TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمودالثامن: ليالي السعادة من هلسنكي إلى أبو ظبي

العمودالثامن: ليالي السعادة من هلسنكي إلى أبو ظبي

نشر في: 2 يوليو, 2024: 12:16 ص

 علي حسين

ظل السؤال الذي يشغل الفلاسفة عبر العصور هو :" كيف يمكننا أن نزيد حظوظنا من السعادة ؟". وكان سقراط يصر إن السؤال يجلب لنا الحقيقة وهذه الحقيقة هي التي ستدلنا على السعادة ، في الوقت الذي كان فيه افلاطون يرى ان السعادة تقوم على نوع معين من التناغم والانسجام بين الرغبات والأهداف ، فيما أصر أرسطو أن يخبرنا إن الاحساس بالسعادة سيقودنا إلى السلوك الحسن..وجاء فيلسوفنا الفارابي ليعلن أنّ "السعادة هي أعظم الخيرات". واعظم الخيرات هو ان ينام المواطن مطمئنا على مستقبله ، ساعيا الى المشاركة الجادة في بناء بلاده .
أعرف جيداً أن الكثير من القرّاء الأعزاء يجدون في حديثي عن السعادة في هذا الوقت الذي تحاصرنا فيه الحروب واعتني بها ال نوعاً من الترف، لكنك ياعزيزي القارئ عندما تعرف أن بلدانا عملت من اجل ان تبقى على قائمة السعادة ولسنوات متواصلة مثل الامارات وفلندا ، ستدرك جيدا لماذا تفرح بلاد مثل العراق لانها حصلت مؤخرا على المركز الخامس عربيا والمركز الـ " 98 " عالميا ، فيما كان مؤملاً لبلاد الرافدين ان تكون بلداً مثل اليابان أو ألمانيا لوفرة أمواله وعقول أبنائه ، وبدلاً من أن يهتم قادتنا الأشاوس بالبناء والعمران انشغلوا بالحروب ، في العام نفسه واعني به عام 1971 قرر الراحل الشيخ زايد تأسيس الإمارات العربية، وبعد خمسة عقود تحولت الإمارات إلى واحة من الجمال وورشة للعمل والسعادة، فيما لا يزال العراق يعتبر تبليط شارع إنجازاً ثورياً لا بد من أن يتصدر الصحف ووكالات الأنباء .
نعم ياعزيزي، يستحق الأمر منا أن نلتفت لتجارب السعادة عند الحكومات التي تحترم شعوبها ، لأننا سوف نعرف مدى الفرق بين بناء ناطحات سحاب، وبين دولة تعجز عن توفير الكهرباء ، صرفنا مئات المليارات من أجل أن نثبت للعالم أننا نعشق "السيادة"، لكننا في الوقت نفسه حرمنا المواطن البسيط من أن يتمتع ولو بشيء بسيط من الرفاهية الاجتماعية . نتحدث عن تجارب الحكومات التي أشاعت نظام الكفاية لكل المواطنين.. مع شعار الحق في الرفاهية والسكن والصحة والتعليم.
اليوم تقاس رفاهية البلدان بما تقدمة لمواطنيها ، وحين تتربع الامارات على عرش السعادة في البلدان العربية بينما العراق ينافس ليبيا في سلم القائمة ، فهذا يعني ان عليك عزيزي القارئ ان تعيد النظر في مفاهيم الحكم ، فلم تعد الدول تتباهى بالصواريخ العابرة للقارات ولا بالشعارات الثورية ، فقد انتصرت في النهاية بلدان مثل فنلندا والامارات لانها منذ سنوات تتربع على عرش البلدان الاكثر سعادة ورفاهية .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: برلمان كولومبيا يسخر منا

العمودالثامن: في محبة فيروز

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: في محبة فيروز

 علي حسين اسمحوا لي اليوم أن أترك هموم بلاد الرافدين التي تعيش مرحلة انتصار محمود المشهداني وعودته سالما غانما الى كرسي رئاسة البرلمان لكي يبدا تطبيق نظريته في " التفليش " ، وأخصص...
علي حسين

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

 لطفية الدليمي العلمُ منطقة اشتغال مليئة بالسحر؛ لكن أيُّ سحر هذا؟ هو سحرٌ متسربلٌ بكناية إستعارية أو مجازية. نقول مثلاً عن قطعة بديعة من الكتابة البليغة (إنّها السحر الحلال). هكذا هو الأمر مع...
لطفية الدليمي

قناطر: أثرُ الطبيعة في حياة وشعر الخَصيبيِّين*

طالب عبد العزيز أنا مخلوق يحبُّ المطر بكل ما فيه، وأعشق الطبيعة حدَّ الجنون، لذا كانت الآلهةُ قد ترفقت بي يوم التاسع عشر من تشرين الثاني، لتكون مناسبة كتابة الورقة هذه هي الاجمل. أكتب...
طالب عبد العزيز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

إياد العنبر لم تتفق الطبقة الحاكمة مع الجمهور إلا بوجود خلل في نظام الحكم السياسي بالعراق الذي تشكل بعد 2003. لكن هذا الاتفاق لا يصمد كثيرا أمام التفاصيل، فالجمهور ينتقد السياسيين والأحزاب والانتخابات والبرلمان...
اياد العنبر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram