علي حسين
ربما شاهدتم مثلي فيديو احد رجال الدين يقول للمستمعين العراقيين :" اسمعوا مني جيداً ولأول مرة أقولها هذه الكلمة .. لا يجوز للفتاة الشيعية الزواج من السني إذا خيف على مذهبها .. ويبرر السيد الحديث الذي يقول عنه إنه حديث غير طائفي بأن أولاد هذا السني سيعيشون في حيرة ، هل هم مع مذهب والدهم أم مع مذهب أمهم .. السيد قبل أن يختتم حديثه " غير الطائفي " من وجهة نظره يخبرنا إنه سيتعرض إلى حملة هجوم ويتهمونه بالطائفية ، والرجل مسكين لا يعرف الطائفية ، وإنما يريد الحفاظ على البنت الشيعية من الشاب السني .. في المقابل لا يخبرنا السيد الخطيب: هل مسموح للبنت السنية الزواج من الشيعي ؟
منذ مدة والكثير من الخطباء يشنون حملة ضد المعترضين على تعديل قانون الانتخابات يتهمونهم بأنهم باعوا ضميرهم .. ويحذرون من تدخل السفارات التي لا تريد للتعديلات أن تمرر في البرلمان.
في مرات يكتب لي بعض القراء الاعزاء تعليقات حول المقالات التي أكتبها دفاعاً عن المرأة حيث يقول أصحابها إنني صدّعت رؤوسهم بالحديث عن المراة ودورها ، وعن التسامح ونسيان الماضي، نعم أنا مع نسيان الماضي وقد اخترت الكتابة عن التسامح والتطلع للمستقبل الذي يصنعه رجال دولة حقيقيون لا تجار صفقات في الغرف المغلقة، وأوضحت في أكثر من مقال أنّ الكوارث التي حصلت خلال العشرين سنة الماضية لا تحتاج إلى ذكاء لكي نكتشف أن العراقيين دفعوا ثمن غياب الخير والنية الحسنة والأهم أنهم دفعوا ثمن غياب المسؤولية الوطنية، وإعلاء شأن خطابات الطائفية بشقيها السني والشيعي .
تمضي حياتنا للاسف في معارك خطابية أبطالها كائنات غريبة ومثيرة ، تظهر مرة من على شاشات الفضائيات ، ومرات اخرى في الفيسبوك ، وهي تسكب في كل ظهور أطنانا من التحريض والكره للاخر ، هؤلاء لا يمكن أن يُلاموا على ما يقولونه او يفعلونه ، فتلك هي بضاعتهم ، لا يملكون غيرها، وهي بضاعة واضحة في تحزبها وطائفيتها ، فاللوم اولا واخيرا على من سمح لهذه الخطابات ان تنتشر بين الناس ، هذا التواطؤ السياسي والحزبي والطائفي مع اصحاب هذه الخطابات التي يجري استخدامها هذه الايام ، هدفها النفرقة بين ابناء هذا المجتمع وتكريس الانقسام واعلاء شأن شعار " جماعتنه وجماعتهم " .
بالامس شاهدنا خطابات سياسية تدعو العراقيين للانتقام من الذين يطالبون ببناء دولة المواطنة ، وقبله سمعنا عشرات النواب يشتمون ويخونون كل من ينادي بدولة المؤسسات ، ويسعى لترسيخ قيم المدنية ، ويصرون على اننا بلاد الطوائف