اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > عام > كفاح الأمين: أصبحت الكاميرا رديف كفاحي اليومي أثناء المقاومة الأنصارية

كفاح الأمين: أصبحت الكاميرا رديف كفاحي اليومي أثناء المقاومة الأنصارية

يرى أن الصورة الفوتوغرافية تحمل كماً هائلا من الاشارات والرموز والوقائع

نشر في: 30 يوليو, 2024: 12:01 ص

حاوره/علاء المفرجي

كتب الناقد المصري محمد الحمامصي عن الباحث الفوتوغرافي والقاص كفاح الأمين: شقّ كفاح الأمين طريقا جديدا للتوثيق بالصورة حتى اقترن اسمه بصفة "باحث فوتوغرافي" حينما قرّر توثيق معالم العراق المعمارية بالصور، فأنجز موسوعة ضخمة عن بغداد، أعادت إلى الأذهان صورة المدينة قبل قرن من الزمان، بعد أن تلاشت الكثير من المعالم العمرانية فيها، ومثّل مشروعه جهدا واسعا قلّ نظيره، تَـمَّ الاشتغال خلاله على مئات الآلاف من الوثائق والصور التي تؤرخ لأحوال بغداد، خاصة في العقدين الأولّين من القرن العشرين، وهي الفترة التي اختارها الأمين لتكون موضوعا لحديث الصورة والوثيقة.
وأشار الناقد جاسم عاصي الى أن كل صورة عند الفنان كفاح الأمين تستقي استقلاليتها من مكوّنها الذاتي، على الرغم من مركزية المؤثر، فهي في هذا المجال، تستقل بمشهدها لتدلي بمعانيها التي هي ضمن المعنى العام، الذي يؤشر له الخراب العام للمكان، فالصورة عنده معنية بالمكان، وإن غاب الإنسان من بين مكوّناتها، لكن أثره باق. إن رؤية الفنان تنصّب وتتفاعل مع حقيقة أن المكان حيّز التاريخ للإنسان، لذا نجد في اختيار مشهد الـعلـّيات ناظرا مع صلابة الحجر، فيه شيء من الإشارة إلى الثبات والسقوط، متمثلا ً ذلك في تأثير وقائع الحرب على أبعاد المكان. وهذا التعبير إنما يُحيل إلى تناظر في الثبات، أي أن دعامة الجسر الصلبة، تتناظر مع صلابة الحجر في الأسفل، وهي بمثابة الوجود وعدمه، الأزلية الفكرية مؤشرة بالصلابة، ونعني بها صلابة الموجودات وتشكيلاتها الدائمة في الوجود، وإن طال وجودها الخراب.

والفوتوغرافي والقاص كفاح الأمين مواليد عام 1954 بغداد محلة باب الشيخ. أنهى الدراسة الإعدادية في العراق ثم سافر إلى الاتحاد السوفيتي عام 1975 حيث أنهى دراسة ماجستير في الصحافة التلفزيونية في جامعة موسكو الحكومية عام 1982. في نفس العام التحق بقوات الانصار الشيوعية في كوردستان العراق، عاملا في وسطها الثقافي كمصور فوتوغرافي حيث أرخ لمئات الاحداث فيها حتى عام 1990.
أرتحل إلى المانيا عام 1990، صور الشخصيات العراقية والكردستانية والعربية والعديد من الفعاليات الثقافية وعاد إلى العراق بعد سقوط نظام البعث عام 2003. ومنذ عودته عمل على تصوير الشخصيات العراقية المؤثرة في المشهد الثقافي والاجتماعي العراقي، عمل بشكل خاص على تصوير المحلات البغدادية وأرشفة أماكنها وشخوصها والذي أستغرق منه اكثر من ثلاثة أعوام، أنجز تأليف تسعة مجلدات بعنوان (يوميات بغدادية) والتي تتحدث عن الحياة البغدادية في مائة عام، أنجز خمسة مجلدات بعنوان (بنادق الحرية) تتناول شهداء الحركة الانصارية المسلحة وتاريخها وأحداثها ومعاركها، يعمل منذ عقدين على فكرة أنشاء المتحف الفوتوغرافي والوثائقي العراقي من خلال أعادة توصيف التاريخ العراقي العام المعاصر من عبر الوثائق والصور.
حدثنا عن اهم المراجع والمصادر في طفولتك (أحداث، حيوات، أماكن) التي جعلتك ميالا للكتابة والتصوير الفوتوغرافي؟

  • ولادتي ببغداد لعائلة سياسية ومثقفة في آن واحد، في بيت ضم بين جدرانه مكتبة كبيرة، منوعة وممتعة أضافة إلى مكتبة موسيقية من مقامات وأغاني عراقية وبغدادية حصرا، هذه المكتبة الموسيقية تحليك إلى الجو البغدادي الذي ولدت فيه بمحلة باب الشيخ وتحديدا منطقة (سراج الدين) والذي كان بيتنا يبعد بضعة أمتار عن مرقد الشيخ عبدالقادر الكيلاني.
    هنا كان كوني الصغير الكبير حيث تنوع الثقافات والأقوام، تمرنت عيني على تقبل الاخر من خلال مشاهداتي وانا طفل لزوار مرقد الشيخ عبدالقادر الكيلاني حيث العرب والكورد والهنود والإيرانيين والطاجيك وغيرهم، وجوه تألفت معها وهم يلقون علينا تحايا الصباح كلما رمقتهم بأبتسامة وانا أعبر عبر الطاق المؤدي إلى مدرستي الابتدائية (مدرسة الكنانية) في فضوة عرب.
    باب الشيخ هي مخيلتي الاولي مع عشق والدي (عمر محمد أمين) لمقامات القبانجي وأغاني والدتي (شكرية مصطفى) بصوتها الجميل لزهور حسين وسليمة مراد مع مقامات وأغاني كوردية حملتها معها من قريتها في سفوح جبال هيبت سلطان المطلة على مدينة أجدادي (مدينة كويسنجق).
    المكتبة الكبيرة لوالدي فتحت أفاق المعرفة لدي إضافة إلى تعلقي منذ طفولتي بقراءة الجرائد التي كان والدي (المعلم والمقاول بعد ذلك) يواضب على شرائها يوميا، والدي الشيوعي الذي سجن مع الرفيق فهد والفريد سمعان في نفس السجن، والدي الذي خبر السجون والمرارات، المقاول الذي عمل مع جواد سليم في نصب الحرية ونصب الجندي المجهول وعمارة الدامرجي في شارع الرشيد، كون مصغر كان بيتنا وكنت فيه المغامر الذي مازال يبحث في ثنايا ذاكرته عن ماضا لم يسحق!
    بيوت باب الشيخ البغدادية وأزقتها ورائحة الماضي المنبعث منها، شيوخها وشقاواتها مقاهيهاومثقفيها ونسائها ومقاماتها وتنوعها الكبير بكونها جوهرة بغداد وأم الأقوام في بغداد، الاقوام التي تحج اليها من كل حدب وصوب، كل ذلك زرع في روحي محبة كبيرة للناس والدرابين والموسيقى، لتقبل الاخر والتسامح والتنوع أعني كلها كونت أنسانيتي الاولى ووسعت من مفاهيم وادراكي للكون وتنوع مشاربه وثقافاته.
    غادرت العراق منتصف السبعينيات، وكنت لم تزل شابا، هل كان ذلك دافعك للتعويض عن الفراق المبكر للمكان باللجوء الى الصور؟
  • لعل في ذلك جزء من الحقيقة والجزء الأخر هو ميلي بعد سنوات نضجي إلى قراءة العالم وفق منظور فلسفي مقرون بتطبيقات فوتوغرافية ووثائقية وعلى الأخص عالمي البغدادي المتجذر في خطواتي وروحي بشكل عميق، عالمي هذا الذي تماهيت فيه حد العشق الصوفي بعد عودتي من منفاي، كما انه من المهم الحديث عن ان تجربتي الانصارية في الجبل والتي منحتني فرصة التأمل والبحث والإنصات للإنسان والطبيعة، كانت مفردات الطبيعة كالينابيع والأشجار الباسقة والصخور وحيوية الفلاحيين والرعاة وصبر النساء، تلامسني بقوة، تتغلغل فئ، تنضجني وتدفعني إلى التهام كل هذه التكوينات البصرية، لأعيد أنتاجها لاحقا في أعمالي وكتاباتي.
    حدثنا عن تجربتك في الكتابة (مجموعتين قصصيتين) خاصة ولم احجمت عنها في السنوات الأخيرة؟
  • بالفعل، في السنوات الأخيرة كان الصراع في داخلي يتبلور حول جدوى الكتابة مقابل رزم الفوتوغراف والوثائق أعني قدرة كل أسلوب وتقنية وأشارات إلى ترجمة أفكاري والوصول إلى الشرائح التي أرغب في أن تتعرف وتنهل من أفكاري في أعادة قراءة وتوصيف وضخ التاريخ وفق منهجية موضوعية صارمة وشفافة في أن واحد، أعني قدرتي على ملامسة الحقيقة كسؤال وأفادة، كان لهيمنة الصورة الفوتوغرافية والوثائق كصورة أحالة على الصور، قوة طاغية وحضور فعال، يومي ومعرفي وتطبيقي مما جعل الكتابة تلهث وراء الصور وطاقتها المتشعبة إلى ملايين الاحتمالات والتأويلات والتي جعلتني مسافر أزلي في كينونتها، ومع ذلك فان للكتابة سحر الإيقاع وأستعادة الذاكرة في خصوصيتها وتفردها الروحي مما يدفعني أحيانا إلى الكتابة من أجل الذات المعذبة
    اهتمامك في التصوير الفوتوغرافي، هو اهتمامك بالتوثيق، هل ترى أن الصور الفوتوغرافية هي الأساس في عملية التوثيق؟ ولماذا؟
  • لابد من الاشارة في البدء بأنني خريج جامعة موسكو / كلية الصحافة / الصحافة التلفزيونية، وبالتالي فأن الفوتوغراف هو جزء عضوي من دراستي، كنت ميالا للسينما وقد ساهمت ببضعة أعمال فيديوية إلا ان الوقائع وخاصة بعد التحاقي بحركة الانصار الشيوعية عام 1982، دفعني للتفكير في ملاحقة الواقع والتعرف عليه وضخه عبر الفوتوغراف والذي يمكن لفكرة وفرد واحد مع كاميرة فوتوغرافية ان يخوض تجربته الشخصية ازاء العالم وتنويعاته.
    من هنا لجاءت إلى الكاميرة والتي أصبحت رديف كفاحي اليومي أثناء المقاومة الانصارية ومساحات المدن في كل البلدان التي كنت أمر بها وأرهاصات الأصدقاء والرفاق، لم أفكر في البداية بالتوثيق أعني ذلك منهجية التوثيق بقدر محاولاتي للقبض على العالم وفق رؤيتي الشخصية إلا ان الاحداث الدراماتيكية أثناء المقاومة الانصارية، الشهداء، الخراب، تدمير القرى من قبل الأنظمة الدكتاتورية، رحيل الرفاق، تبدل الأماكن وزوالها في المدن وأعني هنا بغداد بالذات، كل ذلك دفعني شيئا فشيئا إلى منهجية التصوير والتوثيق والارشفة، وفق جدلية قراءة التاريخ عبر الوثائق والصور.
    لا شك فيه أن الصورة الفوتوغرافية تحمل كم هائل من الاشارات والرموز والوقائع والتي تجعلها في تجلياتها، مفاتيح مهمة ذات منحنيات موضوعية أعني التعبيرعن الوجود الفعلي أمام الكاميرا مما يمنحها القدرة على عكس الوقائع بصورة موضوعية.
    المعروف انه لم تكن عندنا في العراق ثقافة توثيقية مما أدى الى فقدان الكثير من ذاكرتنا، ما تعليقك.
    يمكن القول انه حقا لم تكن لدينا سياسة توثيقية وطنية أعني على مستوى التاريخ العراقي المعاصر بعد عام 1921، أذ كانت هناك محاولات وتطبيقات محدودة في بعض المؤسسات والدوائر الحكومية مع أرشيفات متناثرة وغير علمية لبعض الجرائد والمجلات والبيوتات، هذه المحاولات لم تصمد امام التقلبات والتباينات والاختلافات والتقاطعات الروتينية والإدارية والسياسية بين الدولة والحكومات والأحزاب مما شكل شبه أندثار بالمعنى المعرفي والتطبيقي لماهية الأرشفة.
    الأرشفة علم وتطبيقات محكومة بمجموعة قوانيين وأرادات وتعليمات وبيئات صالحة، البيئة الصالحة تعني مجتمع متفتح على تاريخه مع أحتضان مجتمعي لكل مايتعلق بمفرادات التاريخ من صور ووثائق مادية وسمعية، داعم وضاخ له عبر مختلف الوسائل والإمكانيات المتاحة، وهذا كله لم يتوفر لدينا بل كانت الارشفة في العراق على الأغلب جزء من سياسات دولة خاضعة لأمزجة الاحزاب والقوى المتنفذة مما جعلها أرشفة قاصرة وأحادية وأقصائية وتدميرية كذلك في كثير من الاحيان (مثال ذلك كلما تغير النظام في العراق أو حكمه أحد الاحزاب، تبدأ ماكنة التدمير والاقصاء لكل ماقبله او لايتفق مع سياسته وبرنامجه)، مما ولد فراغ معرفي كبير داخل العالم الأرشيفي العراقي لازال يلقي بظلاله على المشهد الثقافي الارشيفي العراقي ولعل أحدى أهم المشاكل التي تواجهها الصحافة العراقية على سبيل المثال هو عدم وجود مراكز وطنية أو أهلية تعني بنشر ثقافة الارشفة والتوثيق لتعضيد المنحى الوثائقي في العمل الصحفي. الارشيف سيادة ثقافية مهمة في الدول والبلدان الباحثة عن هويتها وتاريخها.
    ارجو ان تحدثنا عن تجربتك في حركة الأنصار. وما الذي تبقى منها غير الذكريات؟
  • قد أكون غير منصفا ان قلت ماتبقى منها هي فقط الذكريات أذ ان هذه الحركة برمتها كيان تاريخي نابض بالحياة والتجارب والمواقف والبطولات، أنها ليست ذكريات مدينة ساكنة وحتى ضاجة بل هي مواقف ورفاق لازال الدم النافر منهم يتغلغل في التاريخ العراقي المعاصر. حركة الانصار هي مقطع أفقي في التاريخ السياسي العراقي المعاصر وتحديدا في التاريخ الشيوعي إذ أنها حركة لامثيل لها سابقا في العراق وفي العالم العربي، ويكفي ان عدد شهدائها قد تجاوز الألف شهيد وهو اكبر موكب شهداء للحركة الشيوعية في العالم العربي مجتمعة هذه الحركة التي أنخرط فيها شيوعيون العراق من الفاو في أقصى الجنوب إلى زاخو في أقصى حدود كوردستان العراق عند الحدود التركية، ضمت تنوع لامثيل له في تاريخ العراق المعاصر، من أطياف وأثنيات وقوميات وأختصاصات، للتذكير مثلا ضمت الحركة مئات النصيرات الشيوعيات، مئات من شغيلة الطب، عشرات الضباط والمهندسين والإعلامين، قروين وشباب مدن وطلبة علم من خارج العراق، أساتذة جامعات وعمال وكادحين، كتاب وروائيين وإعلامين، قادة وشخصيات وأبطال سطروا بكفاحهم وتضحياتهم تاريخا ناصعا وفريدا في تاريخ العراق المعاصر. أنها ليست ذكريات بل ملاحم لاتزال تمدنا بالقوة والفخر والكفاح من اجل حرية الانسان والعدالة الاجتماعية الحقة
    (يوميات بغدادية) مؤلفك الكبير، وهو جزء من جهدك المشهود في توثيق الحياة البغدادية، ما أهميته بالنسبة لك وبالنسبة للمتلقي؟
  • (يوميات بغدادية) سفر بغدادي في مائة عام من تاريخ المدنية البغدادية مدعوم بألاف الصور والوثائق والأخبار التي تحكي لنا بشكل واقعي وملموس عن مجريات الأمور في حياة بغداد المعاصرة.
    اليوميات هي أنا داخل هذا الكون المصغر (بغداد)، أنها طفولتي وثراء محلات بغداد وطيبة أهلها، تنوعها وتطورها ومخاضاتها في مختلف الحقب، زاخرة بألوف الوقائع والاخبار التي تناثرت هنا وهناك في الصحف والمجلات، لذلك فأنها للأخر من وجهة نظري المتواضعة، أرشيف محمول بصيغة التاريخ الفوتوغرافي والأرشيفي الذي يؤكد في مضامينه حقائق ناصعة وجديرة بالتمعن والاستمتاع والدراسة كذلك.
    لقد عملت لبضعة أعوام مع فريق عمل وسط مئات الالوف من الوثائق والصور والأخبار والجرائد والمجلات، محاولا الولوج إلى عالم بغداد السحري والذي سحر والدي في صباه هو القادم من سفوح جبال هيبت سلطان في كويسنجق نحو أزقة ومقاهي ومسارح وسينمات بغداد، هذا السحر الذي حاولت الإمساك به لينسل من يدي تاركا خلفه تسعة مجلدات بواقع 1800 صفحة تروى حكاية بغداد المدنية.
    انت من القلائل الذين اهتموا بتجربة حركة الأنصار في كردستان. من خلال كتابك الضخم (بنادق الحرية).. هل تسعة أنت وزملاؤك في هذه الحركة التوثيق بشكل يعكس أهمية هذه التجربة في تاريخ العراق، خاصة وان هذه التجربة تشكو من ذلك؟
  • لاشك ان هذه الحركة لم تحظى بدراسة وتوثيق وتعريف يليق بها. من الإنصاف القول ان هناك أكثر من مائة مطبوع منوع صدر بهذا الشكل او ذاك، بهذا الأسلوب او ذاك، شعرا ورواية وذكريات ومذكرات الا أنها لم تغطي بالشكل الكافي والمرن والعميق هذه الحركة وكفاحها مما دفعني إلى العمل من أجل أنجاز مالم ينجز في تاريخها. لذلك عمدت إلى أرشفة وتدوين وتوثيق كل ماصدر عنها عن لسان وكتابات الرفيقات والرفاق الذين عاشوا هذه التجربة بشكل وآخر، مستعينا بالكثير من الكتابات المنشورة هنا وهناك وأعادة تبويبها وفق منهج أخاذا بالاعتبار أرشفة شهدائها اولا ثم الدخول في حكايات وقصص القواعد الاولى، تكوينات السرايا والفصائل، المعارك والذكريات ودور النصيرات المميز في هذه الحركة، ملتمسا التعريف بتاريخها الثقافي المتجسد بالمسرحيات والجرائد والمجلات الدفترية المخطوطة بالأيادي، الإذاعة وتجليتها ودورها الاستثنائي، البوسترات والأعمال التشكيلية والندوات الشعرية والقص والروايات ومعارض الفوتوغراف والأغاني والكاريكاتير. (بنادق الحرية) تاريخ يجسد ماهية هذه الحركة الانصارية من وجهة نظر المشاركين بها أعنى أنها ليست ملاحظات ورؤى كاتب لوحده بل هي تاريخ جمعي صيغ على شكل مجلدات بواقع 2500 صفحة تضم حياة اكثر من الف شهيد مع عشرات المعارك وآلاف الصور والتخطيطات الانصارية الجبلية للنصير ابو غصون مما جعل هذه المجلدات بحق تاريخ الكل للكل وللآخرين
    ما رأيك فيما صدر من كتاب وشعراء شاركوا في هذه التجربة في ابراز هويتها.. زهير الجزائري، كريم كطافة، عواد ناصر وأخرين لا يحضرونني الان؟
  • الكتابة عن تاريخ هذه الحركة، شهدائها، شخوصها، أماكنها، ليست بالمهمة اليسيرة أذ لم يتسنى لغالب الاشخاص المشاركيين وأعني على الاقل من كان يحمل معه هموم أبداعية، تدوين يومياته أثناء الحركة وعلى الأغلب الكثير منهم بعد أنتهاء الحركة ونزوح غالبية المقاتلين إلى خارج العراق، ناهيك على أنخراط الكثير منهم في معترك الحياة اليومية المعقدة والمتعبة والصعبة وخاصة لمن لم يعرف طعم المدينة وأسرارها وخفاياها وتعقيداتها لسنوات طويلة نتيجة مكوثهم في الجبال والسفوح البدائية لذلك فأن كل عمل وجهد أبداعي يسعى إلى أبراز هذه الحركة وتوثيقها، مهما كانت الرؤى والأشكال المتعلقة بها، هي أضافة بل هي جزء جوهري من تاريخ الحركة. وكما أشرت كتب الكثير عن الحركة وبمختلف الصيغ والأشكال، من الشعر والقص والرواية إلى الذكريات والمذكرات، إلى الأعمال المسرحية والتشكيلية والبوسترات والأفلام الوثائقية، كلها ومن ضمنها مجلدات الخمسة (بنادق الحرية) تشكل المتن الحقيقي الإبداعي مع جانبها السياسي للحركة الانصارية وتاريخها لست في باب التقيم أذ أني لست ناقدا او فاحصا لكل ماقدم عن هذه الحركة من أبداعات ثقافية لكن يمكن القول انها وكل في موقعه سعى لمنح الحركة الاستحقاق المطلوب من وجهة نظره، هذه الإبداعات الثقافية بحاجة إلى متابعة، مقاربة، مقارنة ونقد قائم على موضوعية التاريخ الانصاري المشرف وتعقيداته وانعكاساته من قبل أهل الاختصاص النقدي المتنوع.
    حدثنا عن مشروعك الذي استمر عقدين على فكرة أنشاء المتحف الفوتوغرافي والوثائقي العراقي. هل ترى في الأفق ما يمكن تحقيقه.
  • نحن بحاجة إلى سياسات ثقافية ومن ضمنها مايتعلق بالأرشفة والتوثيق والتي يشكل المتحف او عدد من المتاحف الجزء العضوي والمهم في صيرورته، سياسات ثقافية تسعى إلى تطوير العملية السياسية في العراق وتعزيز التنوع والسلم الاجتماعي والذي بأعتقادي ان متاحف الفوتوغراف والوثائق تلعب دورا مهما ونشيطا في تعريف العمليات السياسية التي ظهرت وتطورت منذ بداية الحكم الملكي عام 1921 وصولا إلى اليوم مع الخوص في بنية التنوع والسلم الاجتماعي الذي يشكل الظهير الأساسي لتطوير العملية السياسية أساسا.
    المتحف هو صورة مصغرة عن العراق في تنوعه وتطوره وبالتالي ينبغي ان تكون هناك رؤية موضوعية متجانسة مع التاريخ العراقي المعاصر ذاته دون أقصاء او تهميش او تدمير لاي مادة أرشيفية تعبر عنك وعن الاخر لايمكن ان نعرف بعضنا البعض ولا ان تتطور العملية السياسية دون وضع الخط البياني التاريخي العراقي في مساره الصحيح، العلمي والموضوعي إذ حينما يجد الكل نفسه في تاريخ العراق المعاصر، حينذاك تتحول مفهوم المواطنة إلى محرك أيجابي للعراق ومستقبله.
    تحقيق هذه الأفكار ليست مستحلية فالعراق بلد سيادي وذو ثقل ستراتيجي في المنطقة وله القدرة المادية والإدارية على تنفيذ مثل هذه المشاريع وخاصة انه تصرف عشرات الملايين من الدولارات على أنشطة ومشاريع ثقافية ذو انطباعات وقتية فيما المتاحف تشكل ركيزة مهمة وثابتة في السيادة الثقافية العراقية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

كفاح الأمين: أصبحت الكاميرا رديف كفاحي اليومي أثناء المقاومة الأنصارية

موسيقى الاحد: جولة موسيقية في هامبورغ

نازك الملائكة والمشروع الإصلاحي

قراءة في رواية (اكتشاف البطء)

من المطابقة إلى أفق الإمكان

مقالات ذات صلة

نظرةٌ نُظُميّة إلى الحياة
عام

نظرةٌ نُظُميّة إلى الحياة

لطفية الدليميعندما عثرت على نسخة ألكترونية من كتاب (الطاوية والفيزياء الحديثة) لم أتأخّرْ في قراءته. أضاف العنوان الثانوي للكتاب (استكشافُ التماثلات بين الفيزياء الحديثة والصوفية الشرقية) حافزا اضافيا لقراءة الكتاب. اعتبرت الكتابُ هدية كبيرة...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram