في التعليم الجامعي واشكالية التوازن بين الخبرة والمهارة

التحولات الرقمية في التعليم الجامعي واشكالية التوازن بين الخبرة والمهارة

نشر في: 28 مايو, 2024: 11:01 م

د. طلال ناظم الزهيري

في ظل تنامي الموارد الرقمية وانتشار التطبيقات والبرامج التي تدعم التعليم عن بعد فضلا عن بدايات انطلاق تطبيقات الذكاء الاصطناعي، كلها مؤشرات على مستقبل ستكون فيه التقنيات الرقمية هي المسار الوحيد لتنفيذ لعمليات الإدارية والمالية والتعليمية بالتالي فإن اتخاذ الخطوات الاستباقية لتهيئة الظروف لعملية انتقال سلسلة من الأساليب التقليدية إلى الأساليب الرقمية يعد أمرا في غاية الأهمية.

والكلام هنا عن برامج التعليم الجامعي على وجه الخصوص. والجدير بالذكر ان الجامعات العراقية سبق لها أن قامت بتطبيق نوع من أنواع التعليم الإلكتروني وبشكل اضطراري إبان انتشار وباء كوفيد 19. شأنها شأن الجامعات العالمية. لقد كشفت تلك التجربة إلى وجود فجوة بين جيلين من اساتذة الجامعات، عنوانها التوزيع غير عادل ما بين الخبرة المعرفية والتي نقصد لها التراكم المعرفي وثقافة التخصص عند الأساتذة الذين أمضوا سنوات طويلة في التدريس وبين المهارة التقنية في استخدام الحواسيب وتطبيقاتها والتي كانت عنوان حديثي العهد بالتعليم الجامعي من الشباب. ولأن كلتا المهارتين مطلوبة في برامج التعليم الجامعي، بالتالي نجد أن تقديم أي منها على الأخرى يعد إخلالا في التوازن الطبيعي لبرامج التعليم الإلكتروني. ولأننا لسنا هنا في صدد تقييم تلك التجربة بسلبياتها وإيجابياتها وإنما في وضع خارطة طريق تمكن جامعاتنا من تنفيذ عمليات التحول الرقمية بشكل صحيح. لذا؛ نعتقد أن تقديم المهارة التقنية على الخبرة المعرفية سوف يهدد أهم أركان المؤسسات الأكاديمية القائم على مبدأ الأفضلية للألقاب العلمية في قيادة العملية التعليمية.

في جانب آخر نجد أن تجاهل المهارات التقنية سوف يؤدي إلى تراجع خطير في تطبيق برامج التعليم الإلكتروني. إذن الحل المنطقي هو محاولة الجمع بين المهارتين وهنا لا أقصد أن يتم توجيه الأساتذة أصحاب الخبرة المعرفية في ضرورة اكتساب المهارات التقنية وإن كان هذا الأمر مهما لمن يرغب منهم إلا أنني ومن واقع الخبرة أدرك تماما أن التقدم في العمر غالبا يكون عائقا أمام البعض في اكتساب تلك المهارة. -في سياق متصل- من الصعب اختزال سنوات طويلة في ممارسة التعليم الجامعي لنوجه الشباب من الأساتذة من تنمية قدراتهم المعرفية التي غالبا ما تتطلب مدة طويلة من الممارسة والاطلاع. وعليه لا بد من الذهاب إلى خيارات أخرى أكثر واقعية تهدف الى المزاوجة بين الخبرة والمهارة من خلال تنفيذ برامج المرافقة العلمية التي نقصد بها تكليف كل تدريسي من حملة الألقاب العلمية مدرس مساعد أن يكون مرافق علمي للأساتذة من أصحاب الألقاب العلمية الأعلى. حتى يتم تبادل الخبرات المعرفية والمهارية من خلال التكامل بينهما. وفي الوقت الذي قد لا نتوقع أن يكون اكتساب المهارات التقنية امر ميسرا لكن اكتساب الخبرات المعرفية من قبل الأساتذة الشباب سيكون أسهل على المدى الزمني القريب حتى نصل إلى الوقت الذي يكون في الأستاذ مؤهلا تأهيلا علميا ومهاريا للتحول الرقمي في أي من برامج التعليم الإلكتروني. وهنا لابد من النظر الى اهمية الاعتبارات التالية لضمن نجاح برامج المرافقة العلمية :

ــ وضع أهداف محددة وواضحة لبرامج المرافقة العلمية لضمان فهم الجميع لأهمية البرنامج والنتائج المرجوة منه. و التاكيد على اهمية تعريف المشاركين فيه بدورهم ومسؤولياتهم والتوقعات المرجوة منهم.

ــ اختيار المشاركين في البرامج بناءً على مهاراتهم وكفاءاتهم لضمان تكامل المهارات والخبرات. مع التأكد من توافق المرافقين والأساتذة من حيث المجالات التخصصية والاهتمامات الأكاديمية.

ــ تقديم دورات تدريبية للمرافقين والأساتذة حول كيفية العمل كفريق وتبادل المعرفة. وضمان توفير موارد ودعم تقني للتأكد من أن المشاركين يمكنهم الوصول إلى الأدوات والمنصات اللازمة للتعاون.

ــ وضع خطة عمل تحتوي على مراحل محددة ومعايير تقييم لضمان تحقيق الأهداف. وذلك من خلال تحديد مهام وأدوار واضحة لكل من المرافقين والأساتذة لضمان توزيع العمل بشكل عادل وفعّال.

ـ إنشاء قنوات تواصل مستمرة بين المرافقين والأساتذة لتبادل الآراء والملاحظات. والعمل على تنظيم اجتماعات دورية لمراجعة التقدم وحل المشكلات المحتملة.

ـ وضع آليات لتقييم الأداء بشكل منتظم وتقديم تغذية راجعة لتحسين البرنامج. من خلال استخدام ملاحظات المشاركين لتعديل وتحسين البرامج بمرور الوقت.

ــ تقديم حوافز تشجيعية للمشاركين مثل شهادات التقدير أو المكافآت المالية. و تقدير جهود المرافقين والأساتذة بشكل علني لتعزيز روح التعاون والالتزام.

ـ ضمان دعم الإدارة العليا للبرنامج من خلال تخصيص الموارد اللازمة وتقديم التوجيهات والدعم المستمر. و ضرورة إشراك الإدارة في مراجعة وتقييم نتائج البرنامج لضمان استدامته.

ــ خلق بيئة تشجع على التعاون وتبادل المعرفة من خلال تنظيم ورش عمل وجلسات نقاش مشتركة. فضلا عن تعزيز ثقافة العمل الجماعي والاحترام المتبادل بين المرافقين والأساتذة.

ــ متابعة نتائج البرنامج بانتظام والتأكد من تحقيق الأهداف المحددة. والعمل على تطوير البرنامج بمرور الوقت بناءً على التقييمات والملاحظات لضمان ملاءمته للتغيرات والاحتياجات المستجدة.

بتطبيق هذه المقترحات، يمكن ضمان نجاح تنفيذ برامج المرافقة العلمية وتحقيق الفائدة القصوى لكل من المرافقين والأساتذة، مما يسهم في تحسين جودة التعليم وتعزيز التعاون الأكاديمي مستقبلا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

المتفرجون أعلاه

جينز وقبعة وخطاب تحريضي

تأميم ساحة التحرير

زوجة أحمد القبانجي

الخارج ضد "اصلاحات دارون"

العمودالثامن: جمهورية بالاسم فقط

 علي حسين ماذا سيقول نوابنا وذكرى قيام الجمهورية العراقية ستصادف بعد أيام؟.. هل سيقولون للناس إننا بصدد مغادرة عصر الجمهوريات وإقامة الكانتونات الطائفية؟ ، بالتأكيد سيخرج خطباء السياسة ليقولوا للناس إنهم متأثرون لما...
علي حسين

قناديل: لعبةُ ميكانو أم توصيف قومي؟

 لطفية الدليمي أحياناً كثيرة يفكّرُ المرء في مغادرة عوالم التواصل الاجتماعي، أو في الاقل تحجيم زيارته لها وجعلها تقتصر على أيام معدودات في الشهر؛ لكنّ إغراءً بوجود منشورات ثرية يدفعه لتأجيل مغادرته. لديّ...
لطفية الدليمي

قناطر: بين خطابين قاتلين

طالب عبد العزيز سيكون العربُ متقدمين على كثير من شعوب الأرض بمعرفتهم، وإحاطتهم بما هم عليه، وما سيكونوا فيه في خطبة حكيمهم وخطيبهم الأكبر قس بن ساعدة الإيادي(حوالي 600 ميلادية، 23 سنة قبل الهجرة)...
طالب عبد العزيز

كيف يمكن انقاذ العراق من أزمته البيئية-المناخية الخانقة؟

خالد سليمان نحن لا زلنا في بداية فصل الصيف، انما "قهر الشمس الهابط"* يجبر السكان في الكثير من البلدان العربية، العراق ودول الخليج تحديداً، على البقاء بين جدران بيوتهم طوال النهار. في مدن مثل...
خالد سليمان
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram