TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمودالثامن: يا طرطرا.."!

العمودالثامن: يا طرطرا.."!

نشر في: 4 أغسطس, 2024: 12:07 ص

 علي حسين

مرت قبل أيام الذكرى السابعة والعشرين لرحيل شاعر العراق الأكبر محمد مهدي الجواهري، الرمز الوطني الذي أرخ للبلاد وأحداثها فكان هو العراق لساناً ودماً وكياناً.. صاحب يوم الشهيد وآمنت بالحسين وقلبي لكردستان.. مرت ذكرى رحيله بصمت مثلما مرت أيضاً ذكرى رحيل علي الوردي، مرت ذكراهما وسط صمت حكومي بامتياز. فكان التجاهل، ونكران الجميل والنسيان لاثنين من بناة النهضة العراقية الحديثة، اللذين أتمنى عليهما أن لا يغضبا أو يحزنا لأننا اليوم نعيش عصر أمراء الطوائف والمحاصصة البغيضة والبحث عن الغنائم، عصر المحسوبية والانتهازية، والنواب الذين يتهالكون على الامتيازات أكثر من تهالكهم على حضور جلسات البرلمان.
أيها الشاعر المكافح في سبيل عراق حر وديمقراطي، وأيها المفكر الذي حذرتنا دوما من زمن السلاطين وطالبتنا بأن نعيش زماننا ونخرج من كهف القرون الوسطى، ألم تكتب يوماً بمنتهى الصراحة عن الذين يتمسحون بالدين من أجل الحصول على أكبر قدر من المنافع والمغانم: " يظن البعض أن لو رأوا علياً بينهم اليوم لاجتمعوا إليه ونصروه ولما تفرقوا عنه، وهم في ذلك إنما يخادعون أنفسهم.. فلو ظهر اليوم بيننا رجل كعلي بن أبي طالب عادلاً يساوي بين الناس فلا يداري أهل الجاه والنفوذ، ولا يغدق أموال الأمة على الأصحاب والأنصار ولا يُحابي ولا يُجامل لتفرقنا عنه كما تفرق أسلافنا ولأقمنا الدنيا عليه وأقعدناها.. وأحسب أن أكثر الناس عداءً سيظهرون له من بين هؤلاء الذين يتبجحون اليوم بحبه والتغني بأمجاده "، دعاة الديمقراطية اليوم تناسوكما لأنهم مشغولون بمعركة كسر العظم.. كما أن ذكرى رحيلكما تزامنت ونواب مجلسنا الموقر يخوضون حرب الحصول على كل شيء واي شيء ، فلا تصدق أيها الشاعر الذي مات منفياً من أجل وطنه، أن هناك من يهتم بذكرى رحيلك، فالوطن اليوم مشغول بما هو أهم " كرسي رئاسة البرلمان
نم قرير العين ابا فرات، فأن نسيانك، أنت، من حكام أكل السحت ، أمراء الطوائف، شرف لك، ما دمت، وكل عظماء شعبنا، تحتل مكاناً أثيراً في قلب كل عراقي وطني شريف، وفي ضمائرنا. وهل يمكن أن تغيب عن المشهد، وها أنت تصف ما نحن فيه من هوان في رائعتك.. يا طرطرا:
أي طرطرا، تطرطري.. تقدمي، تأخري
تشيّعي، تسنّني.. تهوّدي، تنصّري
تعممي، تبرنطي.. تعقلي، تسدري
في زمن الذرّ إلى بداوة تقهقري
وألبسي الغبيَّ والأحمق، ثوب عبقر
وأفرغي على المخانيث دروع عنتر
أكاد أسمع صوت الجواهري في ذكرى رحيله يسخر من الذين يعتقدون أن الدولة مشغولة أصلاً بالإبداع والثقافة .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram