خاص/المدى
يعد مشروع أنبوب البصرة-العقبة مشروع إستراتيجي يهدف إلى نقل النفط العراقي من مدينة البصرة في جنوب العراق إلى ميناء العقبة في الأردن.
ويكتسب هذا المشروع أهمية كبيرة لعدة أسباب:
تنويع منافذ التصدير
ويتيح هذا الأنبوب للعراق تنويع منافذ تصدير النفط، مما يقلل من اعتماده على المضائق والخطوط البحرية التقليدية، خاصة في ظل التوترات الجيوسياسية في المنطقة.
زيادة القدرات التصديرية
ويُتوقع أن يسهم الأنبوب في زيادة القدرات التصديرية للعراق من النفط، مما يعزز من إيرادات الدولة الاقتصادية، ويعزز مكانتها في أسواق النفط العالمية.
التعاون الإقليمي
يعزز هذا المشروع التعاون الاقتصادي بين العراق والأردن، ويفتح الباب لمزيد من الشراكات والاستثمارات بين البلدين، مما يدعم الاستقرار والتنمية في المنطقة.
ومع ذلك، يواجه المشروع بعض السلبيات والتحديات:
التكلفة العالية
ويُعد تنفيذ هذا المشروع مكلفًا جدًا، وقد يثقل كاهل الميزانية العراقية، خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية والمالية التي يعانيها البلاد.
المخاوف البيئية
يمكن أن يكون لهذا الأنبوب تأثيرات سلبية على البيئة، خاصة إذا لم تُتخذ التدابير اللازمة لحماية المحميات الطبيعية والمساحات الخضراء التي يعبرها.
الأخطار الأمنية
نظراً إلى الوضع الأمني غير المستقر في بعض المناطق التي يمر بها الأنبوب، قد يتعرض المشروع لهجمات أو تخريب، مما يزيد من تحديات التشغيل والصيانة.
ويشرح المختص في مجال الطاقة، أحمد العاني، خلال حديث لـ (المدى)، أن "مشروع أنبوب البصرة - العقبة هو مشروع لنقل النفط من العراق إلى الأردن، حيث يتم بناء أنبوب لنقل النفط الخام من مدينة البصرة في جنوب العراق إلى ميناء العقبة على البحر الأحمر في الأردن، وعلى الرغم من الفوائد الاقتصادية المتوقعة لهذا المشروع، هناك بعض الأضرار والانتقادات المحتملة".
ويضيف، أنه "يمكن أن يتسبب إنشاء وتشغيل أنابيب النفط في تلوث التربة والمياه الجوفية إذا لم يتم إدارة المشروع على نحو صحيح. قد تحدث تسريبات نفطية تؤدي إلى تلوث البيئة".
ويوضح، أنه "نظرًا لأن الأنبوب يمر عبر مناطق غير مستقرة أمنيًا، فإن هناك مخاوف من هجمات إرهابية أو تخريبية قد تستهدف الأنبوب، مما يزيد من أخطار الاستثمار في المشروع".
ويكمل: "يمكن أن يؤثر بناء الأنبوب على المجتمعات المحلية التي يمر عبرها، بما في ذلك إمكانية نزوح السكان، بسبب مشاريع البناء أو الأضرار التي قد تلحق بأراضيهم".
ويتابع، أن "هناك من يرى أن التركيز على البنية التحتية لنقل النفط قد يعزز من الاعتماد على الوقود الأحفوري بدلاً من الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة، مما يتعارض مع الجهود العالمية لمكافحة التغير المناخي".
ويؤكد المختص في مجال الطاقة، أنه "قد تنشأ نزاعات بين العراق والأردن بشأن إدارة وتشغيل الأنبوب، وقد تؤدي هذه النزاعات إلى تعقيد العلاقات بين البلدين".
من جانبه، يقول عضو لجنة النفط والغاز النيابية علاء صباح الحيدري، إنه " لا يمكن ان نقبل تصدير النفط العراقي إلى دول الجوار مجانا، لا سيما الأردن التي تضم الإرهابيين والبعثيين".
ويردف، إن "بداية مشروع أنبوب البصرة-العقبة لتصدير النفط كانت تتضمن العقبة- حديثة، ومن ثم ميناء جيهان التركي أي تفعيل الخط القديم لنقل النفط العراقي".
ويوضح الحيدري، أن "هنالك إرادة شعبية في البصرة برفض مد أنبوب النفط من المحافظة باتجاه العقبة"، لافتاً إلى أن "هناك متابعة مستمرة من قبل لجنة النفط والطاقة بشأن المشروع".
إلى ذلك، يقول الخبير النفطي صباح علو، إن "تاريخ مشروع أنبوب البصرة – العقبة يعود إلى بداية الحرب العراقية – الإيرانية التي اشتعلت عام 1980، حيث أوقفت الحكومة السورية آنذاك تصدير العراق للنفط عبر البحر المتوسط، ولذلك تأثر العراق كثيراً بهذا القرار، كما لم يكن باستطاعته إدامة تصدير النفط عبر الخليج ومضيق هرمز، ليطرح العراق في العام 1983 المشروع الجديد مع الأردن".
ويضيف أن "مخاوف استهدافه آنذاك من طرف الاحتلال الإسرائيلي، دفعت الجانبين إلى ترك المضي بالمشروع، ليؤسس العراق في العام 1984 خطين جديدين لتصدير النفط، وذلك عبر المملكة العربية السعودية وأيضاً من خلال ميناء جيهان في تركيا".
ويبين أن "المشروع عاد إلى الواجهة في حكومة نوري المالكي وتحديداً عام 2012، حيث اتفق رئيس مجلس الوزراء العراقي مع الأردن على البدء بتنفيذ هذا المشروع، ليتجدد الاتفاق في عام 2015، إذ زار وزير النفط وقتها، عادل عبد المهدي، الأردن وكرّر موافقة العراق على المشروع، وأعلن إشراك مصر فيه".
ويتابع أن "المشروع تعرقل المضي به بعد دخول تنظيم داعش إلى العراق وسيطرته على نحو ثلثي مساحة العراق، ليبقى المشروع حبراً على ورق، من دون أي يكون هناك أي تنفيذ له على أرض الواقع، لتأتي حكومة حيدر العبادي، وتدعو الشركات المتخصصة إلى تقديم عروضها لتنفيذ المشروع".
ويردف "بقي المشروع عالقاً حتى جاءت حكومة عادل عبد المهدي التي استقالت عام 2019 بفعل احتجاجات تشرين، حيث رسمت خريطة جديدة للمشروع، وحولته إلى اتفاقية ثلاثية بين بغداد وعمّان والقاهرة، سعى لتحقيقها أيضاً رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي الذي تسلم إدارة العراق بعد استقالة سلفه عبد المهدي، لكن الأخير لم يتمكن أيضاً من المضي بالمشروع على نحو نهائي".
وتشير الأرقام إلى أن طول الأنبوب النفطي الإجمالي الذي يبدأ من البصرة، يقدر بـ1700 كيلومتر، نحو 690 كيلومترا منها داخل الأراضي الأردنية.