 ذي قار / حسين العامل

شهدت عطلة نهاية الاسبوع 3 احداث عكرت اجواء عاشوراء في ذي قار تمثلت بإقدام جهة متنفذة بتجريف سياج مدينة العاب الناصرية في محاولة للاستحواذ على موقعها، واستهداف ناشط مدني رافض لعبث الاحزاب بالمال العام، ناهيك عن نشوب حريق في شعبة الاملاك في بلدية الناصرية، وهو ما وصفته الحكومة المحلية بمحاولة لخلط الاوراق.

وقال شهود عيان لـ(المدى) ان "مجموعة كبيرة من الجرافات (شفلات) يرافقها رتل مركبات نوع تاهو وسيارات بيك اب تحمل مسلحين قامت فجر يوم الجمعة بتجريف سياج مدينة العاب الناصرية"، مرجحين ان "يكون هذا الفعل مقدمة لمحاولة الاستحواذ على مدينة الالعاب التي يدور نزاع حول ملكية الأرض المقامة عليها منذ نحو 10 اعوام".
وبالمقابل وعلى الفور احتشد العشرات من المتظاهرين للوقوف بوجه عمليات التجريف التي تستهدف الاماكن ذات النفع العام ملوحين بالتصعيد ومحاسبة المسؤولين عن ذلك وهتف المتظاهرون (بنص الليل باكونه الحرامية) و(باسم الدين باكونه الحرامية) و(كلا كلا للأحزاب).
وقال الناشط البارز في الحراك الاحتجاجي في الناصرية احسان الهلالي في مقطع فديوي بثه بعد لحظات من عملية التجريف وتابعته (المدى) ان "مدينة العاب الناصرية تعرضت عند الساعة الثالثة فجرا وتحت جنح الظلام لتجريف سياجها الخارجي من قبل مجموعة مسلحة وصفها بـ "عصابات الاحزاب"، مشيرا الى ان "المجموعة المهاجمة استخدمت 7 شفلات واكثر من 20 سيارة نوع تاهو وبيكبات لتوفير الحماية لها".
ودعا قيادة الشرطة الى اتخاذ الاجراءات القانونية بحق المتجاوزين وتقصي أثرهم عبر منظومة الكاميرات الامنية"، مشددا على ان "المتظاهرين واهالي الناصرية لن يقفوا مكتوفي الايدي تجاه اي محاولة للاستحواذ على املاك الدولة وحرمان المواطنين من اماكن الترفيه".
وعلى إثر ذلك وعقب اتهامه للأحزاب بالتورط بتجريف مدينة الالعاب تعرض منزل الناشط احسان الهلالي الى هجوم من قبل مسلحين وقال شهود عيان ان "مجموعة مسلحة تستقل سيارة بيكب قامت بإطلاق النار على منزل الهلالي ولاذت بالفرار"، مؤكدين "عدم تسجيل اصابات بشرية وان الاضرار اقتصرت على اثار بسيطة في واجهة المنزل".
ولم تمض سوى ساعات على مهاجمة دار الهلالي حتى اعلنت الحكومة المحلية عن نشوب حريق في شعبة الاملاك التابعة لمديرية بلدية الناصرية وقال محافظ ذي قار مرتضى الابراهيمي في تسجيل فيديوي بثه مكتبه الاعلامي واطلعت عليه (المدى) ان "ما يجري في ذي قار من اعتداء على مدينة الالعاب واستهداف دائرة البلدية وتعرض منزل ناشط مدني لهجوم مسلح هو محاولة لخلط الاوراق"، واضاف ان "المحافظة بحاجة الى اعاد النظر بما يحصل وفرض الامن". واضاف خلال جولة ميدانية على المواقع التي جرت فيها الاحداث "كل ذلك لن يثنينا عن عزمنا".
ووصف الابراهيمي الحريق الذي تعرضت له شعبة الاملاك في بلدية الناصرية بانه بفعل فاعل نافيا ما يشاع بانه حريق ناجم عن تماس كهربائي، مؤكدا تواصله مع وزير الداخلية ورئيس مجلس الوزراء حول ما حصل من دون ان يكشف عن طبيعة الاجراءات القادمة.
وفي ذات السياق أعلن محافظ ذي قار عن تشكيل لجنة تحقيقية عاجلة لمعرفة الجهة التي قامت بهدم سياج مدينة العاب الناصرية، واوضح بيان صادر عن مكتبه الإعلامي تلقت (المدى) نسخة منه أنه "جرى التواصل مع وزير الداخلية ومطالبته بمتابعة الأمر بشكل شخصي نظرا لأهمية مدينة الألعاب بالنسبة لأبناء المدينة، مشيرا إلى توجيه دائرة بلدية الناصرية برفع دعوى قضائية بحق من قام بهذا العمل وتشكيل لجنة لإعادة السياج إلى ما كان عليه سابقا وعلى حساب من تثبت إدانته بهذا العمل".
واشار البيان الحكومي الى ان "المحافظ اوعز إلى بلدية الناصرية بتشغيل المدينة والحفاظ عليها وعلى معداتها وفق سياقات العمل القانونية مع التوجيه بوضع نقطة حراسة أمنية دائمية لحمايتها والقبض على كل من يحاول التجاوز والعبث بممتلكات الدولة وتقديمه للعدالة".
بدوره، قال الناطق الاعلامي باسم رئيس مجلس محافظة ذي قار ياس الخفاجي لـ(المدى) ان "رئيس مجلس محافظة ذي قار عبد الباقي العمري وجه بتشكيل لجنة فنية للتحقيق في ملف مدينة العاب الناصرية"، مبينا ان "اللجنة تشكلت برئاسة رئيسة لجنة النزاهة في مجلس المحافظة هدية الخيكاني وعضوية لجنة الخدمات واللجنة الفنية للتحقيق في الملف على ان تحسم النتائج خلال 3 ايام بعد مراجعة كل التفاصيل".
ويجد الخفاجي ان "رئيس مجلس المحافظة عازم على متابعة الموضوع وكشف التفاصيل للرأي العام في ذي قار"، مؤكدا "رفض مجلس المحافظة لأية محاولة لاستهداف الاملاك العامة وانه سيقوم بكشف اسم الجهة المتورطة بذلك مهما كانت".
بالمقابل، كشف مسؤول سابق في محافظة ذي قار عن طبيعة النزاع على ملكية ارض مدينة العاب الناصرية وقال ان "المدينة التي شيدت في سبعينيات القرن الماضي على ارض عائدة للدولة تماما وشهد بذلك جملة من اعيان المحافظة الذين عاصروا تلك الحقبة"، مبينا ان "المدينة تتكون من ثلاث مقاطعات هي ٣٦ و٣٧ و٣٨ وفي عام ٢٠٠٧ احيلت لاحد المستثمرين بطريقة المساطحة وجرت اعادة بنائها وفتحت ابوابها للزائرين".
وتابع المسؤول السابق "بعد سنوات من ذلك ادعى مواطنون ان المقاطعات ٣٧ و٣٨ هي ملك لهم وقدموا ذلك للقضاء وبعد دعوة طويلة كسبوا القضية"، وأردف ان "ما تبقى من المدينة الان هو المقاطعة ٣٦ المقابلة لفوج المهمات فقط وهي بعهدة مستثمر الان مساحتها ٦ دوانم ونصف تقريبا من اصل ٣٨ دونم كانت مساحة المدينة الكلية".
ويجد المسؤول السابق ان "المقاطعات ٣٧ و٣٨ اصبحت ملكا صرفا لمواطنين وبموجب قرار قضائي واجب التنفيذ"، منوها الى ان "المسؤولين الحاليين يترددون في الكشف عن الحقيقة".