اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > عام > (لعنة فلوريس)، رواية برازيلية تربط الماضي بالحاضر بخيوط الدانتيل

(لعنة فلوريس)، رواية برازيلية تربط الماضي بالحاضر بخيوط الدانتيل

نشر في: 22 يوليو, 2024: 12:23 ص

ترجمة: عدوية الهلالي
في هذه القصة المؤثرة التي توحد البرازيل اليوم مع تلك التي كانت موجودة قبل 100 عام، تروي أنجيليكا لوبيز قصة مجموعة من صانعي الدانتيل من بيرنامبوكو الذين يحررون أنفسهم من خلال التطريز.
تقول الكاتبة: "لم تكن قرابة الدم تربطنا جميعًا، ولكن يجمعنا فن التعامل مع الخيوط والدانتيل لتحويلها إلى لوحات قماشية فريدة من نوعها." هذا الفن الذي تتحدث عنه رواية لعنة فلوريس هو فن دانتيل عصر النهضة، وهو فن تمارسه النساء في أعماق شمال شرق البرازيل. ويغمرنا كتاب أنجيليكا لوبيزالصادر مؤخرا عن دار سول للنشر في واقع مختلف تمامًا عما نراه في البرازيل اليوم، إذ تدور الاحداث في قرية بوم ريتيرو الصغيرة، حيث تعيش إينيس وكانديدا ويوجينيا والعمة فيرمينا اللواتي ينجزن المطرزات بأصابع خرافية.تجري الاحداث في عام 1918،في تلك الزاوية النائية من البرازيل،حيث تسود السلطة الأبوية وحيث يُسمح لنساء عائلة فلوريس بكسب المال للحصول على استقلالية معينة وعدم الاعتماد على الرجال لأنهن ضحايا لعنة أطلقتها امرأة غجرية على عشيرتهن التي تدعي أنه بمجرد أن يتزوج المرء، فإنه يموت مبكرًا. ولذلك فإنهن يعيشن فيما بينهن، بعيدًا عن السكان الذكور الذين يخافون من الفأل الرهيب.
تبدأ القصة عندما تُجبر صديقتهما يوجينيا على ترك دائرة المطرزات لتتزوج رغماً عنها في سن الخامسة عشرة من عقيد وأرمل وسلطوي. ثم تخترع الشابة ذات الشخصية القوية رمزًا سريًا، مخبأ في غرز دانتيلها، مما يسمح لها بالتواصل مع صديقتها المفضلة إينيس، لوضع خطة للهروب بهدف الوصول إلى مدينة ريسيفي الكبيرة حيث ستتمكن الحركة النسوية الطليعية، من مساعدتها في معركتها.
وتنشر الكاتبة انجليكا لوبيز الحائزة على جوائز في البرازيل في أدب الأطفال روايتها الأولى للكبار. ومع ذلك، فإن الكاتبة التي تعيش في ريو دي جانيرو هي أيضًا كاتبة سيناريو لروايات TV Gobo القوية، ويصنع إحساسها بالإيقاع والتشويق العجائب في هذه الرواية فهي تقدم صفحات رائعة أكثر أصالة وكثافة من خلال سياقها الغريب، من الأسماء الأولى إلى التقاليد، ومن الخرافات إلى موكب سانتا أجويدا.. لأن لوبيز وضعت هذا التقليد من الدانتيل بمهارة لخلق مزيد من التشويق، لذلك من المذهل أن نتصور أن دانتيل عصر النهضة هذا، الذي ولد في إيطاليا، بين عامي 1400 و1600، أصبح قوة دافعة للتحرر في البرازيل. لأنه وعلى الرغم من أنه تم نسجه باللون الأبيض في أوروبا، إلا أن هذا الدانتيل يتخذ ألوانًا زاهية في الأيدي البرازيلية، ويجد طريقه إلى أغطية المائدة والمنزل، ويزين اليوم جميع أنواع الأشياء.
وتعتبرأنجليكا لوبيز، التي لديها ابنة في العشرينيات من عمرها، حساسة للغاية لوضع المرأة في البرازيل، التي تتعرض لسوء المعاملة على وجه الخصوص من قبل حكومة جايير بولسونارو المحافظة. وهكذا فإنها تُدخل في الرواية مرحلة سردية ثانية حالية، تدور حول شخصية أليس، الناشطة النسوية البالغة من العمر عشرين عامًا في ريو دي جانيرو. وهي ليست سوى سليل عائلة فلوريس. وعندما ترث وشاح الدانتيل الذي نسجه أجدادها في عام 2010، لا تدرك أنه يحكي قصة العنف والنضال من أجل الحرية التي حدثت قبل قرن من الزمان. وهكذا تبقينا الرحلات المتوازية لهؤلاء البطلات في حالة تشويق طوال الرواية، في قصيدة مثيرة للمقاومة والأخوة والترحال.
