علاء المفرجي
في موضوع كتبه الناقد الكبير محمد رضا، عن خروج فيلم "ميغالوبوليس" فرانسيس كوبولا من مهرجان كان خالي الوفاض، من أي جائزة من جوائز المهرجان.. والناقد رضا يلقي باللوم على لجان التحكيم في المهرجان، وكان هو قد شاهد الفيلم. يقول الناقد محمد رضا: "لننسَ حجم هذا المخرج العملاق ومكانته في السينما الأميركية وتاريخه السينمائي الناصع. المشكلة التي واجهت نصف نقاد "كان" وكل رجال ونساء لجنة التحكيم هي عدم الاهتمام بمضمون الفيلم من ناحية وعدم الاكتراث للإبداع الفني الذي تفوّق به كوبولا على كل فيلم آخر اشترك في المسابقة من ناحية أخرى."
ولئن اذكر ذلك رغم أني للأن لم أشاهد الفيلم، فلأنني انحاز بشكل مطلق لمسيرة هذه المخرج الكبير، الذي يكفيه أنه صاحب واحدا من تحف السينما في مجمل تاريخها على الإطلاق وهو فيلم "العراب" الذي أصبح أيكونة سينمائية خالة، هذا فضلا عن فيلمه الذي انتزع جائزة المهرجان قبل اكثر من أربعين عاما.
وإن كان ما كتبه الناقد رضا هو وجهة نظر عن مشاركة كوبولا بفيلمه الذي نال إهتمام أغلب نقاد السينما، وإن اعترض البعض عليه، لفهمهم الخاص لفلسفة كوبولا، فأن ذلك لا يمنع من التذكير بوانجازات واحد من أعظم معلمي السينما على مر تاريخها.
حيث قام كوبولا في بداياته بإخراج بضعة أفلام في مجال الإثارة والرعب. أبرزها فيلم (ديمانتيا 13) الذي قدمه عام 1963 وقام بكتابته وإخراجه ولاقى استحسان النقاد. في عام 1966 قام كوبولا بكتابة سيناريو فيلمين ناجحين هما (ملكية ممنوعة) و (هل باريس تحترق؟). وفي عام 1969 قد فيلم (اناس المطر) كمنتج وكاتب ومخرج. قام ببطولة الفيلم جيمس كان وروبرت دوفال. وفاز الفيلم بجائزة مهرجان سان سباستيان. في سنة 1971 حصل كوبولا على جائزة الأوسكار لأفضل سيناريو عن فيلم باتون.
عام 1972، بسن التاسعة والعشرين قدم كوبولا أشهر أفلامه على الإطلاق، العراب. وضعه الفيلم في مصاف المخرجين المعتبرين. فاز كوبولا بجائزة الأوسكار لأحسن سيناريو بالمشاركة مع مؤلف رواية العراب الكاتب ماريو بوزو. نجاح الفيلم مهد الطريق للمخرجين الشباب أمثال: ستيفن سبيلبرغ وجورج لوكاس ومارتن سكورسيزي، ووودي آلن الذين ساهموا في صناعة ما يطلق عليه هوليود الجديدة. ويعتبر فيلم العراب من أهم الأفلام السينمائية عموما.
في عام 1973 قام كوبولا بإنتاج فيلم زخرفة أمريكية لصديقه المخرج جورج لوكاس. وقام بكتابة سيناريو فيلم غاتسبي العظيم. في العام التالي قدم كوبولا فيلم الإثارة محادثة من إخراجه وتأليفه وإنتاجه. وحصل الفيلم على جائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي. وقدم أيضا الجزء الثاني من فيلم العراب الذي لم يقل نجاحه عن نجاح الجزء الأول. حصل الفيلم على 6 جوائز أوسكار منها جائزتان لكوبولا كأفضل مخرج وأفضل سيناريو مقتبس.
وفي عام 1979 قدم كوبولا آخر نجاح له مع فيلم القيامة الآن عن حرب فيتنام المستوحى من رواية قلب الظلام. وقد استغرق تحضير الفيلم ثلاث سنوات تخللها إشكالات بين المخرج وبين استوديو يونايتد آرتيست. شارك في الفيلم كل من مارلون براندو وروبرت دوفال الذي رشح لجائزة الأوسكار لأفضل ممثل مساعد. حقق الفيلم نجاحا نقديا وتجاريا كبيرا، ويعد من أهم الأفلام على الإطلاق.
يقول رضا في آخر مقاله: "ميغالوبوليس" هو تذكير وإشادة بتاريخ كوبولا الرائع. خطأ لجنة تحكيم "كان" هو أنهم منفصلون تماماً عن مفهوم الأعمال التي تتطلب احترافاً ومضامين أكبر حجماً مما تطرحه الأفلام الأخرى بما فيها "أنورا"، الذي لا يعدو سوى فيلم تسلية خفيف المحتوى والمعالجة.