خاص/ المدى
نشرت الدائرة الاعلامية لمجلس النواب، اليوم الجمعة، جدول اعمال البرلمان الذي يتضمن تحديد يوم الاثنين المقبل موعدا للتصويت على جداول موازنة 2024، فيما أعلنت اللجنة المالية النيابية، يوم امس الخميس، استكمال دراسة وتحليل جداول موازنة 2024، وفيما أكدت عدم وجود تعيينات فيها.
فيما اكد مراقبون ان العديد من الأسباب ستحول دون التصويت على جداول موازنة 2024، مرجحين التصويت سيكون لما بعد عيد الأضحى بتأخير استمر لنحو ستّة أشهر احتاجتها الحكومة العراقيّة قبل التصويت على موازنة السنة المالية الحالية أخيرا يوم الأحد الماضي، على الرغم من إقرار الموازنة المالية لثلاث سنوات تشمل هذه السنة العام الماضي.
جلسة "العاصفة"
وبالرغم من بلوغ قيمة موازنة 2024 بنحو 153 مليار دولار لكل عام، الا انها تتوقع عجزا ماليّا كبيرا يقدّر بنحو 48 مليار دولار سنويا، يُعدّ الأعلى من نوعه ويزيد بأكثر من ضعفي العجز المُسجّل في موازنة عام 2021 السابقة على هذه الموازنة.
المحلل السياسي علاء مصطفى يوضح، ان "تم عقد جلسة التصويت على الموازنة يوم الاثنين المقبل وتحقق نصابها فستكون هنالك "عاصفة" وستتبادل التيارات الاعتراضات اولهن مدافعة عن المحافظات المغبونة في الجداول". مستدركا بحديثه: "اما الثانية ستتحدث عن نسب العجز الموجود في الموازنة وكيفية علاجه".
يضيف مصطفى لـ(المدى)، انه "استبعد حصول جلسة التصويت على الموازنة يوم الاثنين القادم، وأرشح عدم تحقق النصاب لأسباب كثيرة، منها الظروف السياسية غير المستقرة". مشيرا الى، ان "هناك عدد كبير من النواب والذي تجاوز الـ 70 نائب ذهبوا لتأدية مناسك الحج، ثم ان الاطراف السياسية لم تتوافق حتى الان على تمرير الجداول حيث اطلعنا لى كتاب اللجنة المالية الى وزيرة المالية والتي تم على ضوئه استضافتها، وهناك اسئلة مهمة وخطيرة على هذه الجداول منها كمية الانفاق قبل اقرار الجداول، وايضا حجم الاقتراض الداخلي وهو كبير جدا، فضلا عن موضوعة السيولة المفقودة التي اخذت تجمد الوضع الاقتصادي في العراق".
يتابع، ان "موضوع الموازنة والتصويت عليها يحتاج الى نقاشات". منوها على، ان "رئيس مجلس الوزراء كان قد اخر بعث الجداول لحين حسم موضوع رئاسة مجلس النواب لكن حينما شعر ان الموضوع سوف لن يتم بشكل سريع قام بدفع الجداول الى البرلمان لذلك انا اعتقد انه سيتم التصويت على جداول الموازنة بعد تعديلها، اذ انه من المحال ان تمضي هذه الجداول كما بعثتها الحكومة، لذلك فانا أرجح ان يصوت عليها بعد عيد الاضحى".
عجز كبير
فيما أعلنت اللجنة المالية عن طريق رئيسها عطوان العطواني، إن "اللجنة المالية النيابية استكملت دراستها وتحليلها لجداول الموازنة العامة لعام 2024 وهي الآن في طور إعداد التقرير الذي سيعرض على مجلس النواب"، لافتا إلى، أن "جداول الموازنة ليست فرصة لتوزيع التخصيصات المالية على المؤسسات إنما مراجعة لما أنفق في السنوات الماضية ورسم سياسة إنفاق جديدة".
وأضاف، إن "اللجنة تحاول رسم مسار جديد للإنفاق من خلال تحليل الموازنات السابقة وفي التقرير الذي سيقدم ستطرح جميع الملاحظات التي رافقت موازنة عام 2023".
وأشار إلى، أن "هنالك تزايدا في الإنفاق الجاري يصل إلى 13 تريليون دينار عن موازنة عام 2023 يقابله تراجع في الإنفاق الاستثماري".
المحلل الاقتصادي عبد الرحمن الشيخلي يؤكد بدوره، انه "مع شديد الاسف ان المناكفات السياسية التي توقعنا بانها سوف لن تكون في موازنة 2023 و2024 و2025 باعتبارها موازنة ثلاثية وتم التصويت عليها مسبقا من قبل البرلمان العراقي وقبلها مجلس الوزراء لاحظنا استمرار هذه المناكفات حتى في الجداول وخاصة في جداول موازنة 2024". مشيرا الى، انه "كل من يغني على ليلاه، وكل حزب وحركة وكيان سياسي يطلب المزيد من المكاسب لجماعته ولا اريد ان اقول لناخبيه بل لمؤيديه".
يبين الشيخلي، في حديث خص به (المدى)، ان "الاسباب الرئيسية التي أخرت التصويت على هذه الموازنات هو االتوافقات السياسية، اضافة الى انهم يدعون ان الموازنة تفتقر للتخصيصات بالنسبة للمحافظات والتي هي برأيهم بانها ليست بالمستوى المقبول لان بعض المحافظات حرمت من الكثير من الامتيازات في حين هناك محافظات اخرى منحت اكثر مما تستحق من هذه الامتيازات، وبالتالي اسبحت هناك تناقضات حقيقية في هذا الموضوع".
إيرادات ومصروفات
يتابع، ان "الامر الذي يسبب المشكلة الاكبر في التصويت على الموازنة هو العجز الذي سيكون فيها، اذ عند احتسابنا في الموازنة الثلاثية سعر برميل النفط بـ 70 دولار هذا يعني ان ايراداتنا سوف تصل الى 144 تريليون دينار عراقي كإيرادات، في حين بجداول هذه الموازنة فان المصروفات ستكون بقيمة 211 تريليون دينار عراقي وهذا يعني ان هناك عجز كبير في موازنة 2024 بين الايرادات والمصروفات". منبها على، ان "هناك مشاريع لم تدرج في جداول الموازنة حتى في موازنة 2023 لم تدرج ايضا، حيث كان هناك وبالمتوقع بان لا يزيد عدد المشاريع الاستثمارية عن 1300 مشروع، بينما الان فان المشاريع المخطط لإنجازها خلال عام 2024 سيكون عددها 5500 مشروع وهذا الامر يشكل ضغط كبير جدا على الموازنة لم يخصص لهكذا مشاريع".
واردف الشيخلي، ان "بعض النواب في البرلمان يصرون على انه لا توجد تعيينات في موازنة 2024 في حين انا اؤكد ومجلس الوزراء اكد في اكثر من مناسبة على الاقل من هذه الفئات، ومنها حملة الشهادات العليا بصورة عامة، وايضا المفتوقين من الكليات والمعاهد الحاصلين على الدرجات العليا منهم، اضافة الى الاختصاصات الطبية وبذلك لن تستطيع الحكومة توفير هذه التعيينات مما يجعل وزارة الصحة ان تتوجه نحو الاستعانة ببعض الخبرات من خارج العراق وهذا الامر يكلف الحكومة الدولة مصاريف جديدة لم تكن في الحسبان".
يختتم الشيخلي، ان "هناك نقطة مهمة وهي ان انتخابات 2025 سوف تتم ولكن بدون اي تخصيصات وهذه مسألة لم يرد احد في ذكرها لكونها تحتاج الى تخصيصات كبيرة جدا من الموازنة، ناهيك عن تخصيصات اخرى للكثير من الامور". مبينا، ان "في موازنة 2023 لم يتم التأشير فيها على تخصيصات المجالس المحلية لكونها حدثت في النصف الثاني من عام 2023، وفي علم 2024 نفذ هذا المشروع وهو بحاجة الى تخصيصات كثيرة ايضا، لذلك فان العجز سوف يكون كبير حدا لذلك كان هناك اضطرار لتأخير المصادقة على موازنة 2024".
يشار الى ان الموازنة الثلاثية التي تشمل أعوام 2023 و2024 و2025، هي الأكبر في تاريخ العراق، وقد أُقرّت في يونيو/ حزيران الماضي بتصويت مجلس النواب عليها بعد مخاض عسير على مدار أشهر شهدت سلسلة جلسات برلمانيّة لمناقشتها.