مؤلفة الرواية أنجليكا لوبيزهي كاتبة وكاتبة سيناريو وصحفية برازيلية، كتبت السيناريو للعديد من المسلسلات التلفزيونية، كما قدمت للسينما سيناريوهات لافلام مثل (حتى يفرقنا الحظ)، (جنون المرأة)، (الطلاق) وغيرها. وقد نشرت أكثر من 20 كتابًا، معظمها للأطفال والشباب، وحازت روايات لها مثل (شباب) و(وشم مانو) و(74 يومًا حتى النهاية) على جاوئز مهمة في البرازيل.وفي عام 2022، أصدرت رواية تاريخية للبالغين بعنوان (لعنة الزهور)..من اهم اصدارتها روايات (قرود ميكايلا)، (الحياة النموذجية)، (المؤامرة النجمية)،(مهمة الصداقة)،(صور سرية)،(أطفال)،(قلب الحيوان)وغيرها.
وتقول الكاتبة لوبيز ان الذي الهمها لكتابة رواية (لعنة فلوريس) هو انها نشأت في السبعينيات، في الوقت الذي كانت فيه النساء يعتبرن منافسات لبعضهن البعض.وكان هدفها من هذا الكتاب هو الحديث عن أهمية التواصل بين الناس، لهذا السبب تحتوي الرواية على الكثير من الإشارات مثل الكود الموجود في غرز الدانتيل، والرسائل المخفية، والألوان المرتبطة بزقزقة العصافير. وهو كتاب عن أشكال مختلفة من المقاومة النسائية: الأكثر هدوءًا وتلك التي تنطوي على المواجهة المباشرة.
أما الرسالة الرئيسية التي تأمل أن يستفيد منها القراء من هذه الرواية فهي ان جميع النساء، دون استثناء، متحدات بخيط غير مرئي، نتيجة لآلاف السنين من الاضطهاد،وتقول الكاتبة انه يمكننا أن نشعر بهذا الخيط حتى في الصمت،ومع مرور السنين،ففي الأجيال الماضية، كانت صناعة الدانتيل نشاطًا مسموحًا للنساء القيام به، لأنها مهمة منزلية.لكن الشخصيات في الكتاب تمكنت من التغلب على هذه العزلة من خلال الشجاعة والإبداع ودعم النساء الأخريات..
لقد اختارت الكاتبة لحظتين مثيرتين للاهتمام في القضية النسوية في البرازيل: مطلع القرن العشرين، الذي تميز بحق المرأة في التصويت والحق في الطلاق؛ وأوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عندما تضاعفت المناقشات حول التمييز الجنسي والإجهاض والعنف ضد المرأة، ففي البرازيل، تُقتل امرأة واحدة كل ست ساعات بسبب قتل الإناث، ويتم تنفيذ أغلبية هذه الجرائم بواسطة الأزواج أو الشركاء السابقين. وبالنسبة للقصة التي تدور أحداثها في الماضي، استخدمت الكاتبة حقائق وشخصيات حقيقية لبناء الحبكة مثل (الحركة النسوية الطليعية)، وبناء سينما كبيرة مستوحاة من الطراز الأوروبي في بلدة تريونفو، وقصة استشهاد القديسة أجاثا، ووجود أسلوب الدانتيل الشهير في المنطقة، والذي يسمى "دانتيل النهضة".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

موسيقى الاحد: جولة موسيقية في فيينا

التجنيس الأدبي والاكتفاء الذاتي

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟

صورة المثقف في رواية بنات غائب طعمة فرمان

(لعنة فلوريس)، رواية برازيلية تربط الماضي بالحاضر بخيوط الدانتيل

مقالات ذات صلة

عام

"أناس مستقلون".. ملحمة أيسلندية عن صراع الانسان في سبيل الاستقلال

عرض/ علاء المفرجيأناس مستقلون: رواية أيسليندية كتبها هالدور لاكسنيس الحائز على جائزة نوبل وترجمتها عبير عبد الواحد، تتناول كفاح المزارعين الأيسلنديين الفقراء في أوائل القرن العشرين، بعد أن تحرروا من عبودية الديون. ويعيشون في...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram