خاص/المدى
يواجه العراق في ظل السعي لتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة، تحديات كبيرة في توسيع محطات الغاز الخاصة به، وتتراوح هذه التحديات بين القضايا الفنية واللوجستية إلى المشكلات الاقتصادية والسياسية.
وعلى الصعيد الفني، يواجه العراق صعوبات في تحديث البنية التحتية القديمة وضمان قدرتها على التعامل مع الزيادة المتوقعة في الطلب على الغاز. ومن الناحية الاقتصادية، يتطلب توسيع المحطات استثمارات ضخمة، وهو ما يتعارض مع الوضع المالي الحالي للبلاد.
وأما على الصعيد السياسي، فإن التوترات الداخلية والصراعات الإقليمية تعقد جهود التعاون مع الشركات الأجنبية، وتعرقل تنفيذ المشاريع الحيوية. في ضوء هذه التحديات، يتعين على العراق إيجاد حلول مبتكرة والتعاون مع الشركاء الدوليين لتعزيز قدرته على توسيع وتعزيز قطاع الغاز.
وأطلق العراق، الأعمال التنفيذية في مشروعي توسعة محطتي كهرباء الحيدرية، و النجف الغازيتين، بالدورة المركبة، بمجموع يصل إلى 495 MW، وكذلك مشروع المحطّة التحويلية سعة 400 كي في.
وقال المختص في مجال الطاقة، سعدون الاسدي، خلال حديث لـ (المدى)، إن "توسعة محطات الغاز في العراق تواجه عدة معوقات رئيسة"، مشيراً إلى "نقص في البنية التحتية الأساسية مثل خطوط الأنابيب ومحطات التكرير التي تحتاج إلى تطوير وتحديث".
وأضاف، أن "التحديات المالية وتأمين الاستثمارات اللازمة للتوسع قد تكون عائقًا كبيرًا"، لافتاً إلى أن "الوضع الأمني غير المستقر في بعض المناطق يمكن أن يؤثر سلبًا في مشاريع الطاقة".
وأوضح، أن "تعقيد الإجراءات الإدارية والتراخيص يمكن أن يؤخر أو يعقد عملية التوسع"، مبيناً أن "استخدام تقنيات قديمة قد يؤدي إلى ضعف الكفاءة، ويزيد من تكلفة التوسعة".
وتابع المختص في مجال الطاقة، أن "الالتزام بالمعايير البيئية والمتطلبات التنظيمية قد يضيف تحديات إضافية إلى عملية التوسع"، مؤكداً أن "هذه المعوقات قد تحتاج إلى إستراتيجيات متعددة لمعالجتها لضمان تحقيق التوسع بنجاح".
ويؤكد مختصون أن العراق بحاجة إلى أكثر من 7 مليارات دولار لنصب محطات لتحويل الغاز من مسال إلى غاز طبيعي، مع مد شبكة أنابيب إلى جميع المحطات العاملة في البلد، ويستغرق إنجاز هذا الأمر أكثر من عامين.
من جهته، ذكر المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء في بيان تلقته (المدى)، أنّ "هذه المشاريع هي ضمن الاتفاق الإستراتيجي مع سيمنس الألمانية الذي يتضمن مرحلتين؛ الأولى لثلاث محطات في النجف وكربلاء وبغداد، والمرحلة الأخرى تتضمن محطتين في البصرة وديالى، بسعة إجمالية تصل إلى 7500MW، مشيراً إلى أهمية هذه المشاريع للمنظومة الكهربائية، وبالأخص للنجف الأشرف التي تواجه نقصاً في التجهيز قياساً بمستوى الأحمال الكهربائية.
وأوضح أن "الحكومة وضعت الخدمات، ومنها الكهرباء وإصلاحها وتحسينها، في مقدمة مستهدفاتها، مشيراً إلى العمل على توفير الوقود واستثمار الغاز المصاحب، ورفع كفاءة قطاعي النقل والتوزيع، وكذلك تحسين سياقات العمل وتضمين نوع اقتصادي مشجع ونافع لمصلحة الإنتاج والمواطن".
وشدد على أن "سياسة الاستهلاك الخاطئة تحتاج مراجعة؛ لأنها تؤثر في أداء المنظومة، مؤكداً العمل على الشراكة مع الشركات الرصينة والكفاءة التي أثبتت فاعليتها، وأن هذه المشاريع ستسهم في فكّ الاختناقات عن المنظومة، وتوزيع الإنتاج والمناقلة".
وبحسب البيان، يوفر إنتاج الطاقة الكهربائية من خلال الدورة المركبة مزايا كثيرة، من أهمها أنها ستضيف قدرة كهربائية جديدة دون الحاجة إلى الوقود الإضافي، وتستثمر الغاز المحترق، بالإضافة إلى توفير مليارات الدولارات سنوياً من خلال عدم استهلاك الوقود الإضافي.
وبدأت مفاوضات بين العراق وقطر لشراء الغاز خلال حكومة حيدر العبادي، بيد أنها توقفت لأسباب عديدة منها تفضيل الحكومة زيادة استثمار الغاز المصاحب للإنتاج والحقول الغازية في ديالى والأنبار، ولكن حتى الآن ما زال يحرق العراق 1214 "مقمقا" يوميا، ولم تبد الشركات العالمية اهتماما بالاستثمار في الحقول الغازية.
وفي وقتٍ سابق، أعلنت وزارة النفط العراقية توقيع سلسلة من العقود مع شركات أجنبية بهذا الخصوص، ومنها التوقيع على عقد بين شركة نفط الوسط وائتلاف شركتي "جيرا" الصينية و"بتروعراق" لتطوير حقل المنصورية الغازي للوصول إلى إنتاج حجمه 100 مليون قدم مكعب قياسي في اليوم في غضون 18 شهرا. كما أكدت أن الاتفاق يهدف أيضا إلى تحقيق إنتاج الذروة البالغ 300 مليون قدم مكعب قياسي يوميا في غضون أربع إلى خمس سنوات.
وينبه خبراء إلى أن الشركات الصينية التي حصلت على عقود جولات التراخيص، أغلبها ليست شركات متطورة في مجال تكنولوجيا النفط، كالشركات الغربية. وكان من الأفضل لجوء الحكومة إلى التنوع في الشركات، والاستعانة بشركات غربية أيضا.