TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمودالثامن: إضحك مع الدولة العميقة

العمودالثامن: إضحك مع الدولة العميقة

نشر في: 25 يوليو, 2024: 01:39 ص

 علي حسين

تهلّ علينا النائبة عالية نصيف كلَّ يوم من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والصحف والفضائيات، ويتعاطى العراقيون جرعاتٍ مسكنةً من التصريحات التي يطلقها بعض النواب، حيث يظهرون بالصورة والصوت ليعلوان أن المحاصصة طريقنا لتقاسم الغنائم.
وبرغم كثافة الحضور الإعلامي للنائبة عالية نصيف وحوارييها من بعض النواب الذين اكتشفوا فجأة أن المال العام يُسرق، وأن النفط يُنهب في وضح النهار، إلا أن واقع الأمر يثبت بالدليل القاطع أن أحداً في العراق لا يثق على الإطلاق بتصريحات السيدة النائبة وبجوقة المتباكين على النزاهة، والدليل أن معظم العراقيين يسخرون حين يسمعون أن هذا العام سيكون الأخير في سلسلة معاناتهم مع أكاذيب المسؤولين، فالثابت أن الناس تعطي آذانها للمشككين في سياسات الدولة أكثر ممّا تعطيها للمسؤول، وفي المحصلة النهائية يمكن القول إن الغالبية العظمى من العراقيين لا تعتبر الكثير من النواب والمسؤولين صادقين في تصريحاتهم، ومن ثم فأن الناس تعطيهم "الأذن الطرشة" على حد تعبير أهالي بغداد.
ووفقا للأرقام المعلنة حتى الآن فأن مئات المليارات نهبت من أموال العراقيين على مشاريع الكهرباء والسدود وصفقات السلاح والحصة التموينية والمدارس والمستشفيات، وجميعها مشاريع على الورق ذهبت أموالها إلى جيوب كبار المسؤولين، وأن ما نهب من أموال يصعب تصديقه في أي بلد، لكنه في العراق يقدم الدليل القاطع على أننا نعيش زمن اللصوص الكبار، ولهذا فالموطن يدرك جيداً أن طلات عالية نصيف وصراخها حول النزاهة، لا تنفع حين يكتشف أنه بكاء باطل بعد صمت وتواطؤ لأكثر من خمسىة عشر عاماً، تحولت فيها السيدة النائبة من موظفة بسيطة إلى واحدة من كبار أغنياء العراق.
إلا أن السيدة النائبة مشكورة حين تحاول أحياناً ، وبلفتات إنسانية ، أن تجعلنا ننسى ما جرى خلال السنوات الماضية، فقررت هذه الأيام أن تتحول إلى منظرة سياسية ، لتقدم لنا خلاصة فكرها" النير " ، ففي حديث شيق عن رجال السياسة والحكم في العراق ، وصفت السيدة النائب زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي بأنه " الدولة العميقة "، والنائبة تعتقد أو هكذا صور لها فكرها السياسي أن عبارة الدولة العميقة هي من باب المديح ولا تدري أن الدولة العميقة تعني " شبكة الأشخاص الذين ينتمون إلى تنظيم غير رسمي، له مصالحه الخاصة، التي يسيطر من خلالها على مؤسسات الدولة " .
طبعاً لا نريد أن نسأل النائبة عن تعديل قانون الأحوال الشخصية الذي لم نسمع لها كلمة اعتراض واحدة ، باعتبار أن الديمقراطية التي وضعتها على كرسي مجلس النواب تعد إنجازاً لن يتكرر، مثلما أن تصريحاتها تدعو للعجب والفكاهة .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram