خاص/المدى
أوضحت مفوضية حقول الإنسان في العراق، اليوم الاثنين، أسباب ازدياد نسبة الإصابات بمرض السرطان، مبينة "هناك تحديات كبيرة مثل تلكؤ العمل في إكمال المستشفيات، وعدم توزيع الأطباء والمعدات الطبية على نحو عادل، وتلكؤ توفير الأدوية".
ويشرح عضو مفوضية حقول الإنسان، سرمد البدري، خلال حديث لـ (المدى)، أن "العراق شهد ارتفاعًا ملحوظًا في التعداد السكاني بعد عام 2003، ما وضع ضغوطًا هائلة على البنية التحتية الصحية"، مشيراً إلى أن "الدولة لم تواكب هذه الزيادة بتوفير الحد الأدنى من الرعاية الصحية الأساسية، التي تشمل (الرعاية الصحية الأولية، والغذاء الأساسي، والصرف الصحي، والمياه النقية، والأدوية الأساسية)".
ويضيف، أن "العراق عانى على مدى العقود الخمسة الماضية من حروب متتالية واستخدام الأسلحة المحظورة من قبل النظام البائد والقوات الإيرانية وقوات التحالف الدولي في حروب 1980، 1991، و2003، كما كان للحصار الاقتصادي الدولي تأثير كبير في الوضع الصحي في البلاد".
ويوضح البدري، أن "أحد أبرز الأخطار الصحية في العراق هو تلوث الأنهار بمياه الصرف الصحي غير المعالجة، كما تشكل النفايات الطبية من المستشفيات والمراكز الطبية خطرًا كبيرًا على الصحة العامة، وتزيد انبعاثات المصانع والسيارات من تلوث الهواء، مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات الإصابة بأمراض السرطان".
ويكمل: "تعاني القرى والأرياف من نقص حاد في المرافق الصحية، خاصة مراكز علاج السرطان، إذ يضطر المرضى إلى السفر إلى العاصمة لإجراء الفحوصات وتلقي العلاج الكيميائي، وزادت أعداد المصابين بالأمراض السرطانية نتيجة الحروب واستخدام الأسلحة الكيماوية، بالإضافة إلى التلوث الناجم عن المؤسسات الحكومية والخاصة التي لا تلتزم بقانون حماية البيئة".
ويبين أن "سرطان الثدي في مقدمة الإصابات السرطانية لدى النساء في العراق، حيث تبلغ نسبة الإصابة به نحو 22 حالة لكل 100,000 أنثى سنويًا، ويقدر أن 70% من الحالات تُكتشف في مراحل متأخرة، مما يزيد من معدلات الوفاة"، مبيناً "تتراوح نسبة الوفيات بسرطان الثدي بين 70-85% مقارنة بباقي أنواع الأورام، وتعزى هذه الوفيات إلى التأخر في الكشف عن المرض وعدم الالتزام بالعلاج".
ويؤكد عضو مفوضية حقوق الإنسان، أن "هناك تحديات كبيرة مثل تلكؤ العمل في إكمال المستشفيات، وعدم توزيع الأطباء والمعدات الطبية على نحو عادل، وتلكؤ توفير الأدوية، ومع تحقيق الاستقرار الأمني".
من جهتها، تقول الناشطة المدنية، مينه تحرير، خلال حديث لـ (المدى)، إن "عدد مرضى السرطان حسب آخر إحصائية بلغ (35) ألف مريض، يحتاج جميعهم إلى جلسات الإشعاع أو الجرع الكيمياوية".
وتضيف، أن "المرضى يعانون من مشكلة تلقي جلسات الإشعاع لأنها تتراوح بين 15 ـ 30 جلسة، وفي مدينة الطب لا يوجد إلا جهازين فقط، ويتطلب الحجز لهما ما يقارب الثلاثة أشهر"، مشيرة إلى "عند تعطل أحد الأجهزة يبقى السبيل الوحيد هو المستشفيات الأهلية التي غالباً ما تكون جلسات الإشعاع تتراوح أسعارها ما بين 140$-250$".
وفيما يخص أجهزة مرضى السرطان، تشرح الناشطة المدنية، أنه"يصعب على المريض جمع مبلغ الفحص، فضلاً على أنها غير متوفرة في المستشفيات الحكومية، حتى اُسْتُحْدِث جهاز (البت سكان) مؤخراً في مستشفى الأمل، لكنه لا يسد النقص الموجود".
وتتابع مينه تحرير، أن "دورنا كمنظمات مجتمع مدني وناشطين في مجال دعم مرضى السرطان والأطفال تحديداً، هو توفير هذه العلاجات المنقطعة ودفع أجور العمليات والإشعاع وجمع التبرعات والتنسيق مع المستشفيات".
وكان المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة سيف البدر، أعلن العام الماضي، أن المعدل السنوي للإصابة بمرض السرطان في العراق يبلغ 2500 حالة إصابة، بينها 20 بالمائة إصابات بسرطان الثدي، وقد حصدت البصرة أعلى نسب الإصابة بالسرطان بين عامَي 2015 و2017، فقد تراوحت بين 400 و500 إصابة شهرياً، لكنها ارتفعت بنسبة تصل إلى 200 بالمائة تقريباً خلال 2018.
وفي تشرين الثاني نوفمبر عام 2018، أصدر ديوان الرقابة المالية تقريرا لتقويم أداء سياسة وزارة الصحة والبيئة حول توفير المستلزمات الضرورية للكشف المبكر عن الأمراض السرطانية، وقد وردت فيه إشارة إلى ارتفاع في معدّلات الإصابة بالسرطان نظراً إلى عدم توفر المتطلبات الكافية للكشف المبكر عنه والحدّ منه.
كما أشار التقرير إلى أنّ من بين أبرز المشكلات التي تتسبب في زيادة عدد المصابين بالمرض قلّة عدد الكوادر الطبية والأجهزة المتخصصة، بالإضافة إلى عدم امتلاك الوزارة رؤية واضحة لتحديد المتطلبات التي تستوجبها الخدمة العامة في هذا المجال.