TOP

جريدة المدى > عام > قصيدتي تسبح وتضحك

قصيدتي تسبح وتضحك

نشر في: 3 يوليو, 2024: 12:33 ص

شعر: أديب كمال الدين
لوحة: حسن المسعود
سأشعلُ حرفاً من حرفٍ
حتّى أبقى مُبصراً طوالَ حياتي.
*
سأشعلُ ليلاً من ليلٍ
حتّى أجد الفجر.
*
سأشعلُ حلماً من حلمٍ
حتّى أبني لروحي صَرْحاً من نور.
*
البحرُ قريبٌ جدّاً
بل هو ممتدٌّ كالحلمِ أمامي
لكنّي في القصيدةِ أسمعُ أمواجَه بوضوحٍ أزرق
وألمسُ زرقتَه رملاً يتساقطُ من بين أصابع كفّي.
*
حينَ تنقرضُ شمسُ حياتي
ستمرُّ الريحُ بذاكرتي
فلا تجدُ حرفاً يستقبلها
أو يتأمّلها أو يهبّ معها كما اعتادتْ.
فهل ستحزنُ للحال
أم تمرُّ مرورَ العابر الذي لا يأبهُ بأيّ كان؟
*
حرفٌ تحدّثَ كثيراً عن القنبلةِ العانس.
فلما كبرَ تزوجَها
وأنجبَ حرباً شعواء.
*
في ذاكرةِ الحرفِ الأخضر أنَّ الحاءَ هي الحرّيّة،
وفي ذاكرةِ الحرفِ الأزرقِ هي الحقد،
وفي ذاكرةِ الأسْوَدِ هي الحرب،
وفي ذاكرةِ الأبيضِ هي الحُبّ
بعيداً عن كلِّ أكاذيبِ التأويل.
*
حرفٌ علّمني الشِّعْرَ حتّى أفقدني ذاكرتي
فلما ذهبتُ إليه أعاتبه لم يعرفني أبداً.
*
قصيدتُه دلّتني على بئرِ الموت
بدلاً من بئرِ الحُبِّ أو بئرِ الحكمة.
*
آبارُ الرحلةِ لا تُحصى:
أوّلُها بئرُ الوحشة
ثُمَّ بئرُ الخوف
وبئرُ الجوع
وبئرُ اللذّة
وبئرُ الحرمان
وبئرُ الأنين
وبئرُ المنفى.
لكنْ أن تجدَ بئراً للماء
فذلك يعني أنّكَ وجدتَ المصباحَ السّحريّ.
*
الحروفُ تنظرُ إلى الورقة
وتقولُ لي ببراءةِ طفل:
لماذا تكتب؟
أرتبكُ من السّؤالِ فأردُّ بسرعة:
أنا لا أجيبُ على مثلِ هذه الأسئلة!
*
باعتباري مَلِكاً للبحر
قرّرتُ أن أرسمَ لوحةً للبحر
بحجمِ البحر.
ذلك هو المستحيل
ولذا رسمتُ البحرَ بحجمِ سبعين عاماً
من المستحيل.
*
سأشعلُ ذاكرتي بقليلٍ من الحروفِ والورق
فهي ذاكرة تشتعلُ أبدَ الدهر
ولا تعرفُ الطمأنينة
إلّا كما يعرفُ الشّحّاذُ رغيفَ الخبز.
*
هل كانتْ ذاكرتي طائراً تائهاً
يرفرفُ فوقَ رأسي
طوالَ العمر؟
أم نهراً يتصارعُ أبداً
معَ سدٍّ ضخم
أُقِيمَ بمكانٍ سرِّيّ مجهول؟
*
وضعتُ البحرَ في قصيدتي
ففاضَ قلبي وبكى.
وظلَّتْ قصيدتي تسبحُ وتضحك.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

(المدى) تنشر نص قرارات مجلس الوزراء

لغياب البدلاء.. الحكم ينهي مباراة القاسم والكهرباء بعد 17 دقيقة من انطلاقها

العراق يعطل الدوام الرسمي يوم الخميس المقبل

البيئة: العراق يتحرك دولياً لتمويل مشاريع التصحر ومواجهة التغير المناخي

التخطيط: قبول 14 براءة اختراع خلال تشرين الثاني وفق معايير دولية

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

الفلسفة ركيزة اساسية للذكاء الإصطناعي

موسيقى الاحد: موتسارت الاعجوبة

الدكتور سامي سعيد الأحمد.. مدونات التاريخ القديم بين وضوح المنهج ودقة التوثيق

فاضل السلطاني شاعر الترحال والبحث عن الذات

رواية سونتاج (في أمريكا) عن الهجرة واكتشاف الذات

مقالات ذات صلة

بروتريه: عبد الستار ناصر.. السارد الذي حكى سيرته بشجاعة
عام

بروتريه: عبد الستار ناصر.. السارد الذي حكى سيرته بشجاعة

علاء المفرجي القاص عبد الستار ناصر ، ولد في محلة الطاطران ببغداد في العام 1947، ودرس فيها نشر عدداً من القصص القصيرة في وقت مبكر من مسيرته الإبداعية، قبل أن يصدر كتابه الأول (لا...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram