 الأنبار / محمد علي

رغم الزيادة الكبيرة في عدد المجمعات السكنية مؤخراً في محافظة الأنبار، لا تزال أزمة السكن تؤرق حياة العديد من سكان المحافظة، في ظل خطط الحكومة المركزية والمحلية لمعالجة هذه المشكلة المستمرة والمتفاقمة.

في تصريح له، قال المتحدث الرسمي باسم وزارة التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي، لـ(المدى): “تستهدف الخطط التنموية الحالية النهوض بقطاع السكن، خصوصاً مع تفاقم العجز في الوحدات السكنية. لقد أدت تجزئة الوحدات إلى مساحات صغيرة إلى زيادة الضغط على البنى التحتية وظهور التجمعات العشوائية”.
وأوضح الهنداوي أن “هناك أكثر من 624 ألف وحدة سكنية في التجمعات العشوائية حتى نهاية عام 2023”. وأضاف أن “أكثر من 26 مشروعاً سكنياً قد أُنجز مؤخراً، تضم حوالي 12 إلى 13 ألف وحدة سكنية.” وأشار إلى أن “الحكومة تقدم قروضاً للراغبين في شراء الوحدات السكنية أو قطع الأراضي، وتهدف إلى معالجة أزمة السكن عبر الخطط المستقبلية”.
وأكد الهنداوي أن “المشاريع السكنية الحالية سيتم إنجازها خلال السنتين المقبلتين، وأن هناك 312 وحدة سكنية يجري العمل على تنفيذها والتي ستوفر نحو 279 ألف وحدة سكنية في بغداد وبقية المحافظات”. وأوضح أن “الجهود مستمرة لزيادة القروض من خلال صندوق الإسكان والمصرف العراقي، وتشجيع الاستثمار السكني الخاص خارج مراكز المدن”. وأضاف أن “الحكومة تشجع الشراكة الإقليمية والدولية لحل أزمة السكن وتشدّد على المراقبة الفنية لمشاريع الإسكان الخاصة والعامة”.
من جانبه، أشار المختص في الشأن الاقتصادي، مصطفى حنتوش، لـ(المدى) إلى أن “أزمة السكن في العراق تتطلب حلاً شاملاً وليس مجرد حلول جزئية. نحن بحاجة إلى سياسة عقارية متكاملة”. وأضاف: “يمكن الاستفادة من مليونين ونصف المليون وحدة سكنية من أراض زراعية مقابل مبالغ معقولة”.
وتابع حنتوش أن “المشاريع السكنية خارج المحافظات يمكن أن تكون ناجحة إذا كانت أسعارها منطقية، حيث توجد 430 ألف كيلومتر مربع من الأراضي غير المشغولة”. ودعا إلى “إطلاق مبادرات سكنية بأسعار معقولة”، مؤكداً أن “سياسة عقارية منطقية ستعزز القدرة الشرائية للمواطنين”.
وفي السياق نفسه، قال مستشار محافظ الأنبار للشؤون الخدمية، الحكم حسين علي، لـ(المدى): “نسبة مشكلة السكن في الأنبار أقل مقارنة ببقية المحافظات، وهناك حلول قادمة، بما في ذلك توزيع نحو 50 ألف قطعة سكنية للمواطنين”. وأضاف أن “1200 وحدة سكنية من مجمعات دور واطئة الكلفة في مدينة الرمادي ستدخل الخدمة قريباً”.
وأوضح حسين علي أن “بناء المجمعات السكنية عبر الاستثمار يكون مكلفاً، مما يجعلها غير متاحة لكثير من المواطنين، وذلك بسبب قانون الاستثمار الذي يتيح للمستثمر تحديد الأسعار وفقاً لمصالحه”. وأشار إلى أن “المجمعات السكنية الحالية تستفيد منها أصحاب الدخل العالي وهي مخصصة للتجارة والاستثمار”. وأكد أن “هناك آلية جديدة ستُعتمد لتحديد الأسعار بما يتناسب مع المواطنين في الأنبار”.
في المجمل، يحتاج العراق إلى إنشاء ما بين 3 إلى 3.5 ملايين وحدة سكنية لتخفيف أزمة السكن المزمنة. وقد بدأت الحكومة بإنشاء 52 مدينة سكنية في المحافظات الوسطى والجنوبية، إلى جانب مشاريع سكنية جديدة وتوفير قروض متنوعة لبناء وترميم وشراء الوحدات السكنية، وهي خطوات وصفت بـ”الجذرية” لمواجهة الأزمة.
تتجاوز أسعار المتر المربع في المناطق التجارية وسط مدينة الرمادي عتبة الـ30 مليون دينار عراقي (نحو 25 ألف دولار)، بينما تنخفض في أطراف المدينة إلى نحو مليوني دينار (نحو 1500 دولار) وأقل في المناطق البعيدة. ويعتقد الخبراء أن العراق بحاجة إلى أكثر من ثلاثة ملايين وحدة سكنية، وأن المشاريع السكنية القادمة يجب أن تكون بأسعار معقولة لتلبية الاحتياجات الشعبية، مع الحاجة إلى قرار حكومي واضح لتنظيم أسعار الوحدات السكنية وضمان تناسبها مع الأهداف الاستثمارية.