 ذي قار / حسين العامل

بالتزامن مع يوم الطفل العراقي حذرت منظمات مجتمعية مهتمة بشؤون الاسرة والطفل في ذي قار من مخاطر العنف الاسري والمجتمعي والتسرب من مقاعد الدراسة والاستغلال الجنسي على الاطفال، مؤكدة رصد تراجع مستمر في مجال حماية حقوق الطفل. وقررت الحكومة العراقية عام 2007 جعل الثالث عشر من تموز من كل عام يوم الطفل العراقي، إحياء لذكرى عشرات الأطفال الذين قتلوا في التفجيرات الإرهابية التي استهدفتهم في منطقة النعيرية ببغداد عام 2005.

وعن تقيمها لواقع الطفولة بالعراق قالت مسؤولة منظمة أور لثقافة المرأة والطفل الناشطة منى الهلالي لـ(المدى) ان "العراق وان كان قد وقع على اتفاقية حقوق الطفل منذ اواخر ثمانينيات القرن العشرين وضَمَّنَ بعض موادها في الدستور العراقي الا ان الواقع الراهن يشير الى انتهاكات خطيرة لحقوق الطفل"، مشيرة الى "تعرض الاطفال الى العنف الاسري والمجتمعي والاستغلال الجنسي الذي قد يفضي في كثير من الاحيان الى قتل الاناث منهم غسلا للعار".
وتجد الهلالي ان "الاطفال يتعرضون ايضا الى استغلال آخر من قبل عصابات الجريمة المنظمة او من اسرهم في بعض الاحيان عبر زجهم في عمليات التسول او الترويج ونقل المواد المخدرة"، محذرة من "مخاطر الابتزاز الإلكتروني الذي يتعرض له الاطفال من قبل عصابات الجريمة الالكترونية عند استخدام أجهزة الاتصال والدخول الى عالم الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي".
واشارت الى ان "بعض الاسر تستخدم الاطفال في الدعاية او صناعة المحتوى الالكتروني وهو ما يعرضهم في الكثير من الاحيان الى التنمر والسخرية والحط من كرامتهم وهو ما سينعكس سلبا على طبيعة سلوكهم وتربيتهم وبناء شخصيتهم".
وتحدثت مسؤولة منظمة أور لثقافة المرأة والطفل عن تفشي ظاهرتي تسرب الاطفال من المدارس وعمالة الاطفال، مبينة ان "الكثير من الاطفال حاليا في سوق العمل ويعملون في ظل ظروف قاسية واعمال لا تتناسب مع اعمارهم".
لافتة الى ان "قانون العمل العراقي يشدد على منع عمالة الاطفال غير ان هذه الظاهرة اخذت بالتنامي خلال الاعوام الاخيرة"، واردفت "والامر نفسه نراه في مجال عدم تفعيل قانون التعليم الالزامي حيث تتفاقم ظاهرة التسرب من مقاعد الدراسة".
وخلصت الهلالي الى القول ان "هناك تدنيا في مستوى حماية الطفل العراقي في ظل مخاطر العنف وتعدد مصادره وانواعه في المجتمع"، منوهة الى تقارير دولية تؤيد ما ذهبت اليه.
واشارت مسؤولة منظمة أور لثقافة المرأة والطفل الى ان "منظمة اليونيسف سبق وان حذرت من جملة من المخاطر التي يتعرض لها اطفال العراق ومن بينها المخاطر الصحية والتربوية والاقتصادية والبيئية الناجمة عن المتغيرات المناخية وتداعياتها المتمثلة بنقص المياه والغذاء والهجرة والنزوح وانعكاس ذلك سلباً على حياة الاطفال ومستقبلهم". ودعت الهلالي الحكومات المحلية والمركزية الى اتخاذ التدابير اللازمة للحد من انتهاك حقوق الطفل وذلك عبر تبني برامج اقتصادية ومجتمعية وتوعوية لحماية الاطفال، مشددة على "اهمية تفعيل القوانين العراقية بصورة جدية للحد من تلك الانتهاكات والعمل على انقاذ الاطفال من المخاطر التي تهدد حياتهم ومستقبلهم".
بدوره، ايد رئيس جمعية حماية وتطوير الأسرة العراقية حقي كريم هادي ما ذهبت اليه زميلته واضاف ان "الاتفاقيات الاممية التي وقع عليها العراق في وقت سابق تنص على حماية حقوق الطفل وهي واجبة التطبيق"، مشددا على اهمية ان "تكون المؤسسات الحكومية بمستوى المسؤوليات الملقاة على عاتقها في مجال حماية الاطفال من الانتهاكات وتأمين متطلبات العيش الكريم لهم ولأسرهم".
وشدد هادي على اهمية حماية الاطفال والفتيات القاصرات من العنف الاسري والاستغلال الجنسي وزواج القاصرات، مؤكدا رصد حالات زواج تحصل بأعمار صغيرة جدا وتنتهي بنهايات مفجعة.
ويرى رئيس جمعية حماية وتطوير الأسرة العراقية ان "الاطفال هم ضحايا جملة من الظروف القاهرة من بينها التفكك الاسري والتسرب من الدراسة وعمالة الاطفال والعنف المجتمعي وغير ذلك من الظواهر التي يكون فيها الاطفال الحلقة الاضعف في المجتمع"، مشيرا الى ان "الاناث من الاطفال يتعرضن لظلم مضاعف نتيجة التمييز الاسري والمجتمعي". ويجد هادي ان "واقع الطفل العراقي في تراجع مستمر وفي مختلف المجالات المتعلقة بضمان حقوقه وتأمين حمايته".
ودعا رئيس جمعية حماية وتطوير الأسرة العراقية الى التعجيل بتشريع قانون حماية الاسرة من العنف وتفعيل قانون التعليم الالزامي وغيرها من القوانين التي تؤمن الحماية للأطفال من المخاطر التي تواجههم والتي قد تدفع بهم الى بؤر الانحراف والجريمة.
ويوم الطفل هو اليوم الذي يحتفل فيه بالأطفال، في تواريخ تقويمية مختلفة، في مختلف دول العالم، حسب تراثها وإرثها الحضاري، اذ أُعلن يوم الطفل العالمي في عام 1954 باعتباره مناسبة عالمية يُحتفل بها في 20 تشرين الثاني / نوفمبر من كل عام لتعزيز الترابط الدولي وإذكاء الوعي بين أطفال العالم وتحسين رفاههم، ففي يوم 20 تشرين الثاني/ نوفمبر تم كذلك اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة إعلان حقوق الطفل في عام 1959، كما أنه كذلك تاريخ اعتماد الجمعية العامة اتفاقية حقوق الطفل في عام 1989. ومنذ عام 1990، يحتفى باليوم العالمي للطفل بوصفه الذكرى السنوية لتاريخ اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة لإعلان حقوق الطفل وللاتفاقية المتعلقة بها. وكانت الحكومة قد اقرت في عام 2020، مشروع قانون مناهضة العنف الأسري داخل مجلس الوزراء، وأرسلته إلى مجلس النواب الذي لم يتمكن من إقراره وسط تجاذبات ومخاوف وعراقيل من قبل الكتل السياسية المتنفذة التي تنطلق من آيديولوجيات دينية، بحجة أن القانون تقليد لقوانين غربية، ويمنح المرأة حق الحصول على رعاية حكومية، وهو ما تراه تلك الأحزاب يشجع النساء على التمرد.
وكشفت مؤسسات حكومية ومنظمات مجتمعية في ذي قار في (منتصف تشرين الثاني 2023) عن تعرض نحو 80 بالمئة من الاطفال الى العنف بمختلف انواعه، وفيما اشاروا الى ان ثلث الاطفال الاحداث الموقوفين في مراكز الاحتجاز هم دون سن 11 عاما، حذروا من تفاقم مظاهر انتهاك حقوق الاطفال وتأمين الحماية والرعاية الكاملة لهم.
وكان مكتب مفوضية حقوق الانسان في ذي قار حذّر يوم السبت (23 شباط 2019) من مخاطر تعرض الأطفال الى التشرد والتسول وعمالة الاطفال والاستغلال الجنسي، وفيما عزا أسباب انتهاك حقوق الطفل الى تردي الأوضاع الاقتصادية وتدهور واقع التعليم وعدم توفير بيئة مناسبة لتعليم الأطفال وارتفاع معدلات التسرب بين الطلبة، دعا الى التعجيل بتشريع قوانين لحماية الطفولة والشرائح الهشة.