سوزان طاهر/المدى
إذا زرت السليمانية ولم تزر صهولكه فأنت لم تزر المدينة، هذا الشارع الممتدة على جانب شارع سالم الرئيسي، حيث تجد رائحة الشاي على الفحم وأنواع الأكلات الشعبية، فضلاً عن انتشار المقاهي الثقافية، وهو ما يعكس روح المدينة ولياليها الساحرة.
من خلال الأغاني العربية والكردية والحوارات حول الثقافة والأدب والسياسة والصحافة، وأجواء ساحرة في ليالي صاخبة، بعد يوم شاق ومتعب في العمل، يحاول الناس الترويح عن أنفسهم، وتستمر تلك الأجواء حتى ساعة متأخرة من الليل.
ويقول الكاتب والشاعر الكردي نوجين عثمان، خلال حديث لـ(المدى)، إن "شارع صهولكه هو متنفس أهالي السليمانية وقبلتهم التي يرتادونها ليلاً، بعد يوم شاق من العمل"، مشيراً إلى أن "الأجواء في منطقة صهولكه ساحرة، حيث تجد الشاي المطبوخ على الحطب، فضلا عن الباعة المتجولين، الذين يبيعون "حب عباد الشمس" والمكسرات والكرزات بأنواعها المختلفة".
وأضاف أن "وجود مقهى جمال عرفان التأريخي الذي يجتمع فيه المثقفين والأدباء والشعراء، في شارع صهولكه، أعطى له نكهة خاصة وطعماً آخر، خاصة وأنه، ملتقى الأدب والثقافة وعرض النتاجات الثقافية".
وتابع، أن "مقهى الأغا هو واحد من الأماكن التاريخية التي تعكس حاضر وماضي السليمانية، وتضم داخل المقهى مكتبة فيها المئات من الكُتب التي تقدم للزبائن، وكذلك يتم مناقشة المواضيع اليومية المختلفة التي تهم واقع السليمانية".
من جهته، يقول الكاتب الكردي، سامان الجاف، خلال حديث لـ(المدى)، إن "صهولكه هي وجه السليمانية الثقافي والمكان الخاص بقضاء الوقت واللقاء بالأصدقاء لتخفيف عبء العمل اليومية"، لافتاً إلى أنه "دائما ما تكون حلقات للنقاش في المواضيع السياسية بين الحاضرين في صهولكه سواءً في المقاهي أو الذين يشربون الشاي والقهوة على الأرصفة، فهؤلاء ينتمون لتوجهات سياسية وحزبية مختلفة، ولكن نقاشتهم تبقى في طور النقاش الحضاري".
وأردف، أنه"دائما ما تستخدم الأحزاب، منطقة صهولكه للدعاية الانتخابية، خاصة وأنها تجمعاً كبيرا للمواطنين من مختلف الطبقات والشرائح".
ولا يضيق المكان على أحد، رغم ازدحامه وتوافد الآلاف بشكل يومي رغم مختلف الظروف الجوية الصيفية والشتوية، ويتشارك الرجال والنساء بالجلسات، مايعكس التنوع الثقافي والمدني داخل السليمانية.
وصهولكه تعني باللغة الكردية "منطقة الجليد"، وتقع في شارع سالم، بقلب السليمانية، وتمثل روح المدينة وألقها الذي لا ينضب.
ولعل أبرز ما يُميز "صهولكه" عن غيرها من مناطق السليمانية، باعة الشاي فيها، فالحطب أساس الصناعة وهي الطريقة التي يُحبها أهالي المدينة، ورواد شارع سالم.
ويؤكد بائع الشاي داريان أحمد، خلال حديث لـ(المدى)، أنه"يبيع الشاي في هذه المنطقة منذ أكثر من 7 سنوات، ويقدم للزبائن بطريقة مختلفة، وهو ما يجعل الأهالي يتجمعون رجالاً ونساءً ومن مناطق مختلفة يقصدون صهولكه".
وأكمل، أنه "يبيع الشاي في مناطق أخرى صباحاً، ولكن ما يميز صهولكه، أنك ترى مختلف الطبقات من المثقفين والفنانين والموسيقيين والناس البسطاء والعمال وباقي الشرائح، كما ترى التنوع، حيث يأتي السواح لنا من مختلف المحافظات ويقصدون المنطقة لشرب الشاي وأكل الطعام وعيش الأجواء الليلية الساحرة والتقاط الصور في صهولكه".
ولا تختصر أرصفة ومقاهي صهولكه على الرجال وحدهم فالكثير من الناشطات والصحافيات يجتمعن هنا، ويبادلن الرجال أحاديث السياسة والثقافة والفن وأوضاع الإقليم.
وتشرح الناشطة الكردية إيلين لطيف، خلال حديثها لـ(المدى)، أن "الكثير من النساء من الناشطات والإعلاميات يفضلن اللقاء في مقاهي وأرصفة صهولكه، للحديث عن مواضيع مختلفة تخص المرأة والسياسة والأدب والفكر"، مضيفة أن "أكثر النساء يفضلن شرب القهوة في صهولكه ومن ثم التجول بين جوانب الشارع، أو الجلوس في مقهى جمال عرفانأو الحديقة العامة التي تقع في بداية شارع سالم".
وتندرج صهولكه ضمن صنف الأماكن العابرة في جماليات المكان، ومن المميزات الجمالية لهذه الأمكنة هي أنها تجمع أطياف المجتمع العراقي كافة، من عمالٍ ومثقفين وفنانين وسياسيين وشبان وشيوخ ومفكرين وسواح من مختلف المحافظات البلدان.
ومن مميزات الشارع وجود عدد من العازفين الذين يعزفون الأغاني الكردية والعربية على الآلات الموسيقية المختلفة، فكاك إبراهيم واحداً من الذين يميزون شارع صهولكه، وهو الذي يقوم بتشغيل الأغاني على جهاز المسجل القديم، ويتجمع حوله المارة، ليقوموا بالتقاط الصور وإعطائه الهدايا.
ويجتمع سكان السليمانية على حب الشاي كما هم باقي سكان المحافظات العراقية، لكن لشاي صهولكه طعمه ومذاقه الخاص الذي يميزه عن باقي الأماكن، فترى من يزور المكان فقط لشرب الجاي والعودة لمنزله.