اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

نشر في: 21 يوليو, 2024: 12:14 ص

 علي حسين

في ملحمته الإلياذة يروي لنا الشاعر الاغريقي هوميروس كيف أن أسوار مدينة طروادة كانت عصيّة على الجيوش الغازية . فما كان من هؤلاء إلا أن لجأوا إلى الحيلة فقرروا أن يبنوا حصاناً خشبياً ضخماً، ملأوا داخله بالمقاتلين، ثم تركوه عند باب المدينة.. وفي الصباح تطلّع أهالي طروادة إلى الحصان فقالوا لأنفسهم، إن الالهة رضيت عنا أخيراً، فأرسلت لنا هذه الهدية.
أتذكر أنني أعدت قراءة الإلياذة في أكثر من مرة ، وفي كل مرة أعيد أجد نفسي إزاء حكاية أخرى للجهل الذي يحيط بنا جميعاً، ولعل الدرس الذي أراد أن يقدمه لنا هوميروس هو : من السهل أن تقع في الفخ ولكن من الصعب أن تخرج منه ..ويعلمنا أن أكثر الرذائل المستعصية على التقويم هي من قبيل جهل الذي يتوهم بأنه يعرف كل شيء، ومن ثم يدعي لنفسه الحق في خداع الآخرين.
يخبرنا المؤرخ إدورد غيبسون بأن الإمبراطوريات تسقط عندما يستبيح المسؤول لنفسه عمل كل شيء باسم القانون، وأيضاً عندما يستبيح لنفسه خداع الناس تحت شعارات براقة .. تسقط الدول حين يفتح المسؤول والسياسي أبواب التنكيل والتهميش والإقصاء ، ويغلق نوافذ التسامح والمحبة والعفو، وتعمر البلدان حين يؤمن مسؤوليها بأن الحرية حق، والأمان حق، وحب الحياة حق.
في روايته "الخراب" التي صدرت ترجمتها العربية قبل أعوام يروي لنا الكاتب رونان بنيت، حكاية المدينة التي يصمم قادتها على تقسيمها إلى نصفين .. وعليك أن تقرر أنت مع من تقف ، لا مكان لاثنين متفقين على رأي، لابد من الاختلاف كي يعيش القادة بأمان .. لابد من أن ينشط الناس في مراقبة بعضهم البعض في الطرقات والحدائق وأماكن العمل .. أي كلمة لاترضي الكبار تثير حفيظة الناس ضد قائلها وتستدعي ملاحقة صاحبها والتحقيق معه .. الكل أعداء لأنهم ليسوا من طائفتي ، والكل متآمرون لأنهم لايريدون لي الاستمرار في الجلوس على أنفاس البلدة.. الجميع أعداء ومتآمرون إلا أنت وجماعتك، لذلك لا يسمح لك بمغادرة أرض الخوف، مواطن خائف ومذعور أفضل عندهم من أولئك المغامرين بجرأتهم والمبادرين بانفتاحهم، الخائفون يسهل اقتيادهم وتدجينهم، يسهل غمر عقولهم بسيناريوهات المؤامرات التي لا يظهر لها دليل ولا برهان، يسهل إقناعهم بالخطر الذي يتهدد الناس حتى في بيوتهم .
أيها السادة يامن عدتم من جديد إلى قاعة البرلمان العراقي ، عليكم أن تقرأوا الإلياذة العراقية جيداً وإياكم الظن من أن الديموقراطية تعني الزهو والانتصار لمجرد حصول البعض منكم على الأكثرية. لأن الديمقراطية الحقيقة وليست الديمقراطية العراقية هدفها الاول أن يكون كل سياسي ضامناً لمصالح جميع الناس، وليس لمصالح حزبه او طائفته فقط .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

التجنيس الأدبي والاكتفاء الذاتي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

 علي حسين في ملحمته الإلياذة يروي لنا الشاعر الاغريقي هوميروس كيف أن أسوار مدينة طروادة كانت عصيّة على الجيوش الغازية . فما كان من هؤلاء إلا أن لجأوا إلى الحيلة فقرروا أن يبنوا...
علي حسين

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

 لطفية الدليمي غريبٌ هذا الهجومُ الذي يطالُ الراحل (علي الوردي) بعد قرابة الثلاثة عقود على رحيله.يبدو أنّ بعضنا لا يريد للراحلين أن ينعموا بهدوء الرقود الابدي بعد أن عكّر حياتهم وجعلها جحيماً وهُمْ...
لطفية الدليمي

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

طالب عبد العزيز هذا ما كتبه ابو المحن المحسود البصريّ لاِبنهِ ذي الهمّة، الذي واصل الليل بالنهار، متصفحاً خرائط المدن والاسفار، عاقداً وشيعة الامل بالانتظار، شاخصاً بعينه الكليلة النظيفة، متطلعاً الى من يأخذ بيده...
طالب عبد العزيز

ريادة الأعمال.. نحو حاضنة شفافة

ثامر الهيمص مخرجات الشفافية, تمتاز عن غيرها, بأن ردود الفعل تأتي انية في النظر او العمل, مما يجعلها تمضي بوضوحها مستفيدة من هنات وليس عثرات تراكمت اسبابها مسبقا في عالم الا شفافية, اللهم الا...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram