TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > فلسفة مواجهة فوضى التخندق الطائفي.. وسيلة وابتكار موضوعي

فلسفة مواجهة فوضى التخندق الطائفي.. وسيلة وابتكار موضوعي

نشر في: 23 يونيو, 2024: 12:00 ص

عصام الياسري

من أجل عراق مدني علماني ودولة مؤسسات فاعلة، ألا يدعو الوضع العراقي المعقد والمليء بالأزمات الخانقة على نحو عقدين من الزمن، ناهيك عن الدفع بالصراعات السياسية إلى ما لا نهاية. أن يكون كل ذلك حافز، لعقد مؤتمر وطني تشارك فيه شخصيات وقوى عراقية مختلفة الإنتماءات، من بينهم مثقفون وكتاب وصحفيون وممثلو منظمات حقوقية وإجتماعية مستقلة، يتداولون الشأن العراقي العام للخروج من الأزمات المتفاقمة التي تعاني منها الدولة والمواطن. أيضا معالجة الممارسات الخطأ لمنظومة إدارة الدولة ومنها التشريعية والتنفيذية والقضائية وتحميل ما يسمى - بالأغلبية- الصامتة مسؤولية ما آل إليه موقفهم مما أرسى قواعد اللعبة بيد الأحزاب الطائفية والشوفينية للهيمنة على مؤسسات الدولة الثلاث والتحكم بالشأن السياسي والإقتصادي والأمني الذي يعاني منه المواطن والمجتمع.
وينبغي على هذا المؤتمر أن يخرج بلائحة مباديء مشروع وطني لاجل التغيير والبناء والإصلاح، مستهدفا بذلك توحيد كلمة القوى الوطنية العراقية الخيرة للعمل المشترك لانقاذ العراق وشعبة من طغمة فاسدة لا تملك من الحس الوطني مقدار ذرة، سوى الدمار والخراب ونهب ثروات الشعب والوطن واللعب بمقدرات الدولة وأملاكها دون محاسبة قضائية…
إن مشروعا وطنيا من هذا النوع إذا أخذ مأخذ الجد، لم يعد بأي حال من الأحوال أمرا صعبا - كما يتصور البعض - بل إن كافة المنظمات والهيئات والمواثيق الدولية تؤكد دون استثناء على حق المواطنين في التعبير عن حرية الرأي والمطالبة بضمان حقوقهم القانونية والسياسية، كما يحق لهم تنظيم الإضرابات السياسية والنقابية لمواجهة الأوضاع المزرية التي تستهدف المصالح العامة للأمة. أيضا أن تقف بحزم بوجه أي نظام لا يحترم حقوق شعبه ووضع حد له وإزالة آثاره.
إن ما يجري في العراق من أساليب منافية للأعراف والقوانين كملاحقة أصحاب العلم والرأي والقلم، بلد يسوده الفوضى وتتخندق فيه الطائفية، تسرق المال العام وتوزع فيما بينها الامتيازات والعقارات كما تنتعش أساليب الخطف والابتزاز المنظم إلى جانب القمع والتهديد السياسي، ولا يسأل الشعب عن رأيه في القضايا المصيرية، ليس أمرا عجيبا!. إنما العجب ألا تجد الأطراف على رأس السلطة ومؤسسات الدولة من أمر يجعل المواطن يشعر بالاطمئنان على حياته ومستقبله وحق المواطنة، كما يشعر بالاقتراب من نهاية النفق وإنهاء نظام المحاصصة الطائفية، وإحلال مكانه دولة المواطنة والمؤسسات…
وعلى ما يبدو أن الوضع السياسي في إطاره العام في العراق يزداد سوءا وتعقيدا، وليس لدى القوى والأحزاب المشاركة في السلطة منذ تعيينها على يد الإدارة الأمريكية، أي تصور لمستقبل العراق بيد أنها تعلمت على طريقة إنسان «الجوردنتال» كيف تنهش الجسد العراقي لتحقيق مآربها المادية والسلطوية غير مكترثة بمصير الأمة والدولة.
إن شعارات جميع الأحزاب داخل السلطة وخارجها، أثبتت فشلها بالمطلق وليس هنالك من سبيل يغنينا شر المحنة لأكثر من عقدين سوى البحث عن مخرجات لها محتوى وإمتداد جمعي… فالنظام الذي يضيق الخناق على شعبه ما زال يعتقد بأحقية الحكم دون منازع. وأحزاب خارج السلطة أخفقت حتى الساعة في تحقيق واحدة من شعاراتها بالقدر الذي أثبتت عجزها في صناعة المبادرة لتحمل المسؤولية.
القاموس الفلسفي يؤكد: ليس المهم بأي وسيلة تعالج المريض، المهم كيف تشفيه!!.
فهل تدرك «الأغلبية الصامتة» العراقية، التي لا تزال غير معنية بالمشاركة السياسية، ولا تزال تتخندق خلف قضبان الحياد تتفرج بإستهتار، مدى خطورة التنصل عن مسؤولياتها الوطنية والأخلاقية. للمساهمة في حفظ سلامة المجتمع وضمان سيادة العراق واستقلاله ووضع حد لنظام حكم طائفي يقوم على المحاصصة التوافقية وتوزيع الغنائم وتشجيع المليشيات ونشر الفساد.. لننتظر حتى يذوب الجليد، عندئذ لم يبق مفر من الإنزلاق نحو نهاية اللاعودة دون ادراك مدى قيمة الجواب على السؤال: ما العمل؟ مبكرا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram