اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > اخبار وتقارير > سجون العراق تتكدس بالمعتقلين.. امراض واوساخ ونظام اصلاحي متهالك

سجون العراق تتكدس بالمعتقلين.. امراض واوساخ ونظام اصلاحي متهالك

نشر في: 5 أغسطس, 2024: 05:14 م

المدى/ متابعة

بدل أداء مهامها ودورها في اصلاح المعتقلين، تحولت السجون العراقية إلى بؤر لإنتاج متعاطي المخدرات والكريستال، اضافة الى ملف اطعام المسجونين، فضلاً عن تعليم الإجرام واللصوصية، عبر خلط المعتقلين ببعضهم، وهو ما يثير غضب المنظمات المعنية والحقوقية، وسط دعوات لوضع حل لهذا الواقع المأساوي، والذي جرّ على البلاد الكثير من الولايات.

فيما أقرّ وزير العدل العراقي خالد شواني، في أحدث تصريحات له، بأنّ تضخّم الطاقة الاستيعابية في سجون العراق وصل إلى 300%، الأمر الذي يؤكد ما يُتداوَل عن وضع بائس تعيشه دوائر الإصلاح والسجون العراقية. يأتي ذلك في حين تعلن السلطات أنّها تعمل لحلّ هذه المشكلة من ضمن خطّة وضعتها وزارة الداخلية في وقتٍ سابق تشمل استحداث مدن إصلاحية متكاملة، غير أنّها في الحقيقة لم تتقدّم في هذا الملف، إذ الإفادات تكثر بشأن الأوضاع المأساوية التي يعيشها السجناء، بالإضافة إلى التعذيب والابتزاز وانتزاع الاعترافات بالقوّة.

وبحسب إحصائية للمركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان، يحتل العراق المرتبة 81 عالميًا من حيث اكتظاظ السجون، وفي نيسان الماضي، أعلن وزير العدل العراقي خالد شواني أن الحكومة عازمة على خفض نسبة الاكتظاظ في السجون إلى 200% من خلال فتح سجون جديدة.

قانون العفو العام

وناقش مجلس النواب العراقي يوم أمس القراءة الأولى لمشروع قانون العفو العام، الذي يُعتبر من المطالب المهمة للسنة، وهذا التعديل الثاني لقانون العفو العام الصادر سنة 2016 سيضيف مادة توضح معاني عبارتي "التعاطف مع التنظيمات الإرهابية" و"المشاركة في العمليات الإرهابية".

ومن المتوقع أن يستفيد غير المشمولين بالتعريف الجديد من العفو العام، مما سيؤدي إلى إطلاق سراحهم، وهناك سجناء أكملوا فترات عقوباتهم لكن لم يتم الإفراج عنهم بعد بسبب الروتين الإداري الذي يستغرق وقتًا طويلاً.

وكشف رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق، فاضل الغراوي، أن "تأخير إطلاق سراح السجناء يُعَدُّ مشكلة وتحديًا رئيسيًا"، مشيرًا إلى، أن "هناك العديد من السجناء محتجزين بدون صدور أي أحكام بحقهم"، وأوضح أن "التعديل سيؤدي إلى إطلاق سراح العديد من السجناء".

ويعتبر السنة المدافعون الأشد عن هذا التعديل، معتقدين أن كثيرين من مكونهم زُجَّ بهم في السجون بتهم ملفقة، وسيستعيد هؤلاء حريتهم عند إقرار التعديل.

امراض واوبئة

ويعد ملف السجون العراقية واحد من أهم المواضيع التي يجب أن يراعى فيها موضوع حقوق الإنسان، ويعد الاكتظاظ بالسجون واحدة من الحالات الكثيرة التي وثقتها لجنة حقوق الانسان النيابية مع الأمراض والمخدرات التي تباع داخل السجون، يضاف إلى ذلك نزع الاعترافات من المتهمين بالتعذيب من قبل المحققين أثناء التحقيق، وبقاء إرهابيين خطيرين ومن جنسيات أوروبية داخل السجون العراقية.

ويقول رئيس لجنة حقوق الانسانية النيابية ارشد الصالحي، في حديث صحفي تابعته (المدى)، إن "سجون العراق مكتظة بالمحكومين الموقوفين، ويصل أعداد السجناء فيها يتراوح بين 60 الفاً الى 70 الف مسجون ومحكوم وموقوف وهذه الأعداد تولد اكتظاظاً بعدد السجناء في السجون المنتشرة في بغداد وعدد من المحافظات ويبلغ عدد السجون بحدود 30 سجناً، ومن الامور التي اطلعت عليها ميدانيا وجود الأمراض والأوبئة في السجون وهذه الأمراض تفتك بالنزلاء".

ويؤكد أن "لجنة حقوق الانسان النيابية فاتحت وزارة الصحة الى معالجة المرضى وتوفير العلاجات الطبية عبر لجان تقوم بمهام جولات ميدانية في السجون لغرض معالجة المرضى وتوفير أجواء صحية مناسبة للنزلاء في السجون العراقية جميعها بما فيها سجون الإقليم".

انتهاكات

وسجلت منظمات المجتمع المدني حالات عديدة، وعرضتها على أعضاء في مجلس النواب، ومسؤولين في وزارة العدل، وفي دوائر الإصلاح المسؤولة عن إدارة السجون، وتعد السلطات دائماً بإجراء إصلاحات، ومعاقبة المتسببين في الانتهاكات، وتصدر بعض القرارات والتوجيهات، لكن سرعان ما يعود الوضع إلى ما كان عليه.

ويشدد منذر الجنابي، وهو عضو في منظمة محلية معنية بمراقبة السجون العراقية، على وجود مشاكل كثيرة في السجون، من بينها الاكتظاظ غير الاعتيادي، والتعذيب، والتجويع، وابتزازهم السجناء، وتوريطهم في جرائم أخرى، وصولاً إلى مساومة ذوي السجناء، والتجاوزات بحقهم.

ويبين الجنابي في حديث صحفي تابعته (المدى)، أن "مقاطع فيديو تتسرب بين فترة وأخرى، تظهر استغاثات السجناء من الانتهاكات غير الأخلاقية، وتعرضهم للإهمال والتجويع والتعذيب، فضلاً عن تعرض ذويهم للتجاوزات، ومن بينها التحرش بالنساء ومضايقتهن".

فيما يساور منظمة العفو الدولية القلق من أن العديد من الأشخاص غيرهم ربما أُعدموا سرًا وسط انعدام مقلق للشفافية فيما يتعلق بالإعدامات التي نُفّذت في العراق في الأشهر الأخيرة. وكانت مصادر أمنية قد أكدت سابقًا لوسائل الإعلام إعدام 13 رجلًا في 25 ديسمبر/كانون الأول 2023 – وهذه أول عملية إعدام جماعية تُسجَّل منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2020. لكن نشطاء ومحامين يمثلون سجناء محكوم عليهم بالإعدام أبلغوا منظمة العفو الدولية أن العشرات من الأشخاص الاضافيين قد أُعدموا منذ 10 أبريل/نيسان، مضيفين أن السلطات لم تعطِ إشعارًا مسبقًا للسجناء، أو لأسرهم ومحاميهم.

بينما أصدرت السلطات القضائية في العراق في اذار الماضي، حكماً بالسجن لمدة 6 سنوات بحق ضابط تحقيق بعد إدانته بالتسبب بوفاة أحد الموقوفين من جراء التعذيب.

وتتكرّر في العراق حالات وفاة السجناء في ظروف غامضة، أثناء التحقيق وبعده، خاصة في سجن "الحوت" بمدينة الناصرية بمحافظة ذي قار الجنوبية، الذي يضم نحو 40 ألف سجين، ويُعَدّ أكبر سجون العراق بعد إغلاق سجن "أبو غريب"، ويلقّبه مراقبون بـ"ذي الصيت السيء".

وفتح رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2022 ملف انتزاع الاعترافات قسراً خلال التحقيقات القضائية، والتي زج بسببها آلاف العراقيين داخل السجون خلال السنوات السابقة، فيما خصص بريداً إلكترونياً لاستقبال شكاوى من تعرّضوا للتعذيب.

وتم لاحقاً الإعلان عن تسلّم الحكومة 5 آلاف شكوى عن حالات تعذيب وانتهاكات داخل السجون، ووسط دعوات لمعالجة الملف، لم تكشف الحكومة والجهات المسؤولة عن أي خطوات لمعالجته.

اصلاح وتخفيف

ورغم الأعداد الكبيرة للسجناء في البلاد، افتقدت وزارة العدل منذ عام 2003 إقامة الورش المهنية والبرامج الإصلاحية التي تساعد السجناء على الاندماج بالمجتمع وتحد من عودتهم إليها مستقبلا، غير أن المتحدث باسم الوزارة أوضح أن قانون إصلاح النزلاء رقم 14 لعام 2018، يضم مادة لتنظيم العمل داخل السجون للتشغيل والاستفادة من الأيدي العاملة داخل الورش التي تضمها السجون، ولا سيما الكبيرة منها، وهو ما تعمل عليه وزارته.

وقال وزير العدل العراقي خالد شواني، في تموز الماضي، إنّ "معالجة هذه المشكلة تجري وفقاً للبرنامج المرسوم من قبل الوزارة عبر آليّتَين": الأولى تُعنى بـ"الآليات القانونية المتعلقة بالإفراج وكذلك توسيع قضية الإفراج الشَّرطي وإصدار قانون العفو وفقاً للصيغة المصدّق عليها في ائتلاف إدارة الدولة وفي الحكومة من دون التوسع أو التضييق فيها"، إلى جانب "جملة من القوانين مثل تشريع قانون العقوبات والتدابير البديلة الذي يُعَدّ من القوانين النموذجية التي تتمّ عبر الاستفادة من تجارب دول متقدّمة في هذا المجال".

أمّا الآلية الثانية، بحسب وزير العدل العراقي، فتُعنى بـ"البنى التحتية الجديدة" في سجون العراق، مشيراً إلى "مشاريع مستمرة للإنشاء وإعادة التأهيل تتقدّم بوتيرة متسارعة".

وأضاف أنّه في خلال 15 يوماً، سوف تُطلَق عملية "توسعة سجن العمارة الإصلاحي وسجن الناصرية الإصلاحي وسجن النجف الإصلاحي ودائرة الإصلاح النجف"، إلى جانب "الانتهاء من إعادة تأهيل وتوسعة سجن بغداد المركزي وعدد من السجون الأخرى في العاصمة"، مؤكداً أنّ "في هذه الحالة نقلّل الاكتظاظ وفقاً لهذا البرنامج بنسبة 200%" في السنة الجارية.

 وأوضح شواني أنّ "واحدة من المشكلات التي واجهتنا" لحلّ مشكلة اكتظاظ سجون العراق "تأخير إطلاق سراح مَن تنتهي مدّة محكوميته بسبب مفاتحة الجهات الأمنية والجهات الأخرى المختصة لمعرفة ما إن كان هذا النزيل محكوماً على ذمّة قضية أخرى أو عليه تحقيق ما، وهذا يُسمّى بيان عدم المطلوبية. وعند ورود عدم المطلوبية، يُطلَق سراحه".

تجدر الإشارة إلى أنّ ملف السجناء في العراق من الملفات المعقّدة، ولا سيّما مع الاكتظاظ والانتهاكات والخروقات المختلفة، من بينها إدخال الممنوعات. كذلك لا تتوافر بيانات رسمية خاصة بعدد السجناء في البلد، غير أنّ أرقاماً متضاربة تبيّن أنّها تقترب من 100 ألف سجين يتوزّعون على سجون وزارات العدل والداخلية والدفاع، بالإضافة إلى سجون تمتلكها أجهزة أمنية مثل الاستخبارات والأمن الوطني ومكافحة الإرهاب، في حين يستمرّ الحديث عن سجون سرية تضمّ آلاف المعتقلين.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

حزب الدعوة يرد على تصريحات المتحدثة باسم الخارجية الروسية بشأن "صدام حسين"

أين كان يقيم إسماعيل هنية عند اغتياله في طهران؟

اللحوم الحمراء في العراق.. تحت رحمة الاستيراد وارتفاع أسعار المحلي

حق الحصول على المعلومة.. غاية لا يدركها الصحفيين في العراق

رواتب "الاقليم".. هل سينهي التوطين المشكلة؟

مقالات ذات صلة

العراق يقع في مطب التوترات الاقليمية.. هل تستمر مفاوضات اخراج القوات الامريكية؟

العراق يقع في مطب التوترات الاقليمية.. هل تستمر مفاوضات اخراج القوات الامريكية؟

المدى/ متابعة يشهد عمل اللجنة العسكرية العليا لإنهاء مهمة التحالف الدولي في العراق حالة من الجمود حتى مع بدء الجولة الثانية من المفاوضات وسط تساؤلات من القوى العراقية عن مدى جدية واشنطن في سحب...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram