TOP

جريدة المدى > منوعات وأخيرة > النشر في ظل الثورة الرقمية وتأثيره على سوق الكتاب

النشر في ظل الثورة الرقمية وتأثيره على سوق الكتاب

نشر في: 22 أغسطس, 2024: 12:02 ص

أقامت مؤسسة "المدى" للإعلام والثقافة والفنون، بالتعاون مع اتحاد الناشرين العرب وجمعية الناشرين والكتبيين في العراق، ندوة عبر الفضاء الالكتروني، بعنوان: "النشر في ظل الثورة الرقمية وتأثيره على سوق الكتاب"، شارك وتحدث فيها نخبة من الأكاديميين والناشرين ومدراء دور نشر، وجاءت الندوة على عدة محاور ادارها الكاتب والصحفي المصري الأستاذ سيد محمود.

المحور الأول:
أوضاع الكتاب العربي الورقي أمام الثورة الرقمية
الناشر المصري علي عبد المنعم، أشار في مداخلته الى ان "سوق الكتاب لم يزدد ضيقا ابدا، لكن هناك ثورة رقمية حصلت منذ 10 سنوات وهذا تطور طبيعي يحدث كل فترة، ولو عدنا الى الخلف سنجد ان اسلافنا القدماء نشروا حضارتهم على جدران المعابد من خلا النقوش، وتغير الموضوع عندما وصلنا الى الطباعة في القرن الرابع عشر وبدأ الامر يتطور خطوة بعد الأخرى الى ان وصلنا الى ما نحن نحن عليه الان، وما نحن فيه الان تم تعريفه في اتحاد الناشرين الدولي باننا كناشرين لا ننشر الكتب وانما ننشر المحتوى وهذا المحتوى قابل بان يخرج على شكل كتاب ورقي او كتاب الكتروني او على شكل كتاب صوتي او دراما او بودكاست. أصبح الموضوع يأخذ اشكالا متعددة ومن ضمنها الكتاب الورقي.
وتابع، انه "اما إذا تم سؤالي عن الذي حصل فسلوك المستهلك في العالم قد تغير، ففي اخر إحصائية هناك في العالم 8 مليار و100 مليون شخص الذين يستهلكون الانترنت من هذا الرقم حوالي 5 مليار و700 مليون شخص، وعدم بيع الكتب في المعارض له أسباب كثيرة منها تغير سلوك المستهلك ودخول دور نشر جديدة تقدم محتوى جيد من الدول التي لم يكن فيها نشر مثل أسواق الخليج التي كانت أسواق مستهلكة واليوم أصبح لديها حركة نشر قوية جدا".
الباحث والأكاديمي د. معتز غزوان قال ان "النشر الالكتروني اليوم هو سلاح ذو حدين، فهو اليوم ينافس دور النشر لاسيما ان الكتاب الالكتروني أصبح متاحا وسهلا في متناول القارئ، وهناك عزوف عن القراءة وهناك اعتماد على المادة الجاهزة التي يلجأ اليها الباحثون ويلجأ اليها القراء بصورة عامة، وليست عملية تنبع من ثقافة حقيقية في متابعة المعرفة ومواكبة الثقافة ومواكبة العلم والادب، انما أصبحت قضية دخول كالقرصنة الى الكتاب وأصبح الكتاب متاحا وسهل التداول".

 سيد محمود.. هل تعتقدين أن وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الذي يسمى الإعلام البديل أساء إلى الكتاب أم خدمه في اتساع قاعدة القراء؟

  • المدير العام لمؤسسة المدى د.غادة العاملي، أبدت اتفاقها مع ما طرحه عبد المنعم في قضية صناعة المحتوى وليس صناعة الكتاب، وبينت انه "إذا تحدثنا عن الكتاب الرقمي او الكتاب الورقي سنجد هناك فارق، هنالك إيجابية للكتاب الورقي فيها سلبية للكتاب الالكتروني والعكس صحيح، وهنالك انحسار واضح من خلال ما شهدناه في معارض الكتاب ومن خلال مبيعات دور النشر فيما يخص الكتب والنشر.. للأسف هناك تراجع كبير وهذا التراجع له أسباب وعوامل كثيرة تتحكم في هذا الموضوع، ومنها الحكومات والمسؤولين الذين لا يمتلكون علاقة عاطفية مع الكتاب وقد يتعاملون مع الكتاب باعتباره مادة استهلاكية وليست مادة لبناء العقل وتنوير المجتمعات، وهنالك عوامل أخرى منها انشغال الشباب بعالم الانترنت والوصول الى المعلومة بسهولة ويسر دون عناء شراء الكتب، والتي قد تكون غالية الثمن نسبة الى الكتب المطروحة على الانترنت".
    رئيس اتحاد الناشرين السوريين هيثم حافظ، قال ان "هناك تغييرا في سلوك المستهلك، وانا أقول ان هنالك أكثر من هذا، بان هناك تغيير في سلوك أدوات الحياة عموما وليس فقط في الوطن العربي بل على مستوى العالم، وهذا التغيير اجباري في الية النشر وتغيير في رغبة القراء في القراءة، ويجب ان يكون هنالك تغيير في صناعة المعارض، ولا يكون التغيير الإيجابي في تقليل عدد المعارض. ربما إقامة معارض متخصصة هو التغيير، وممكن ان يكون معرض للمرأة ومعرض لكتاب الطفل ومعرض للكتب المترجمة والى اخره.
    الناشر اللبناني ناصر عاصي، بين ان "الجميع يتفق ان التطور الكوني هو تطور في جميع المجالات ومن الطبيعي ان يتطور الكتاب من ضمن التطورات التي نعيشها، والكتاب سلعة مثل أي سلعة أخرى فقد تطور الكتاب فعليا وحتى على الصعيد الورقي تطور وبالتأكيد أصبح صوتي والكتروني وأصبح يصدر بكل الوسائل المتاحة".
    وتمنى عاصي، ان "نكون قادرين على تنفيذ أشياء من خلال المؤتمرات والندوات التي نقيمها، من ناحية أخرى الدراسات ليست كافية كثيرا، اريد ان أكون إيجابي وأقول ان الكتاب الكتاب الورقي عمليا استفاد من الكتاب الرقمي لان الكتاب الورقي لم يكن معروفا كما يجب تاريخيا".
    ممثل شركة كانون في العراق عبد الجبار المرياتي، لفت الى ان "الإحصاءات التي نحصل عليها من مصادرنا المختصة بعالم الطباعة، بأن صناعة الكتاب لا تمر بأزمة كما يروج لها، ما حصل هو تغيير أسلوب انتاج الكتاب بالتأكيد الكتاب الالكتروني اخذ حيزا كبيرا لكن لغاية الان لا يتجاوز 25% ولا تزال بضاعة الكتب الورقية تمثل 70%.
    الناشر العراقي محمد العتابي، يرى ان "سوق النشر العربي يضيق واحد العوامل هي كثرة دور النشر في الفترة الأخيرة بسبب بعض برامج الدعم الموجودة في بعض الدول العربية وفي الدول الخليجية بالتحديد، وهناك ازدياد في عدد الناشرين حوالي 40 % في اخر 10 سنوات مقابل ازدياد طبيعي في عدد السكان، بالإضافة الى وجود الموزعين في مواقع التواصل الاجتماعي، وكل هذا يؤدي الى صعوبة في المنافسة لدور النشر والتي تعتمد بشكل كبير على المعارض لاستحصال السيولة النقدية.
    خبير الطباعة العراقي هيثم فتح الله، ذكر انه "في الحقيقة انا من مناصري الكتاب الورقي وسأبقى ادعم الكتاب الورقي، انا احمل الحكومات مسؤولية عدم رعاية الكتاب الورقي ورعاية الثقافة، وقد يكون الهدف سياسي لغسل دماغ معين او لتوجيه فكرة معينة او عدم الاهتمام بهذا الموضوع، بالإضافة الى ان الرقابة غير متوفرة والتزوير مستمر والقرصنة مستمرة".

المحور الثاني:
المشاكل التي تواجه الكتاب العربي بما في ذلك ظاهرة السرقات والقرصنة والاعتداء على حقوق المؤلف
الناشر المصري علي عبد المنعم، قال ان "لدينا مشكلة كبيرة في التشريعات الخاصة بحماية المكلية الفكرية، بالإضافة الى ضعف كبير في منظومة التوزيع للكتاب الورقي في الوطن العربي، ولا توجد شركة واحدة متخصصة لتوزيع الكتاب، المطبعة تعمل في اتجاه والتوزيع في اتجاه والناشر في اتجاه والمؤلف في اتجاه، وليس لدينا بنية تحتية أساسية لهذه الصناعة.
الباحث والأكاديمي د. معتز غزوان، لفت الى انه "يركز على قضية مهمة جدا وهي قضية العزوف عن القراءة، لدينا قراء غير مثقفين يعتمدون على المادة الجاهزة، وانا اتفق على ان الكتاب الورقي أكثر حقيقة من الكتاب الالكتروني، والان على سبيل المثال نعاني في معظم الدراسات التي نراها في الجامعة فنحن نحث الطلبة على ان يذهبوا الى المواقع المحكمة والتي تحتوي على البحوث والدراسات والكتب المحكمة والتي بها نوع من الرصانة".

 سيد محمود.. ما هي المشكلات العاجلة في صناعة النشر العالمي؟

  • د. غادة العاملي، ذكرت انه "في السابق كانت الدولة تدعم الناشرين وتدعم المطابع، وكانت المواد الطباعية مدعومة بأسعار رمزية تجعل من الكتاب سلعة معقولة من ناحية السعر وقابلة للوصول الى ذوي الدخل المحدود، لكن للأسف تم رفع هذا الغطاء وأصبحت المواد تستورد بشكل شخصي وعلى عاتق دور النشر ودور النشر تعتمد في أرباحها على الكتاب نفسه، وفي حال كانت الكلف مرتفعة الاسعار لا يمكن ان يوزع الكتاب ويصل الى القارئ، وبالنتيجة لهذه المهنة طابع تجاري توعا ما لادادمة الدار ولاستمراريته، هذا من جانب اما من جانب اخر، فكان هناك دعم عندما كانت بغداد عاصمة للثقافة العربية وكان هناك فشل كبير وغير مسبوق".

 سيد محمود.. كيف يمكن إتاحة الكتب للقارئ الذي لا يملك قوة اقتصادية تسمح له بشراء الكتب؟

  • د. غادة العاملي: في الحقيقة لابد ان تكون هناك مبادرات ذكية من اجل إيصال الكتاب وتعزيز البيوت بمكتبات صغيرة وهذه المكتبات قد تكون هي سبب للتعويد على عادة القراءة، كنا نوزع الكتاب مع عدد من الصحف العربية وكانت تصل الى عشرات الاف من النسخ وبحسب استطلاعاتنا والمتابعة كانت تنفذ الكتب في ذلك اليوم بكميات هائلة وحتى الصحف التي كانت مشتركة معنا في هذا المشروع كانت تطبع كميات أكبر من الكميات التي كانت تطبعها في السابق لنفاذ هذه الكمية ارتباطا بوجود الكتاب".
    رئيس اتحاد الناشرين السوريين هيثم حافظ، يعتقد ان "واحدة من المشكلات هي الدعم الحكومي، يجب ان يكون الدعم من خلال معطيات راقية وحضارية، وعلى سبيل المثال إقامة مكتبات عامة في الاحياء، ثانيا يجب دعم المكتبات المدرسية، والمشكلة اليوم اننا لدينا اليات ولدينا مستهلك ولدينا حضور لكننا لا نستخدمه والسبب هو غياب الدعم الحكومي وقد يكون هناك دعم لكن بطريقة غير منظمة".
    الناشر اللبناني ناصر عاصي، أشار الى انه "بالنسبة للسرقات الأدبية وتأثيرها واعتقدد اننا نتحدث عن التكنلوجيا والسيطرة التكنولجية على كل العالم ونقف عند مسألة القرصنة وعدم معالجتها من خلال التكنولوجيا وهذا امر سهل، اعتقد ان القرصنة لها حل وهو موجود في حال طالبت الجهات المعنية بتطوير القوانين ووضع الية تكنولوجية للحد من عمليات القرصنة بالنسبة للكتب تحديدا وكل المسائل الثقافية الأخرى".
    ممثل شركة كانون في العراق عبد الجبار المرياتي، ذكر انه "اتفق مع رأي الأستاذ ناصر بخصوص تحجيم القرصنة وهذا الامر متوفر حاليا وأصبحت الان كلفة هذا الامر مقبولة، وقبل 10 سنوات كانت الكلفة مبالغ بها لكن الان مقبولة، لكن المشكلة ان دور النشر هي من عليها ان تطلب من المطبعة ان تجد حلولا والمطبعة التي لا توفر هكذا حلول عليها ان تذهب لتأمين وتوفير هذا الامر، أيضا على الدولة والأجهزة الرقابية ان تتدخل في وضع حلول، وعلى دار النشر ان تضع الباركود على كتبها وبالتالي يكون واضح ان هذا الكتاب لهم وبذلك يكون من السهل ملاحقة قرصنته قانونيا".
    الناشر العراقي محمد العتابي، أشار الى ان "هنالك مشكلتين ربما نستطيع ان نسلط الضوء عليها، أولا وجود فكرة ساذجة في الفهم الفكري لدى الكثير من المشتغلين في عالم الثقافة وهي مشاعية الثقافة بشكل كاريكاتيري، وهو يعتقد ان مشاعية الثقافة تكون على حساب الناشر، الامر الاخر هي الشتريعات وهي موجودة في غالبية الدول العربية ولا اعرف لماذا لا يوجد تحرك بغلق المواقع التي تقرصن وهي معروفة للجميع".

المحور الثالث:
الطباعة الالكترونية والأوفسيت
خبير الطباعة العراقي هيثم فتح الله، قال ان "هناك تقدم تكنولوجي هائل حصل في الطباعة الالكترونية واختصرت الكثير من مراحل الطباعة وبالتأكيد هناك مساوئ، لان هناك مبالغ خيالية تصرف على هذه الأجهزة وبالنتيجة بعد سنتين من استهلاك الماكنة تكون قد دفعت أكثر من ضعف سعر الماكنة عل مستهلكات قطع الغيار لكن إذا كنت تعرف كيفية العمل على المكائن الديجيتال ستصل الى النتيجة التي تريدها".
الناشر المصري علي عبد المنعم، نوه الى ان "الكتاب الورقي سيبقى لكن علينا مواكبة التطور الحاصل في الصناعات المختلفة، والطباعة الرقمية تقوم بوضع حلول كثيرة لمشاكل الكتاب سواء في الأسعار او في الاتاحة او في سرعة الإنتاج، وبشكل عام نحن قادرين على الربح من الكتاب لكن نحن بحاجة لتنظيم العلاقة ما بين أصحاب المصالح، وعلينا ان نعرف دور الدولة وهي ان تتدخل في التشريعات وتنفيذ القوانين وحماية الملكية الفكرية وتوفير البنية الأساسية للصناعة وفي المكتبات العامة ومكتبات المدارس وهذا دور مهم جدا".

المحور الرابع:
الشكوك التقليدية بعلاقة المؤلف بالناشر وانعكاسها على تداول قضايا النشر والمسائل المتعلقة بالحقوق
الباحث والأكاديمي د. معتز غزوان، أوضح انه "ليس دائما هناك عدم اتفاق بين المؤلف والناشر وقد تكون هناك ثقة بينهما ولكن أحيانا هناك ناشرين ينشرون بدون موافقة المؤلف، لكن أيضا لا ننسى ان هناك ثقة بين المؤلف والناشر، فعندما يلجأ مؤلف الى دار نشر معينة فهو بالتأكيد لديه ثقة واسعة بهذه الدار وهناك علاقة بنيت مسبقا في تعامله مع هذه الدار دون غيرها".
د. غادة العاملي، بينت انه "نحن كدار المدى بدأنا التعاقد مع الناشرين ومع الوكالات الأجنبية بخصوص حقوق النشر منذ الثمانيات، ودار المدى كانت من أولى الدور العربية التي تحافظ على هذه الخصوصية، بالتأكيد لدينا مشاكل مع بعض الناشرين لكن أيضا لدينا صيغ تعاقدية واضحة وملزمة للدار وللمؤلف".
وأضافت، انه "بالنسبة للطباعة هناك حديث متداول عن عملية الانتقال من الطباعة الاوفسيت الى الطباعة الديجيتال بالنسبة لكتب المدى، انا برأيي باعتباري متخصصة بمجال الطباعة أرى ان كتاب الاوفسيت أفضل كجودة من الكتاب الديجيتال لاسباب كثيرة، وكما قلت انا مع الاوفسيت وأود ان أوضح ان سعر النسخة المطبوعة بالاوفسيت هي أرخص من النسخة المطبوعة بالدجيتال".
رئيس اتحاد الناشرين السوريين هيثم حافظ، قال ان "العلاقة السلبية التاريخية بين المؤلف والناشر بدأت تتلاشيى، واتصور ان المشكلة التاريخية كان سببها عدم وجود ثقة بين الناشر والمؤلف، بالنسبة للطباعة انا أيضا اميل الى الاوفسيت واراه مميزا".
الناشر اللبناني ناصر عاصي، نوه الى ان "الطباعة الديجيتال تطورت كثيرا وكلفة طباعة الكتاب الديجيتال الان أصبحت نفس كلفة طباعة الكتاب الاوفسيت نسبيا، والطباعة الديجيتال قسمين، القسم الأول له علاقة بالطباعة الملونة وهذا مازال مكلفا لغاية الان، والقسم الاخر طباعة الأسود والأبيض الخاص بالكتب التقليدية مثل الروايات وغيرها والذي أصبح يعادل تماما كلفة النسخة الاوفسيت".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

مقالات ذات صلة

بيت المدى يناقش إشكالية

بيت المدى يناقش إشكالية "الهوية والدين" والموقف من المجتمع

 بسام عبد الرزاق اقام بيت المدى في شارع المتنبي، الجمعة الماضية، جلسة فكرية نوعية عن "الهوية والدين" ضيف فيها أستاذ أنثروبولوجيا الدين في الجامعة المستنصرية د. نجم نصر وأستاذ علم الاجتماع والفلسفة في...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram