 متابعة / المدى

دلالات واسعة ترتبط بالأسباب والتوقيت تقف خلف إعلان حركة "حماس" تنصيب قائدها في قطاع غزة يحيى السنوار رئيساً لمكتبها السياسي خلفاً لإسماعيل هنية الذي اغتالته "إسرائيل" في العاصمة الإيرانية طهران قبل أكثر من أسبوع.

رجل حماس القوي
والسنوار ينظر إليه منذ أن كان قائداً لـ"حماس" في غزة فقط على أنه الرجل القوي في الحركة خاصة فيما يتعلق بمفاوضات وقف إطلاق النار التي تخوضها مع دولة الاحتلال منذ أشهر.
زعيم "حماس" الجديد البالغ من العمر 61 عاماً تدرك "إسرائيل" أنه يعرفها أكثر مما تعرفه فقد أمضى في سجونها 23 عاماً قبل الإفراج عنه في 2011.
وبعد الإفراج عنه تولى الإشراف على كتائب عز الدين القسام الذراع المسلح لحركة "حماس" لمدة 6 سنوات، أي أنه كان بمثابة وزير دفاع الحركة، كما يقول مراقبون.
وبعد هذه المهمة، انتخب السنوار رئيساً للحركة في غزة في 2017، قبل إعادة انتخابه للمنصب ذاته في 2021.
وفي أيلول/سبتمبر عام 2015، أدرجت الولايات المتحدة السنوار في لائحة "الإرهابيين الدوليين". ووضعت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية السنوار، على قائمة المطلوبين للتصفية في غزة.
وفي مراحله الأولى انضم السنوار منذ صغره لجماعة الإخوان المسلمين، ودرس بالجامعة الإسلامية بغزة، حيث حصل منها على درجة البكالوريوس باللغة العربية.
وخلال دراسته الجامعية، ترأس "الكتلة الإسلامية"، الذراع الطلابي لجماعة الإخوان.
في عام 1985، أسس السنوار الجهاز الأمني لجماعة الإخوان المسلمين، الذي عُرف باسم "المجد" آنذاك.
وكان عمل الجهاز يتركز على مقاومة "الاحتلال الإسرائيلي" في غزة، ومكافحة المتعاونين معه من الفلسطينيين.
وساعد النشاط الطلابي السنوار على اكتساب خبرة وحنكة أهلته لتولي أدوار قيادية في "حماس" بعد تأسيسها عام 1987.

قنبلة غير متوقعة
وكان إعلان السنوار زعيماً جديداً لـ"حماس" بمثابة قنبلة بعد ترجيح توجه الحركة لاختيار قائدها في الخارج خالد مشعل لشغل المنصب أو رئيس مجلسها الشوري أبو عمر حسن.
صدمة اختيار السنوار كان لها وقع في تل أبيب أيضاً، حيث ذكرت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية أن تعيين السنوار "مفاجئ ورسالة لإسرائيل بأنه حي وأن قيادة حماس بغزة قوية وقائمة وستبقى".
وفي تعليقه على قرار "حماس" كتب وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، عبر منصة "إكس": "تعيين الإرهابي يحيى السنوار كزعيم جديد لحماس، ليحل محل إسماعيل هنية، هو سبب مقنع آخر للقضاء عليه بسرعة ومحو هذه المنظمة الشريرة عن وجه الأرض".
وأضاف كاتس، في تصريحات صحفية لاحقة، أن اختيار السنوار يبعث برسالة مفادها أن القضية الفلسطينية أصبحت تحت سيطرة إيران وحماس.

رسائل ودلالات
واعتبر القيادي في حماس سامي أبو زهري، أن اختيار السنوار يحمل "رسالة ذات دلالات كبيرة موجهة لإسرائيل وحلفائها"، وفق تصريحات نقلتها وكالة الأناضول.
وفي تفسير لهذه الدلالات قال القيادي في الحركة أسامة حمدان، إن اختيار السنوار "جاء ليؤكد وحدة الحركة وإدراكها للمخاطر التي تواجهها، وليؤكد أن سياسة الاغتيالات التي يمارسها العدو ضد قيادتنا ومقاومتنا لن تنجح في كسر شوكة المقاومة ولا في إضعافها".
وأشار إلى أن الحركة تختار قائداً لها يقود المعركة بشكل مباشر في مواجهة الاحتلال.
ولفت إلى أن "حماس" تؤكد من خلال هذا القرار على أنها رغم كل الظروف القاسية التي قد تحيط بها فهي قادرة على اختيار قائد لها يستطيع أن يمارس دور القيادة مهما كان وضعه وظروفه.
وذكر حمدان في تصريحات لقناة "الجزيرة"، أن "الحركة تريد أن تؤكد أنها ستبقى محافظة على برنامج المقاومة من أجل استعادة الحقوق الفلسطينية كافة".
وأضاف أن اختيار السنوار بالإجماع "يؤكد أن الحركة تدرك تماماً طبيعة المعركة التي تخوض وطبيعة التحديات وهي تقول للجميع إنه رغم كل التحديات، فنحن ماضون في طريقنا ومتمسكون بما عملنا عليه مع إسماعيل هنية".

"التفاف حول الطوفان"
ويقرأ الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني إبراهيم المدهون، اختيار السنوار زعيماً لحركة حماس بمثابة التفاف كامل حول خيار طوفان الأقصى وتجديد الحركة تبنيها لهذا الخيار.
أشاد المدهون بسرعة اختيار قائد للحركة بعد يومين من انتهاء عزاء إسماعيل هنية.
واعتبر أنه "مما لا شك فيه أن اختيار السنوار فيه تحد للاحتلال ودليل أن الرجل مازال بفعالية وقوة ومسيطر على الميدان".
وأضاف أن هذه الاختيار يثبت أنه "بعد 10 أشهر من حرب الإبادة فشل الاحتلال الإسرائيلي في هزيمة حماس بغزة عسكرياً ومازال السنوار قائدها هناك يمارس عمله بكل اقتدار".
ورأى المدهون، أن اختيار السنوار جاء في السياق الطبيعي فهو كان نائباً لهنية ورجل قوي وقادر على إدارة الأمور.
وأشار إلى أن السنوار أحد القيادات التاريخية لحركة حماس وقد أسس جهاز مجد الأمني واعتقل 23 عاماً في السجون الإسرائيلية وكان في فترات رئيس الحركة في السجون.
ولفت إلى أن السنور شغل منصب الإشراف على كتائب القسام منذ 2012 حتى 2017 أي أنه كان وزيراً لدفاع حماس.
وأكد أن اختيار السنوار ستترتب عليه استحقاقات كبيرة فالحركة ترفع من تحديها للاحتلال وتؤكد على استعدادها لإكمال المواجهة حتى النهاية.
وقال المحلل السياسي، إن "حماس أثبتت أنها قادرة على إيصال رسائل ميدانية وعسكرية جديدة باختيارها للسنوار زعيماً لها".
وتوقع المدهون، أن تكون للسنوار كلمة في الأيام القادمة، ليعلن فيها حضورهً كرئيس لحركة حماس.
وعلى الصعيد الوطني، أشار المدهون، إلى أن السنوار يعتبر رمزاً شعبياً فلسطينياً خصوصاً بعد عملية طوفان الأقصى وهو يحظى باحترام كبير بين الفصائل الفلسطينية وحتى حركة "فتح".

ضحايا غزة
وعلى صعيد ذي صلة، أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة أمس أن حصيلة الحرب بين إسرائيل والحركة الفلسطينية المستمرة منذ نحو 10 أشهر، بلغت 39677 قتيلا على الأقل، بينما ارتفع عدد القتلى في الضفة الغربية المحتلة إلى 629 قتيلا.
وقالت الوزارة في بيان إنها أحصت بين من نقل إلى المستشفيات في قطاع غزة "24 شهيدًا.. و110 مصابين، خلال الساعات الأربع والعشرين الأخيرة" حتى صباح الأربعاء.
وأشارت إلى أن إجمالي عدد جرحى الحرب الإسرائيلية على القطاع "بلغ 91645 إصابة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر".
وأشارت إلى أن آلاف الضحايا ما يزالون تحت الركام وفي الطرقات ولا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.
وكان الجيش الإسرائيلي أصدر، أمس الأربعاء، أوامر بالإخلاء للمواطنين في عدة مناطق شمالي قطاع غزة.