علي حسين
ليس من حق المواطن العراقي أن يعترض على تعديل قانون الأحوال الشخصية ، ولا يملك أن يشكو من تحول مجلس النواب إلى قاعة للمناكفات السياسية ، ولا يملك أن ينتقد أوجه الخلل في عمل بعض الجهات الرسمية .. فكل ذلكم هو نوع من الوقوف ضد شرع الله كما أخبرنا النائب رائد المالكي .
إذن المطلوب منا أن نتغاضى عن الفساد وسرقة المال العام وغياب الخدمات والانتهازية ونرضى بما مقسوم لنا من شرع الله الذي اختصره النائب بقضية الأحوال الشخصية ، فهو حسب رأي "الشيخ" النائب أفضل وأحسن من التنمية الصناعية والزراعة والتعليم والضمان الصحي ورعاية عوائل الشهداء والقضاء على بطالة الشباب.
أرجو قبل أن ندخل في صلب الموضوع ألا يقول البعض لماذا تهولون الأمور، وتريدون أن تثيروا النعرات الطائفية ؟ وسأقول للمعترضين نحن لسنا ضد أي معتقد إذا كان يحترم خيارات الآخر، ونحن مع قوانين تخدم الجميع .. لكن أن يستخدم البرلمان للترويج لقوانين لا تهم العراقيين ، فأعتقد أن هذا أمر مرفوض، والأهم أنه لا يجوز لأي نائب أن يعتبر نفسه وصياً على العراقيين .
إن أي عاقل يدرك جيداً أن الدفاع عن ألاعيب النواب وقوانينهم الغريبة والعجيبة ، يدخل في باب النصب والتدليس السياسي، وأن استدعاء الدين وتسخيره لخدمة الطائفية لعبة خطيرة أقرب إلى اللعب بالنار، خاصة إذا كان البعض يصر على تبرير فشل البرلمان في أداء دوره التشريعي والرقابي .
لماذا يريد توظيف الدين الحنيف عنوة لتبرير قهر المرأة العراقية وغياب الخدمات ونراهم يستبعدون الدين الحنيف الذي جعل من المساواة والإخاء والوقوف ضد ضد الظلم وسرقة أموال اليتامى والمساكين، واستغلال السلطة للمنافع الشخصية فرضاً على الجميع، أين يقف الدين من نائب يحصل على مخصصات سكن تبلغ ثلاثة ملايين دينار شهرياً، فيما راتب عائلة فقيرة لا يتجاوز الثلثمائة دينار عراقي؟ ، سيقف الدين حتماً إلى جانب البسطاء ومعاناتهم.
ينبغي على مجلس النواب العراقي أن يكون مجلساً للناس وليس مجلساً لنواب يريدون أن يتحولوا إلى شيوخ يطلقون فتاواهم التكفيرية ضد الذين يختلفون معهم ، أن يفهم مجلس النواب أن المواطن العادي لا تشغله البيانات الحكومية، ولا يشغله أن يلبس المسؤول بدلة رجل دين ، لا يشغلهم أن نقول له إن إنتاجنا النفطي وصل إلى 4 ملايين برميل، أو أن قانون الأحوال الشخصية سينقذك من الضلال ..المواطن حداً أدنى من الحياة الكريمة، وظيفة ومسكناً ومأكلاً وأملاً في الغد.
إن الخطر الذي يواجهنا اليوم هو الفتاوى التي يسعى النواب من خلالها إلى قتل الروح الوطنية في النفوس، الخطر الحقيقي من الذين يضعون الاعتبارات الطائفية والحزبية فوق المصالح الوطنية.