TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: البرلمان وعقدة تموز

العمود الثامن: البرلمان وعقدة تموز

نشر في: 3 يونيو, 2024: 12:23 ص

 علي حسين

لا تزال الناس تذكر زهد ونزاهة عبد الكريم قاسم، ولا يزال كبار السن يتحدثون عن الرجل الذي لم يكن يحمل في جيبه أكثر من خمسة دنانير، ربما سيقول البعض إن عبد الكريم قاسم دكتاتور عسكري، لا يفقه في السياسة شيئاً، وسيصر آخرون على أن سياساته أدت إلى نزاعات وصراعات دموية قادت البلاد إلى ما نحن عليه اليوم، وسيُتهم بأنه السبب في القضاء على النظام البرلماني في العراق، وإذا سألت عن رأيي فيه سأقول كلاماً لا يرضي محبيه. منذ 2003 والبعض يريد أن يجعل من حاضر هذه البلاد ومستقبلها وقوداً وحطباً من أجل الماضي، فهناك فريق، مدفوعاً بكره العهد الجمهوري ، لا يرى في عبد الكريم قاسم سوى مشهد مقتل العائلة المالكة ، وهو مشهد مدان بالتأكيد . وهناك من يرى في عصر عبد الكريم قاسم قمة الكمال ويقارنه بما يجري الآن من خراب وغياب للوطنية .
لم يسرق عبد الكريم قاسم أو ينهب ولم يكن يمتلك ثروات مهربة، ولم يكتب اسمه يوماً في أحد البنوك ، ولم يشتر الشقق في بيروت ولندن، ولم يخصص لنفسه منافع اجتماعية بلغت ملايين الدولارات، ولم يشرع قانوناً لزيادة راتبه، ولم يذكر أحد أنه كان شريكاً من الباطن في شركات للمقاولات، ولم يتردد اسم أحد من أقاربه في مشروعات استثمارية غامضة تخطف أموال الناس في وضح النهار، فلماذا إذن في كل مناسبة نجد من يحمّل الرجل ما جرى من خراب خلال العقود الماضية؟ لا أريد أن أدخل في سجال حول هل الملكية أصلح أم الجمهورية ؟ لكن الذين يقرأون التاريخ جيداً يعرفون أن هناك صفحات سوداء وقاتمة أيضا أثناء الفترة الملكية .
عندما تُقسِّم البلدان إلى قبائل وطوائف ، فإنك بالتأكيد تصرّ على أنّ هذه البلاد ليست دولة مؤسسات ، ولا وطناً. لكن ماذا عن الذين يريدون أن يفرضوا قناعاتهم الطائفية على شعب بأكمله ، الجواب ربما نجده عند السيدة الفتلاوي .
أعرف القليل جداً عن السادة الذين يصرّون على أن يحوّلوا العراق إلى دولة عشائرية طائفية ، لأن معرفتهم لا تفيد في شيء، لكني أعرف جيداً أنّ العراق تحوّل من دولة مؤسسات ، إلى كلمة عابرة في غرف مخابرات دول الجوار ، وعندما بدأ البرلمان بمناقشة قانون العطل ، لم أجد شيئاً أكتبه سوى كلمة ، نعي لجمهورية يراد لها أن تتحول إلى دولة بالاسم فقط .
ادرك جيدا كما كما يدرك جميع العراقيين أن وطناً جميلاً ، مثل وطننا لم يحتمل وجود قائمة طويلة من المخلصين ،لأنهم غير طائفيين ولا ينتمون إلى قبائل البرلمان التي تريد ان تفرض على الملايين قانونها العشائري .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. سامي المظفر

    منذ 6 شهور

    شكرا لك

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: برلمان كولومبيا يسخر منا

العمودالثامن: في محبة فيروز

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: في محبة فيروز

 علي حسين اسمحوا لي اليوم أن أترك هموم بلاد الرافدين التي تعيش مرحلة انتصار محمود المشهداني وعودته سالما غانما الى كرسي رئاسة البرلمان لكي يبدا تطبيق نظريته في " التفليش " ، وأخصص...
علي حسين

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

 لطفية الدليمي العلمُ منطقة اشتغال مليئة بالسحر؛ لكن أيُّ سحر هذا؟ هو سحرٌ متسربلٌ بكناية إستعارية أو مجازية. نقول مثلاً عن قطعة بديعة من الكتابة البليغة (إنّها السحر الحلال). هكذا هو الأمر مع...
لطفية الدليمي

قناطر: أثرُ الطبيعة في حياة وشعر الخَصيبيِّين*

طالب عبد العزيز أنا مخلوق يحبُّ المطر بكل ما فيه، وأعشق الطبيعة حدَّ الجنون، لذا كانت الآلهةُ قد ترفقت بي يوم التاسع عشر من تشرين الثاني، لتكون مناسبة كتابة الورقة هذه هي الاجمل. أكتب...
طالب عبد العزيز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

إياد العنبر لم تتفق الطبقة الحاكمة مع الجمهور إلا بوجود خلل في نظام الحكم السياسي بالعراق الذي تشكل بعد 2003. لكن هذا الاتفاق لا يصمد كثيرا أمام التفاصيل، فالجمهور ينتقد السياسيين والأحزاب والانتخابات والبرلمان...
اياد العنبر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram