 خاص/ المدى

تشهد قروض المصارف في العراق ارتفاعاً ملحوظاً في نسب الفوائد، مما يثقل كاهل المواطنين بدل أن يكون لها دور إيجابي في خدمتهم، بحسب ما أكده اقتصاديون. ويختلف عبء هذه الفوائد من قرض لآخر، إلا أن الأمر يصبح أكثر وضوحاً في قروض الإسكان التي تتجاوز فيها الفائدة نسبة الـ50% من قيمة القرض، اعتماداً على حجم المبلغ وفترة السداد.

معرقلات
قال الباحث في الشأن الاقتصادي ضياء المحسن إن "القروض يفترض أن تُمنح لتوظيفها في خدمة الاقتصاد الوطني ولتعود بالنفع على المواطنين المقترضين، لكن الواقع يشير إلى عكس ذلك بسبب المعرقلات التي تُوضع أمام المواطنين، مثل الائتمانات التي تُطلب من المصرف لضمان سداد القرض والفوائد المترتبة عليه، وهي أمور قد لا يكون المقترض قادراً على توفيرها". وأوضح أن "المقترض، إذا كانت لديه القدرة على تأمين هذه المتطلبات، لكان اتجه إلى تنفيذ مشروعه بشكل آخر بعيداً عن الاقتراض".
وأشار المحسن إلى أن "النسب المصرفية مبالغ فيها بشكل كبير، بينما يتحدث المصرف عن نسبة فائدة لا تتجاوز 8%، فعندما يقدم المواطن طلب قرض لمصرف الرافدين مثلاً بمبلغ 15 مليون دينار عراقي، يتسلم المقترض مبلغ 14 مليون و500 ألف دينار، ويتعين عليه سداد المبلغ الأصلي وفائدة القرض التي تصل إلى 23 مليون دينار، مما يعني أن معدل الفائدة يكون 56%، وهو ما يعادل سبعة أضعاف النسبة المقررة في الأساس. وهذا يضر بالاقتصاد العراقي ويحد من فرص التنمية".

فوضى اقتصادية
من جهته، كشف الباحث دريد الشاكر العنزي أن "القروض تشكل جزءاً كبيراً من السياسة المالية والاقتصادية لأي بلد. نتيجة الفوضى الاقتصادية في العراق، والتي لم تؤد إلى أي تقدم ملموس، أصبحت هذه القروض تواجه صعوبات كبيرة". وأضاف العنزي أن "الاقتراض الداخلي يمكن أن يكون له تأثير إيجابي كبير إذا ما تم توجيه مبلغ 5 مليارات دولار من البنك المركزي للقطاع الخاص العراقي بشكل مباشر وبأقل ما يمكن من الفوائد، مما سيساعد في إنشاء حوالي 50 ألف مصنع ومشغل متوسط في 15 محافظة، ويعمل على توفير فرص عمل لملايين العاطلين، بينما ستستفيد المصارف من زيادة النشاط المصرفي."
وأشار العنزي إلى أنه "إذا كان القرض عبر المصارف، فيجب أن يتم فرض فائدة لا تتجاوز 2%، وذلك لأن المبالغ كبيرة، والمصارف لا يمكنها تحقيق أي ربحية كبيرة خلال 10 سنوات أو أكثر". وتابع أن "تشريع قانون يشمل مشاركة المصارف وشركات التأمين في العملية من خلال شركاء مراقبين لضمان إلغاء حلقات الفساد يعد حلاً مناسباً للقروض الداخلية الإنتاجية".

فوائد "ربوية"
أضاف العنزي أن "القروض السكنية تمثل مشكلة كبيرة، حيث يلاحظ أن أسعار المساكن ترتفع بشكل ملحوظ كلما زادت القروض، مما يثير الشكوك حول مصداقية البنك المركزي في هذا الشأن". وأكد أن "القروض والاقتراض الداخلي في الفترات السابقة والحالية تعتبر عملية ربوية تؤدي إلى تحميل المقترض عبئاً كبيراً في تسديد القرض بفوائد تصل إلى 50%، وهو ما لا يوجد مثيل له في دول الجوار، مما يضطر المقترض في بعض الأحيان إلى التنازل عن مشروعه أو الوحدة السكنية لتسديد القرض".
وأشار العنزي إلى أن "الكثير من المواطنين عزفوا عن الاقتراض بسبب الفوائد الربوية العالية، ونسبة الاقتراض السكني كانت تقارب 30% من حجم المبلغ المخصص، بينما لم تصل نسبة الاقتراض الصناعي والزراعي إلى 3 أو 4% من حجم المبلغ المعروض كقرض".
تجدر الإشارة إلى أن "المصارف الحكومية والأهلية تعد أشبه بالهيئات المستقلة، ولا سلطة عليها سوى للبنك المركزي العراقي، حيث تُفرض الفوائد المصرفية ويتم منح القروض والسلف بشكل مستقل عن الحكومة ووزاراتها ومؤسساتها"، وفقاً للتصريحات والبيانات الصادرة عن البنك المركزي العراقي والمصارف والمسؤولين الحكوميين والنواب في أوقات سابقة.