متابعة/المدى
أعلن مدير عام منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غبرييسوس، عن عزمه عقد لجنة خبراء لتقديم المشورة بشأن إمكانية إعلان حالة طوارئ دولية لتفشي فيروس "إم بوكس" (جدري القردة) في أفريقيا، الذي يشهد تزايداً ملحوظاً في الفترة الأخيرة.
ومنذ سبتمبر/ أيلول الماضي، سجلت جمهورية الكونغو الديمقراطية ارتفاعاً في حالات الإصابة، بسبب سلالة جديدة من الفيروس، التي رُصِدت مؤخراً في دول إفريقية مجاورة.
وأوضح غبرييسوس أن الوكالة الصحية التابعة للأمم المتحدة، إلى جانب المراكز الإفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها والحكومات المحلية والشركاء، تعزز استجابتها لمواجهة تفشي المرض. وأشار إلى الحاجة الماسة إلى مزيد من التمويل والدعم من أجل استجابة شاملة وفعالة.
وفي تدوينة له على منصة "إكس"، نقلتها وكالة "فرانس برس"، ذكر غبرييسوس: "أفكر في تشكيل لجنة طوارئ للوائح الصحية الدولية لتقديم المشورة حول ما إذا كان يجب إعلان تفشي فيروس "إم بوكس" حالة طوارئ صحية عامة تثير قلقًا دوليًا".
تُعتبر حالة الطوارئ الصحية العامة التي تثير قلقًا دوليًا أعلى مستوى من التنبيه يمكن أن تطلقه منظمة الصحة العالمية. ويملك تيدروس، بصفته المدير العام للمنظمة، صلاحية إعلان هذه الحالة بناءً على مشورة لجنة الخبراء.
وفي تصريح لمجلة "ساينس"، أكد غبرييسوس أن "هناك إمكانية لاحتواء هذا التفشي، ويجب أن يتم ذلك من خلال تدابير صحية عامة مكثفة، تشمل المراقبة، والمشاركة المجتمعية، والعلاج، وتوزيع اللقاحات على الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة".
فيروس "إم بوكس"، الذي كان يُعرف سابقاً بجدري القردة، هو مرض معدٍ يسببه فيروس ينتقل من الحيوانات المصابة إلى الإنسان، ويمكن أيضاً أن ينتقل من شخص لآخر من خلال الاتصال الجسدي المباشر. اُكْتُشِف الفيروس لأول مرة لدى البشر عام 1970 في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ويسبب المرض حمى، أوجاعاً عضلية، وآفات جلدية تشبه الدمامل.
ووجد عدد من العلماء أن ظهور أعراض عدوى جدري القرود على المصابين لا يبدأ قبل ما يصل إلى أربعة أيام من التقاطهم العدوى.
في أول دليل من نوعه، قال باحثون لدى "وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة" (UKHSA)، إن عدد المصابين الذين ينقلون عدوى جدري القرود إلى أشخاص آخرين قبل ظهور الأعراض عليهم ربما يكون أعلى بأشواط مما كان يعتقد سابقاً.
وتشير التقديرات إلى أن أكثر من نصف (تحديداً 53 في المئة) حالات انتقال عدوى جدري القرود يحدث قبل معاناة المصابين أي أعراض، ما يعني أن الطلب إلى الناس باللجوء إلى العزلة بعد أن يلاحظوا ظهور الأعراض عليهم غالباً ما يكون إجراء غير مجد. كذلك ربما يكون تتبع المخالطين بدوره أقل فاعلية مما يعتقد.
وخلصت "وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة" إلى أنه سيكون على الأشخاص الالتزام بالعزلة طوال 16 إلى 23 يوماً ليكون ممكناً رصد 95 في المئة من المصابين بعدوى محتملة.
عموماً، تختلف أعراض جدري القرود بين مصاب وآخر، ولكنها تشمل الطفح الجلدي، والحمى، والقشعريرة، وتضخم الغدد الليمفاوية، فضلاً عن الإرهاق والصداع.
وبدورها، تقدم السلطات الصحية لقاحاً ضد الجدري smallpox للأشخاص الأكثر عرضة لخطر الإصابة بجدري القرود، ذلك أن الفيروسين وراء المرضين متشابهان.
ولقد وضع مبلغ وقدره مليونا جنيه إسترليني في تصرف فريق من العلماء بهدف إنشاء تجمع بحثي جديد يعمل على التصدي لتفشي مرض جدري القرود على الصعيد العالمي.
وسيقوم هذا التجمع المكون من 25 باحثاً من 12 مؤسسة بدراسة الفيروس، والتأكد من فاعلية لقاح الجدري، الذي يستعمل كوقاية من جدري القرود، وابتكار اختبارات لرصد المرض وإدارته.
وأفاد الرئيس المشارك من معهد "بيربرايت" Pirbright، بريان تشارلستون أحد أعضاء التجمع الجديد، أن "الآثار المترتبة على تفشي مرض جدري القرود الحالي هائلة"، مضيفاً أنه "يجب علينا التصدي للتفشي الحالي، ويجب أن نكون مستعدين تماماً للتفشي التالي، لأن هناك مصادر هائلة من العدوى في جميع أنحاء العالم".