اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مأساة علاقات بغداد وأربيل..استعصاء التجانس واستحالة التفارق

مأساة علاقات بغداد وأربيل..استعصاء التجانس واستحالة التفارق

نشر في: 1 أغسطس, 2024: 12:01 ص

رستم محمود

أثناء مشاركته في الاجتماع الموسع للأحزاب والقوى السياسية العراقية في العاصمة بغداد، ضمن زيارته الأخيرة، والتي أتت بعد ست سنوات من "القطيعة السياسية مع العاصمة"، رفض زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني والرئيس الأسبق للحزب مسعود بارزاني الدخول في الخلافات التفصيلية بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان، مفضلا عرض "الرؤية الكردية لما يجب أن يكون عليه العراق استراتيجيا"، من إمكانية توسع الحرب الراهنة في غزة مرورا بالعلاقات مع دول الجوار، خصوصا إيران وتركيا، وصولا لما يعتقد أنها الآلية الأكثر منفعة للعراق في التعامل مع القواعد العسكرية الأميركية في العراق، معتبرا الخلافات الإدارية والمالية والقانونية بين بغداد وأربيل نتيجة لفقدان تلك الآلية التوافقية بين القوى والمكونات العراقية.

بعد زيارة بارزاني بأقل من أسبوع، ندّد مجلس الأمن الوطني العراقي بالتوغل التركي في إقليم كردستان، وقرر إرسال مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي إلى كردستان، لإيجاد موقف موحد من الأمر، بعدما كان مستشار رئيس الوزراء إبراهيم الصميدعي قد صرح لوسائل الإعلام بأن التوغل التركي يحدث بالتنسيق مع الحكومة الاتحادية العراقية.
شكلت الحادثتان المتتاليتان مؤشرا على طبيعة العلاقة الراهنة بين بغداد وأربيل: ثمة اعتقاد راسخ في الإقليم يعتقد بحتمية وضرورة إعادة بناء علاقة وثيقة مع القوى والسلطة الاتحادية في العراق، فعكسها يعني مزيدا من "الاهتراء" أمام النفوذين الإيراني والتركي، الجامحين نحو الإقليم بسبب الملفات السياسية والأمنية التي تربط كل منهما مع كردستان، وللحساسية الأولية والدائمة لكليهما من هذه التجربة الكردية، المؤثرة على استقرارهما وهيمنتهما على المجتمعات والتيارات الكردية داخلهما. فالصوت السياسي الأكثر وضوحا في كردستان اليوم يرى في ترك شؤون السلطة المركزية لسنوات، والتصرف على أساس الاهتمام والانشغال بالإقليم فحسب، هو ما عزز قدرة بعض القوى المناوئة للإقليم على التحكم في المؤسسات المركزية.
إلى جانب ذلك، فإن السلطة والقوى العراقية، حتى أكثرها نزوعا للمركزية، صارت تدرك أن ثمة ما لا يُمكن تجاوزه في تجربة كردستان، في بُعدها الجغرافي والكياني المحلي، فكردستان تشكل جزءا من الأمن القومي للعراق، على مختلف المستويات، على رأسها القضيتان الأمنية والاقتصادية/ البيئية.
لكنها ليست الصورة الكاملة، فمع هاتين الآليتين، لا يتوانى الكثير من القوى العراقية عن استخدام كل ما يتوفر له من أدوات وعلى رأسها المحكمة الاتحادية والسيطرة المالية، لنزع مزيدٍ من السلطات الفيدرالية من الإقليم، والتجريب قدر المستطاع، لتكون كردستان "فيدرالية بالحد الأدنى"، بعدما كانت "شبه كونفدرالية فعليا"، حسبما وصف مصدر سياسي كردي في حديثه مع "المجلة". وأضاف: "مقابل ذلك، فإن القوى الكردية تعول في هذه المماحكة المغلفة مع المركز على أداتين فاعلتين: الدستور الذي ثمة بنود ضمنه لا يُمكن تجاوزها، وطبعا يستحيل تغييره دون موافقة سياسية كردية، حسب آلياته. ومعه العلاقات الدولية والإقليمية، فالعراق في المحصلة دولة توازن سياسي، قائم على نظام ديمقراطي ولو ناقص، وتاليا ثمة حاجة دائمة للمركز في الإقليم".
صولجان الأغلبية
في شهر فبراير/شباط عام 2022، أصدرت المحكمة الاتحادية العراقية قرارا مفاجئا يقضي بـ"عدم دستورية قانون النفط والغاز المُقر من برلمان إقليم كردستان منذ عام 2007"، وطالبت المحكمة سلطات الإقليم بعدم تصدير النفط مطلقا، وتسليمه كاملا للشركة العامة لتسويق المنتجات النفطية (سومو). جاء القرار في وقتٍ كان العراق يشهد أزمة سياسية حادة، تتهم فيه الأحزاب الشيعية المقربة من إيران الحزب الديمقراطي الكردستاني، أكبر الأحزاب الكردية، بمحاولة إخراجها من السلطة، عبر التحالف الثلاثي الذي عقده الحزب مع كُلٍ من التيار الصدري (الشيعي) وحزب "تقدم" (السُني).
رفض الإقليم ذلك القرار وقتئذ، لكن المراقبين اعتبروه بمثابة فاتحة لاستخدام المحكمة كفاعل في المشهد السياسي، من قِبل القوى "الشيعية" المقربة من إيران، التي تملك نفوذا واضحا على القضاة والجهاز المؤسسي في المحكمة الاتحادية، بدلالة تماهي قراراتها مع تطلعات القوى السياسية، نوعا وتوقيتا.
تتالت قرارات المحكمة الاتحادية ضد إقليم كردستان بعد ذلك، كان تسعة منها على الأقل تقوض أنواع ومسارات الاستقلال النسبي لمؤسسات الإقليم عن السلطة الاتحادية، وتشكل أداة للتدخل في شؤونه الداخلية، السياسية والاقتصادية. فأصدرت المحكمة في أواسط عام 2023 قرارا بـ"عدم شرعية قوانين برلمان إقليم كردستان الصادرة بعد عام 2022"، لتجاوز البرلمان المدة القانونية لدورته، ورفضت تمديده لنفسه، وحولت الحكومة الإقليمية إلى "حكومة تصريف أعمال".
كما أصدرت حكما آخر يفرض على إقليم كردستان تسليم كل المعابر الحدودية ومواردها المالية للحكومة الاتحادية، ومن ثم أقرت بعدم شرعية وجود "كوتة الأقليات القومية" ضمن القانون الانتخابي المعمول به في الإقليم منذ عام 1992، وقررت إعادة توزيع دوائر الانتخابات المحلية، لتكون أربعا بدلا من واحدة، بل رفعت يد المفوضية العليا للانتخابات والاستفتاء في الإقليم عن الإشراف على الانتخابات البرلمانية المحلية. إلى جانب ذلك، ألغت المحكمة "كل قرارات مجلس الوزراء الاتحادي الخاصة بتحويل الأموال لإقليم كردستان"، مصنفة إياها كقرارات مخالفة للقانون ولمواد الدستور.
رفض إقليم كردستان تلك القرارات بالتتالي، متهما المحكمة بعدم الدستورية وتنفيذها لأجندات بعض الجهات السياسية وشكك في دستورية قراراتها ونطاق ولايتها، ودعا لإعادة صياغة قانون المحكمة واللجوء لتحكيم جهات حقوقية ودولية، لكن المحكمة استمرت في اتخاذ قراراتها، مدعومة من المؤسسات الحكومية الاتحادية وبأغلبية برلمانية كانت تشترط على الإقليم تنفيذ أحكامها لتيسير الشؤون العالقة مع المركز. حتى القوى السياسية العراقية الأقرب لإقليم كردستان، لم تحرك ساكنا في ذلك الاتجاه.
ويعرف الساسة الأكراد أن المجادلة مع المحكمة الاتحادية ليست قانونية/حقوقية، بل سياسية، بالجوهر والمُبتغى. فالقوى السياسية المركزية "الشيعية" تشعر بأن كردستان قد استحوذت في دستور عام 2005 ما يتجاوز الثقل السياسي الكردي الموضوعي، وأنهم سيستطيعون بالتقادم تقويض صلاحيات ونفوذ كردستان ضمن العراق، حسبما يذكر المصدر السياسي الكردي في حديثه مع "المجلة"، مضيفا: "منذ أن تمكنت القوى المقربة من إيران من السيطرة الفعلية على الفضاء السياسي والأمني والاقتصادي في العراق، تحديدا بعد الخروج الأميركي عام 2011، وتأسيس الحشد الشعبي عام 2014، فإنها تخلت عن أغلب فروض النظام الفيدرالي وشرط التوافقية الذي بُني عليه النظام الجديد. وكان إخضاع القوى السُنية مُيسرا، عبر مركزية مُحكمة مطعمة بالإخضاع، لكن كردستان بقيت تتمتع بقدرة على حماية الذات من القضم المركزي. لأجل ذلك، تتالت محاولة نزوع القوى المركزية للهيمنة السياسية وحتى الإدارية والأمنية على كردستان، عبر كثير من الأدوات، وعلى رأسها قرارات المحكمة الاتحادية والتشريعات البرلمانية والسياسات الحكومية. فإذا كانت هذه الجهات تتذرع بالقوانين والدستور، فلماذا مثلا أهملت تطبيق المادة 140 من الدستور منذ سنوات، ولماذا لا تطبق اتفاق سنجار الذي وقعته حكومة مصطفى الكاظمي؟ ، ومثلها أشياء لا تُعد".
تحكم في النبع المالي
بسبب السيادة النسبية على جغرافيا ثلاث محافظات تشكل إقليم كردستان، والعوائد المالية التي كان يوفرها تصدير النفط عبر ميناء جيهان التركي، وصل خلال العام الماضي لأكثر من 400 ألف برميل في اليوم، كان قرابة نصف أثمانه تدخل الخزينة العامة للإقليم بشكلٍ صافٍ، فإن كردستان كانت قادرة على ردّ ضغوط القوى والسلطات المركزية بشكل نسبي. فعجلة التنمية والقدرة على تيسير الحياة العامة وتقديم الخدمات كان أمرا متاحا لحكومة الإقليم، ولأجل ذلك كانت تتجاسر على رفض توجهات المركز.
لكن الحُكم الذي أصدرته "محكمة التحكيم في غرفة التجارة الدولية في باريس" في شهر مارس/آذار عام 2023، والقاضي بـ"عدم شرعية تصدير إقليم كردستان للنفط والغاز دون موافقة الحكومة الاتحادية"، أوقف عمليات التنقيب والتصدير، وفقدت الميزانية العامة في الإقليم أكثر من 80 في المئة من مواردها العامة.
وحسب ذلك، صارت كردستان مُجبرة على إرضاء بغداد للحصول على النسبة المخصصة للإقليم من الميزانية العامة (12.67 في المئة). لكن القوى المركزية وضعت ترسانة من الشروط السياسية والقانونية لفعل ذلك. فاشترطت أن تُسلم كردستان كل مواردها العامة إلى المالية العامة، من المعابر والضرائب، وصولا للمستخرجات النفطية والشراكات العامة. وأن تمنح الحكومة المركزية الحق في مفاوضة الشركات النفطية الدولية العاملة في كردستان، وإعادة الاتفاق معها حسب شروط جديدة، وقبلها الامتثال لجردة حساب كاملة منذ عام 2003 بين الطرفين، لكن فقط حسب رؤية وقراءة بغداد للحسابات بين الطرفين، ومعها كلها إخضاع مالية حكومة إقليم كردستان لمراقبة وتدقيق المؤسسات المركزية، وتسليم الوزارات المركزية جدولا بكل موظفي ومصاريف الخدمة العامة.
قانون الميزانية العامة الذي أقره البرلمان العراقية في أواسط عام 2023، ليكون ساريا لثلاث سنوات، أعاد فرض كل تلك الشروط، وأقرت المحكمة الاتحادية عدم دستورية دفع الحكومة المركزية لأية مبالغ لحكومة كردستان قبل تحقيق كل تلك الشروط وضع كردستان تحت هيمنة بغداد المالية تماما.
لا يأخذ المصدر السياسي الكردي الذي التقته "المجلة" كل تلك التفاصيل في الاعتبار، مصنفا إياها كأدوات وظيفية لخلق وفرض أمر آخر، هو خضوع كردستان سياسيا للقوى المركزية، تحديدا في الملفات الداخلية والعلاقات الإقليمية، والقبول بالتوجه الاستراتيجي للسلطة المركزية، أيا كان.
نسأل المصدر عما قد يدفع الحكومة والقوى المركزية للتفاوض مع إقليم كردستان وقواها السياسية، والتساهل النسبي والقبول بالتوافق النسبي معها، ما دامت تملك كل أدوات التحكم والسيطرة. ويرد المصدر: "على الرغم من كل شيء، لا يزال العراق متمتعا بسمات ما للحياة الديمقراطية، على مستوى الانتخابات وتشكيل الحكومات والحريات السياسية. فعكس هذه الديناميكيات يعني فعليا لجوء القوى السياسية/العسكرية العراقية إلى العنف والمواجهة. لأجل ذلك، ما دام العراق محكوما بتلك الآليات الديمقراطية الإجرائية، فإن القوى السياسية العراقية تحتاج للتوافق والحصول على أغلبية برلمانية لتشكيل الحكومات المركزية، وبذا تتلهف الكثير منها للإبقاء على مساحة مشتركة ما مع القوى الكردية. والسبب الآخر هو عدم قدرتها على إيصال كردستان إلى معادلة صفرية، لأن ذلك قد يدفع المجتمع والقوى السياسية الكردية إلى التصعيد في أعلى درجاته، وهو ما لن تقبله القوى الدولية ذات النفوذ الواضح في العراق، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية. هذا كله إلى جانب الشرط الجغرافي، فالعراق في المحصلة محكوم بأن كردستان هي أكثر مناطقه خصوبة وقابلية للعيش، ومصدر مياهه الأول وبوابة العراق التجارية الأكثر حيوية، وطبعا مصدر ومقر للمجتمع المدني والنُخبة العراقية. وإلغاء القوى المركزية لذلك الشرط، يعني العودة إلى الثمانينات وأجوائها وصراعاتها، وهو ما لا يريده أحد".
ظل إيران
حاول المسؤولون الحكوميون الأكراد "حلحلة" المواضيع سياسيا أكثر من مرة، عبر مفاوضة الأحزاب السياسية المركزية. فقام رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني بأكثر من زيارة إلى العاصمة بغداد خلال الشهور الماضية، ومثله فعل رئيس وزراء حكومة الإقليم مسرور بارزاني، لكن الأمور بقيت على حالها، وإن كانت الحكومة الاتحادية "تمنح الإقليم بعض حقوقه، لكن بالقطارة"، حسبما يشرح الباحث في الشؤون السياسية شفان رسول في حديث مع "المجلة".
ويضيف رسول: "ما كانت ذات دلالة باهرة، هي الزيارة التي قام بها رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني إلى إيران في أوائل شهر مايو/أيار الماضي، بعد أن تأكدت كردستان بأن المسألة أكثر تركيبا واستعصاء من قدرة القوى المحلية على حلها. إذ بعد ساعات قليلة من سلسلة لقاءات مكثفة أجراها بارزاني مع القادة الإيرانيين، كان آخرها مع المرشد الإيراني علي خامنئي، تقدم رئيس الوزراء مسرور بارزاني بالتماس متعلق بانتخابات إقليم كردستان إلى المحكمة الاتحادية، بعدما كانت هذه الأخيرة قد أصدرت أحكاما خاصة بها، كان من المفترض حسبها أن تُجرى انتخابات كردستان في العاشر من يونيو/حزيران، على الرغم من إلغاء كوتة الأقليات القومية ومقاطعة الحزب الديمقراطي الكردستاني لها. لكن المحكمة استجابت للالتماس لغير صدفة عقب لقاء بارزاني بخامنئي، وأجلت انتخابات الإقليم، وبعد أسابيع لاحقة أعادت 5 من أصل 11 مقعدا مخصصا للأقليات القومية، في تراجع كان يُقال إنه مستحيل من قِبل المحكمة عن قراراتها".
حتى تكون إيران عامل رعاية إيجابية في علاقة أربيل ببغداد، وكي لا تسعى لزعزعة الوضع الكياني لإقليم كردستان، فإنها تطلب من كردستان الالتزام بثلاثة مستويات من الفعل السياسي، حسبما يتابع الباحث شفان رسول في حديثه مع "المجلة"، ويقول: "بالنسبة لإيران المسألة ليست مجرد قوى سياسية شيعية في مواجهة نظيرتها السُنية والكردية. فتجربة إيران في العراق مختلفة عما لبلد مثل لبنان، من حيث إمكانية وقدرة بعض الأطراف الشيعية العراقية على التملص من نفوذها. لأجل ذلك، فإنها تريد من كردستان أن يبقى محافظا وملتزما بما تُمليه أو تختاره إيران من ترتيبات سياسية عراقية، أن لا تنزاح القوى السياسية الأساسية في كردستان لنظيرتها العراقية، الشيعية تحديدا، التي تملك مشروعا أو رؤية للتقليل من النفوذ الإيراني، خصوصا أثناء التحالفات والتشريعات البرلمانية وأثناء تشكيل الحكومات الاتحادية".
ويزيد الباحث رسول في حديثه: "إلى جانب ذلك، فإن إيران تريد استجابة واضحة من قِبل كردستان تجاه حساسيتها من النفوذ الأميركي في المنطقة، تحديدا في كردستان. سواء أكان ذلك النفوذ سياسيا اقتصاديا، لكن تحديدا أمنيا عسكريا. لا ترضى إيران بالتطمينات اللفظية والسياسية الكردية، بل تطلب مزيدا من الخطوات التنفيذية على أرض الواقع. فمساعي بعض القوى العراقية المقربة من إيران لإخراج القوات الأميركية وتصفية القواعد العسكرية الأميركية هناك مثلا، يجب أن لا يصطدم بمعارضة سياسية وبرلمانية كردية. والمطلب الأخير يتصل بالداخل الإيراني، بعلاقة تجربة كردستان مع القوى السياسية الكردية الإيرانية، ضرورة ضبطها لعشرات الآلاف من اللاجئين والمنفيين الأكراد الإيرانيين المقيمين في كردستان، منعهم من الفاعلية، ولو السياسية والإعلامية ضد النظام الحاكم في إيران، إبعادهم قدر المستطاع عن المناطق الحدودية مع إيران، والاستجابة للاستراتيجية الإيرانية فيما يتعلق بالمسألة الكردية في المنطقة".
في محاولة رد ذلك، كانت كردستان تعول على تركيا لإحداث "توازن في النفوذ الإقليمي" ضمن العراق، معتمدة على رغبة تركية في ذلك الاتجاه، بما يخدم أمنها القومي. وتعاونت تركيا خلال مراحل طويلة منذ عام 2003 مع إقليم كردستان، لكن تعاونها بقي مُختصرا في القطاع الاقتصادي، مع الاحتفاظ بهواجس متراكمة من تطور التجربة الكردية في العراق سياسيا.
عاملان رئيسان أضعفا الهمة التركية في دعم إقليم كردستان، ودفعاها لحكر نفوذها داخل العراق بالقوى التركمانية والعربية "السُنية". فالتنمية الاقتصادية والعلاقات الدولية والاستقلال النسبي عن السلطات المركزية، صعّد من طموحات الأكراد العراقيين، ما صار يخلق هواجس متنامية لتركيا، بدلالة استفتاء الاستقلال عن العراق في عام 2017. كذلك لم يستجب الإقليم لطلبات تركيا فيما يتعلق بمقاتلي حزب "العمال الكردستاني" بما فيه الكفاية، حسب المعايير والرؤية التركية. فإقليم كردستان لم يصنف "العمال الكردستاني" كـ"منظمة إرهابية"، كما تصر تركيا، وكان ذلك عاملا لامتناع الحكومة العراقية عن فعل ذلك. ولم تشارك قوات البيشمركة الكردية الجيش التركي في هجماته على مقاتلي "العمال الكردستاني"، ما صار يثير حنقا تركيا متصاعدا.
· عن مجلة المجلة

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ (إصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة)

العمودالثامن: الكهوف المظلمة

العمودالثامن: النائب الذي يريد أن ينقذنا من الضلال

العمودالثامن: أحزاب وخطباء !

العمودالثامن: ماذا يريدون ؟

العمودالثامن: نواب يسخرون من الشعب

 علي حسين يملأ بعض السياسيين حياتنا بالبيانات المضحكة ، وفي سذاجة يومية يحاولون أن يحولوا الأنظار عن المآسي التي ترتكب بحق هذا الشعب المطلوب منه أن يذهب كل أربع سنوات ” صاغراً” لانتخاب...
علي حسين

الأحوال الشخصية.. 100 عام إلى الوراء

رشيد الخيون عندما تُعلن الأنظمة، تحت هيمنة القوى الدّينيّة المسيسة، تطبيق الشّريعة، تكون أول ضحاياها النّساء، من سن زواجهنَّ وطلاقهنَّ، نشوزهنَّ، حضانة أولادهنَّ، الاستمتاع بهنَّ، ناهيك عما يقع عليهنَّ مِن جرائم الشّرف، وأنظمة لا...
رشيد الخيون

مأساة علاقات بغداد وأربيل..استعصاء التجانس واستحالة التفارق

رستم محمود أثناء مشاركته في الاجتماع الموسع للأحزاب والقوى السياسية العراقية في العاصمة بغداد، ضمن زيارته الأخيرة، والتي أتت بعد ست سنوات من "القطيعة السياسية مع العاصمة"، رفض زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني والرئيس الأسبق...
رستم محمود

كلاكيت: للوثائقيات العراقية موضوعات كثر

 علاء المفرجي أثار موضوع تعديل قانون الأحوال الشخصية في العراق، من جدل اجتماعي أحتل ومازال مواقع التواصل الاجتماعي، أُعيد ما كتب في هذا الحيز عن فيلم (خاتم نحاس) إخراج فريد الركابي والذي انتجته...
علاء المفرجي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram