TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمودالثامن: لماذا يكرهون السعادة؟

العمودالثامن: لماذا يكرهون السعادة؟

نشر في: 27 أغسطس, 2024: 12:25 ص

 علي حسين


الحزن والكآبة والتعوّد على طقوسهما، موضوع كتاب صدر قبل سنوات بعنوان "ضدّ السعادة"، حشد فيه مؤلفه إيريك جي. ويلسون جميع الشواهد التي ينبغي أن تردعنا عن الإحساس بأي معنى للتفاؤل، فالمؤلف يقول لك: "الحزن منبع الإبداع، ومصدر كثير من الفنون والشعر والموسيقى العظيمة. والمؤلف يبدو رجلاً كئيباً، حاول كل شيء: الهرولة الصباحية، اليوغا، أفلام المغامرات ، الاستعداد لأكل الوجبات السريعة، كل ذلك لم يجعل منه سعيداً، ليقرر بالتالي أن يعتنق الحزن ويفلسف له، ولم يتوقف عند هذا الحد، بل إنه يتساءل إن كان العالم سيكون في حال أفضل أم لا لو خلا من الكئيبين أمثاله.
ذات يوم يلقي سقراط الدرس المهم على تلميذه افلاطون : أتعرف ما هي السعادة .. إنها خير آخر .. وحين يسأل أفلاطون عن الأرض التي تزدهر فيها السعادة يقول سقراط : تخضر السعادة وتزدهر في ارض تشيع العدالة الاجتماعية ، وأنا أقرأ هذه الجملة تساءلت :هل نحن مجتمع سعيد ، كيف .. ؟ وحولنا مظاهر الحزن التي يحاول سياسيونا إحياءها وتعميمها عبر ممارسات تعيد العراق إلى زمن العصور الوسطى ،فالموسيقى حرام لأنها تثير الغرائز، والغناء رجس من عمل الشيطان، والفرح مهنة أصحاب الدنيا ، ونحن نريد أن نؤسس لثقافة الحياة الآخرة، زينة المرأة غواية، الضحك طريق إلى جهنم!
سياسيون لا نعرف ماذا يريدون! ويكون الجواب : ليس لديهم شيء، ليست لديهم إلا شهوة احتلال مؤسسات الدولة، ليدمروها ويجلسوا على أطلالها ، يعتقدون أن الدول تبنى بالخطب والشعارات والأمنيات
لا يعرفون القاعدة الذهبية التي قالها أحد أبطال رواية ديكنز الشهيرة : " الآمال العظيمة " من أن الحصول على السعادة يتأتى من تطور أدوات الحكم وقربها من هموم البسطاء .
أيها السادة مازال في العراقيين رمق حياة، يثورون، يغضبون، يرضون، ينخدعون ،لكنهم شعب يرفض الموت، يريد ثقافة الحياة، لا ثقافة ابو مازن في بيع المناصب والبكاء على الكراسي ، ثقافة الحياة هي التي قدمت الأوروبيين إلى العالم رسل علم وفكر وتقدم، الشعوب التي لا تفرح لا تستطيع العيش، والشعوب التي لا تسعد هي شعوب لا تبالي بمصائرها، ثقافة الحياة هي التي أنجبت الكرملي و الجواهري والشبيبي ومصطفى جواد وعفيفة إسكندر وحقي الشبلي والرصافي الكبير وفهد والزهاوي ونزيهة الدليمي وغيرهم عشرات فيما ثقافة الحزن لم تنجب لنا سوى نواب يصرخون في الفضائيات عن العدل والمساواة ومراعاة المواطنيين ، وفي الغرف المغلقة يشرعون قوانين للامتيازات والرواتب الفلكية ، واقرار تشريعات تمكنهم من الجاوس على انفاس المواطنيين مدى العمر .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

وراء القصد.. ولا تيفو.. عن حمودي الحارثي

شعراء الأُسر الدينية.. انتصروا للمرأة

العمودالثامن: فاصل ونواصل

العمودالثامن: ذهب نور وجاء زيد

شراكة الاقتصاد الكلي والوحدة الوطنية

العمودالثامن: لماذا يكرهون السعادة؟

 علي حسين الحزن والكآبة والتعوّد على طقوسهما، موضوع كتاب صدر قبل سنوات بعنوان "ضدّ السعادة"، حشد فيه مؤلفه إيريك جي. ويلسون جميع الشواهد التي ينبغي أن تردعنا عن الإحساس بأي معنى للتفاؤل، فالمؤلف...
علي حسين

كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟

محمد الربيعي (الحلقة 3)التجربة الكوريةتجربة كوريا الجنوبية في التعليم تعتبر واحدة من أنجح التجارب العالمية فقد استطاعت أن تحقق قفزة نوعية في مسارها التنموي، فحوّلت نفسها من دولة فقيرة إلى قوة اقتصادية عظمى في...
د. محمد الربيعي

مركزية الوهم العربي: بين الشعور بالتفوق ونظريات المؤامرة

قحطان الفرج الله مفهوم "المركزية" الذي يقوم على نزعة الشعور الجارف بتفوق الأنا (سواء كانت غربية أو إسلامية) وصفاء هويتها ونقاء أصلها. بحسب الدكتور عبد الله ابراهيم الناقد والمفكر العراقي، الذي قدم تحليلًا معمقًا...
قحطان الفرج الله

تفاسير فظيعة في تفخيذ الرضيعة

حسين سميسم وجد الفقهاء أن موقفهم ضعيف في تشريع سن الزواج، نظرا لضعف الروايات التي اعتمدوا عليها، اضافة الى خلو القرآن من نص صريح يوضح ذلك، فذهبوا إلى التفسير بحثا عن ضالتهم، ووجدوا في...
حسين سميسم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram