بغداد / المدى
أعلن فريق استطلاعات الرأي العراقي (Iraq Polling Team - IPT)، أمس السبت، عن رفض عراقي واسع بشأن تعديل قانون الأحوال الشخصية، اظهره استطلاع إلكتروني للرأي العام اجراه داخل وخارج البلاد حول حيث شارك فيه أكثر من 60 ألف شخص من كلا الجنسين.
وشارك في الاستطلاع نحو 61,648 عراقياً وعراقية من مختلف مناطق البلاد. وأظهرت النتائج أن 73.2% من المشاركين أعربوا عن “رفضهم القوي” لتعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 الصادر عام 1959. في المقابل، عبّر 23.8% من المصوتين عن “موافقتهم القوية” على تعديل القانون، بينما أبدى 3.1% من المصوتين عدم اهتمامهم.
تفاصيل الاستبيان
تم فتح الاستبانة الإلكترونية في الساعة العاشرة صباحاً من يوم 13 أغسطس 2024، وأغلقت في الساعة الحادية عشرة صباحاً من يوم 15 من الشهر نفسه. وعبر 81.6% من المصوتين عن رغبتهم في أن يكون قانون الأحوال الشخصية ذا طبيعة مدنية، مقابل 18.4% طالبوا بأن يكون القانون ذا طبيعة طائفية دينية.
فيما يتعلق بموقع المشاركين، جاءت نسبة المصوتين من خارج العراق 9.5%، بينما بلغت نسبة المصوتين من داخل العراق 85.4%. وتصدرت العاصمة بغداد النسبة الأكبر من المصوتين، بينما كانت أربيل، عاصمة إقليم كردستان، في ذيل قائمة المحافظات العراقية من حيث عدد المشاركين.
وفيما يتعلق بالفئات العمرية، كانت أعلى نسبة من المصوتين بين سن 46-60 حيث بلغت نسبتهم 29.2%، بينما كانت أدنى نسبة بين الفئة العمرية 18-25، والتي بلغت 8.3%. وبلغت نسبة المصوتين من المتزوجين 72.8%، بينما كانت نسبة غير المتزوجين 12.7%.
ردود الفعل
وصرّح المشرف على الاستبيان، سعدون محسن ضمد، بأن “هذا الاستبيان هو الأول من نوعه في ما يتعلق بموضوع تعديل قانون الأحوال الشخصية”. وأضاف أن “الاستبيان يعكس مدى اهتمام العراقيين والعراقيات بموضوع تعديل القانون، حيث شارك فيه نحو 60 ألف مصوت من كلا الجنسين، مما يؤكد أن الرأي العام العراقي هو رأي ناطق ومهتم وفاعل”.
وأثار تعديل قانون الأحوال الشخصية جدلاً واسعاً داخل المجتمع العراقي، حيث انقسمت الآراء بين معارضة ومؤيدة له. وقد قررت الحكومة العراقية مناقشة جميع الملاحظات المثارة حوله عبر “المجلس الأعلى لشؤون المرأة”. ويقول المعارضون إن تعديل القانون يجيز زواج القاصرات ويحرمان الزوجة من حقوق النفقة والحضانة، بالإضافة إلى اعتماد النصوص الدينية لكل طائفة ومذهب في العراق كمرجع للأحكام بدلاً من القوانين السارية.
تحذيرات حقوقية
وفي تقرير لمنظمة “هيومن رايتس ووتش”، حذرت المنظمة من أن إقرار التعديل سيكون له آثار كارثية على حقوق النساء والفتيات المكفولة بموجب القانون الدولي. وأشار التقرير إلى أن التعديل سيسمح بزواج الفتيات اللاتي لا تتجاوز أعمارهن تسع سنوات، ويقوض مبدأ المساواة بموجب القانون العراقي، ويفاقم من مخاطر العنف الجنسي والجسدي على الفتيات، بالإضافة إلى العواقب الوخيمة على الصحة البدنية والنفسية والحرمان من التعليم والعمل.
ونقل التقرير عن سارة صنبر، الباحثة في “هيومن رايتس ووتش” لشؤون العراق، قولها: “إقدام البرلمان العراقي على إقرار مشروع القانون سيكون خطوة مدمرة إلى الوراء للنساء والفتيات العراقيات، وللحقوق التي ناضلن بشدة من أجل تكريسها في القانون”. وأضافت: “تشريع زواج الأطفال رسمياً يحرم عدداً كبيراً من الفتيات من مستقبلهن ورفاههن. الفتيات مكانهن في المدرسة والملعب بدل أن يرتدين فستان الزفاف”.
وخرجت منظمات حقوق الإنسان العراقية والناشطون إلى الشوارع للاحتجاج على التعديل، فيما اجتمعت أكثر من 15 امرأة عضوة في البرلمان من أحزاب مختلفة لمعارضة إقراره. وقد سبق أن اقترح البرلمان تعديلات مماثلة على قانون الأحوال الشخصية في عامي 2014 و2017، لكن تلك التعديلات لم تُقرّ.
وبموجب مشروع التعديل، يمكن للأزواج الذين يبرمون عقد زواج أن يختاروا تطبيق أحكام قانون الأحوال الشخصية الحالي أو أحكام مذاهب فقهية إسلامية محددة. وإذا كان الزوجان من طائفتين مختلفتين، تُطبق المدرسة الفقهية التي يتبعها الزوج. ويرى المعارضون أن هذا الترتيب ينشئ أنظمة قانونية منفصلة ذات حقوق مختلفة للطوائف المختلفة، مما يكرس الطائفية في العراق، ويقوض الحق في المساواة القانونية لجميع العراقيين المنصوص عليه في الدستور العراقي والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
استطلاع عراقي يكشف رفضاً واسعاً لتعديل قانون الأحوال الشخصية وسط تحذيرات حقوقية
نشر في: 18 أغسطس, 2024: 12:36 ص