ترجمة: نجاح الجبيلي
كتب فرانتس كافكا رسالة نادرة إلى صديقه وناشره الشاعر النمساوي ألبرت إرنشتاين. وتبين الرسالة مدى معاناة الكاتب البوهيمي من الكتابة على الورق، خاصة مع تدهور صحته.
تزامنت الرسالة، التي سيتم بيعها بالمزاد قريباً، مع تشخيص إصابة كافكا بمرض السل، والذي سينتهي به الأمر بموته والذي، كما يقول العلماء، ربما أضاف إلى إحساسه بالشلل العقلي والعجز.
كتب إلى صديقه وناشره إرنشتاين قائلاً: "حين تتغلغل المخاوف إلى طبقة معينة من الوجود، تتوقف الكتابة والشكوى بشكل واضح. لم يكن تحملي قوياً أيضاً".
ويعتقد الباحثون أن الرسالة غير المؤرخة جرت كتابتها في الفترة ما بين أبريل (نيسان) ويونيو (حزيران) 1920، حين كان كافكا يتلقى العلاج من مرضه في عيادة بميرانو، شمال إيطاليا. من المعروف أن حصار الكاتب طارد كافكا طوال حياته، لكنه تفاقم بسبب حالته البدنية السيئة.
ويُعتقد أن الرسالة مكتوبة بخط اليد بدقة باللغة الألمانية المهذبة والمقروءة، وهي رد كافكا على طلب إيرنشتاين من المؤلف المعروف المساهمة في مجلة (الزملاء) Die Gefährten وهي المجلة الأدبية التعبيرية التي كان يحررها في ذلك الوقت. وكان إيرنشتاين قد اطلع حينها على عمل جديد لكافكا مطبوعًا، وربما كان مجموعته القصصية القصيرة (طبيب ريفي)، التي كتبها عام 1917 ونشرت بعد ذلك بعامين. لكن كافكا سرعان ما حرره من فكرة أنه كان يكتب بنشاط.
وكتب: "لم أكتب شيئا منذ ثلاث سنوات، ما ينشر الآن أشياء قديمة، ليس لدي أي عمل آخر، ولا حتى شيء بدأتُ بكتابته".
وقال غابرييل هيتون، المتخصص في الكتب والمخطوطات في دار سوثبي للمزادات في لندن، التي ستطرح الرسالة للبيع بالمزاد عبر الإنترنت في 27 يونيو (حزيران)، أي بعد 100 عام من وفاة المؤلف، إن رسائل كافكا التي تشير إلى كتاباته نادرة.
وأضاف: "هذا شيء جدّ نادر، فضلاً عن كونه رسالة ذات محتوى مهم تشعر حقًا أنها تجذبك تجاهه، وتمنحك إحساسًا بشخصيته".
وأوضح إن نبرة الرسالة، الموقعة ببساطة باسم "كافكا"، كانت نبرة الكاتب وكذلك نبرة شخص يتحدث إلى صديقه، لكنها "لم تكن رسالة أدبية واعية بذاتها".
وأضاف: "أن يتحدث إلينا كافكا، من بين جميع الكتّاب، عن جمود الكاتب، فهو أمر مؤثر ومفيد بشكل خاص".
وتشمل هذه الإشارات العديد من الجمل اللاذعة والمؤلمة إلى هذه الحالة، مثل "نهاية الكتابة، متى ستأخذني مرة أخرى؟"، و"العجز القديم" و"الجمود التام". عذابات لا تنتهي".
قال هيتون: "نحن ندرك جيدًا إلى أي مدى فرضت الكتابة متطلبات شديدة على كافكا وتطلبت احتياطيات عميقة من قوته الداخلية. لا تشعر أبدًا أن الكتابة سهلة بالنسبة له. إنها أمر مرهق بسبب ذلك، إنه ليس شيئًا يتدفق منه بسهولة، وهذا شعور عميق جدًا".
على الرغم من نغمته الحزينة، إلا أنه في هذا الوقت تقريبًا شرع كافكا في ما يمكن القول إنها علاقة الحب الأكثر حميمية في حياته، مع الصحفية التشيكية ميلينا بولاكوفا يسينسكا، التي كانت قد ترجمت للتو عمله "الوقاد". ويقال إنها أدت دورا فعالاً في تشجيعه على التغلب على ركوده الإبداعي لكتابة روائعه الأخيرة، "القلعة" و"فنان الجوع".
رسالة لكافكا تُظهر صراعه المرير مع الكتابة
ستباع في المزاد قريباً
نشر في: 26 يونيو, 2024: 12:01 ص