علي حسين
ما هو الفارق بين ما جرى في تشرين عام 2019 في بغداد والمحافظات.. وما جرى في البلاد الفقيرة بنغلاديش خلال الأيام الماضية؟ في العراق جرى قتل أكثر من 700 شاب.. وجرح الآلاف وتغييب المئات.. والمسؤول عن الكارثة لا يزال يخرج علينا كل يوم، يقدم النصائح لبناء مجتمع ديمقراطي لا مكان فيه للأصوات التي ترفض الهيمنة والانتهازية وسرقة المال العام.. في بنغلاديش اضطرت رئيسة الوزراء إلى الهروب من البلاد بعد تظاهرات قام بها الطلبة أسفرت عن مقتل 300 شخص.
في بلاد الرافدين لا يريدون لك أن تسأل عن الذين قتلوا، ومن قتلهم، ومتى سيُقدم المسؤول للعدالة، كأن هذا ليس من شأنك كمواطن، أو على الأقل بحجة أن هذه أسرار أمن قومي لا يعرفها إلا " العلامة " عبد الكريم خلف الذي أدمن على شتم وتخوين شباب الاحتجاجات.
بشماعة الأجندات الخارجية مُنع المواطن العراقي من حق السؤال والمعرفة، فيما قررت رئيسة بنغلاديش ترك كرسي الحكم من دون ان تتهم المتظاهرين بـ " الجوكرية "
خاض طلبة بنغلادش حرباً شرسة من أجل إقرار العدالة.. وفي العراق خرج مئات الآلاف من الشباب للبحث عن العدالة أيضاً.. في بنعلادش وقف الجيش إلى جانب الطلبة المحتجين وساندهم.. وفي بلادنا أصر بعض الضباط " الكبار " على إغراق ساحات الاحتجاج بالدم العراقي .
خرج طلبة بنغلادش فانضمت لهم الأحزاب المعارضة .. وخرج شباب تشرين فاستغلتهم دكاكين الاحزاب المستقلة لتصعد على أكتاف شباب تشرين، البعض منهم أصبح مستشاراً في الحكومة والبعض الآخر تسلل إلى مكتب رئيس الجمهورية ، ولا ننسى الذين ذهبوا صوب مكتب رئيس مجلس النواب . وكنا قد شاهدنا من قبل مشاهد مثيرة، مثل مشهد عربة "التكتك" التي أبحرت ببعض النواب إلى قبة البرلمان، فيما اختار البعض أن يؤدي القسم الشعبي تحت نصب جواد سليم، وحاول بعض النواب آنذاك وهم يعبرون بخطواتهم عتبة البرلمان أن يقدموا للشعب مشاهد تبهجه، وفاتهم أن شؤون البلاد والعباد لا تدار بالتكتك ولا بالشعارات ولا بالهمسات والاتفاقيات الغامضة.. لا بد من أشياء أخرى مقنعة للناس وهذا ما لم يتوفر لهم ، بعد أن استبدلوا التكتك بالجي كلاس والتاهو .
وأنا أتابع أخباربنعلاديش كانت تحضرني جملة حسني البرزان زميل غوار الطوشي ومنافسه على حب " فطوم " " اذا أردت ان تعرف ماذا يجري في ايطاليا، يجب ان تعرف ماذا يجري في البرازيل". .فيا عزيزي القارئ الذي تلومنا دوما ، اذا أردت ان تعرف ماذا يجري في بغداد ، عليك أن تعرف ماذا يجري في بلاد الله الواسعة ، رغم اننا قدمنا ولانزال أنموذجا خاصا من التجربة السياسية ، شعاره " ما ننطيها " .