المدى/جنان السراي
ألغت وزارة التربية مؤخراً نظام الاختلاط بين الذكور والإناث في معاهد التقوية التعليمية في جميع أنحاء البلاد.
وبحسب الوزارة فأن القرار جاء في إطار مساعي لتعزيز الجودة التعليمية، ويشمل هذا القرار جميع المراحل الدراسية المتوسطة والإعدادية، حيث سيتم تخصيص فصول دراسية منفصلة لكل جنس لضمان تحقيق بيئة تعليمية مناسبة.
ويقول المتحدث باسم وزارة التربية، كريم السيد، خلال حديث لـ(المدى)، إن "قرار منع الاختلاط جاء نتيجة شكاوى ومناشدات من الأهالي بشأن ما يحدث داخل قاعات التدريس، مما يؤدي إلى تشتت الطلبة في مراحل يفترض أن يركزوا فيها على التعليم"، مشيراً إلى أن "الغرض الرئيس من القرار هو مصلحة الطلبة، وضمان أن تقوم المعاهد والمدارس بدورها التعليمي على نحو صحيح".
ويردف: "وضعنا خطة للعام الدراسي القادم لسد الشواغر من خلال التعيينات والتسويات السنوية، وسنبدأ بتنفيذ هذه التسويات الشهر القادم، خاصةً في المدارس التي تعاني من نقص في الكوادر العلمية".
من جهته، يعبر عبد الرحمن، وهو طالب في الصف الثالث المتوسط، خلال حديثه لـ (المدى)، عن اعتراضه على القرار، أنه: "بعد ثلاث سنوات، ستكون زميلاتي اليوم زميلاتي في الجامعة، فما الفرق بين أن أدرس معهن الآن أو في المستقبل؟ " مبيناً أن "التفاعل بين الجنسين في بيئة تعليمية ضروري لتطوير المهارات الاجتماعية والقدرة على التعامل مع مختلف الأشخاص".
ويصف الأستاذ سجاد خيري، أحد مدرسي متوسطة الواثق، خلال حديثه لـ(المدى)، أن "القرار يضعف من شخصية الطلبة على مستوى التعامل الاجتماعي. وأوضح أن فصل الجنسين يخلق فجوة في الثقة، ويعوق النقاشات العلمية في القاعات الدراسية".
أما الأكاديمي جعفر البريقعاوي، مقيم أقدم في الطب النفسي، فقد حذر من أن "الفصل بين الجنسين قد يؤدي إلى نقص في المهارات الاجتماعية ويعزز الصور النمطية، مما يزيد من احتمالات سوء الفهم والصراعات في مجالات الحياة المختلفة"، موضحاً أن "بناء الثقة والتواصل بين الجنسين يجب أن يكون هدفًا رئيسيًا بدلاً من تعزيز العزلة الاجتماعية بينهما".
إلى ذلك، يقول السكرتير السابق لاتحاد الطلبة العام في العراق، علي شغاتي، خلال حديث لـ (المدى)، إن "فكرة فصل الجنسين في المدارس والمعاهد تعكس تفكيرًا ضيقًا ومحدودًا من قِبَل القائمين على النظام السياسي، الذين يسعون من خلال ذلك إلى فرض أجنداتهم الحزبية الضيقة وخلفياتهم الاجتماعية".
ويضيف، إن "فكرة الفصل بين الجنسين تأتي نتيجة الفوضى التي يعيشها النظام بعد تراجع دور المؤسسة التربوية في تنشئة الأجيال. أصبح دور المعلمين مقتصرًا، في أفضل الأحوال، على تدريس المنهج المقرر، وهو منهج تعرض بدوره للتقليص، وزُجّ فيه بموضوعات تتماشى مع أفكار الأحزاب الحاكمة".
ويوضح، أن "السبب المعلن للفصل بين الجنسين هو منع العلاقات العاطفية والاختلاط، وهذا الأمر يثير السخرية، فوسائل التواصل الاجتماعي أزالت الحدود، ولم يعد هناك ما يمنع نشوء العلاقات أو الحاجة إلى الاجتماع في مكان واحد".
ويؤكد شغاتي، أن "القائمين على إدارة النظام السياسي قاصرو التفكير. ففي مناطق العراق ذات الطبيعة العشائرية، وحتى في المحافظات الأكثر فقرًا مثل المثنى، توجد مدارس ثانوية مختلطة، ولم تُسمع يومًا أي مشكلة، بسبب الاختلاط فيها".
ويكمل: "الكارثة تكمن في محاولة فصل الكوادر التدريسية، هذا التفكير غريب، ويدل على قصور واضح، ثم إنَّه يوجه إهانة مباشرة للكوادر التدريسية، كيف يجرؤ هؤلاء على تنصيب أنفسهم كحماة للأخلاق، ويفترضون السوء بالجميع".
وبحسب شغاتي، أن "هذا التوجه ترك آثارًا سلبية على الحياة الجامعية. نلاحظ أن الجنسين، عند دخولهم الجامعات، يجهلون أبسط قواعد التعامل مع الجنس الآخر. أصبح هدف إنشاء العلاقات العاطفية هو إثبات القدرات، مبتعدين عن الهدف الحقيقي المتمثل في تكوين أسرة تقوم على الحب والوفاق".
ويشدد على أن "وزارة التربية، بعد فشلها في أداء مهامها، تسعى لإيجاد حلول خاطئة للهروب من مسؤولياتها في تعزيز العملية التربوية وإنشاء جيل قادر على مواجهة تحديات الحياة ومسلح بالعلم والأخلاق". وأكد أن "هذه المحاولات تعكس اعترافًا ضمنيًا بفشل النظام السياسي. ففي الوقت الذي يجب أن تسهم فيه المؤسسات في تحسين واقع المجتمع، نجدها تلهث وراء مطالبات لا علاقة لها بدورها الأساسي".
ويتابع السكرتير السابق لاتحاد الطلبة العام في العراق، أن "للناس الحرية في اختيار الأماكن التي يرغبون في تحسين تعليم أبنائهم فيها، ولكن إذا كانت المؤسسة غير قادرة على حفظ الأمانة، فهذه هي الكارثة الحقيقية".