الموصل / سيف الدين العبيدي
حب التراث والأجواء الشعبية القديمة لا يزال نابضًا في نفوس أهل الموصل، المدينة التي تتحول يومًا بعد يوم إلى وجهة سياحية مهمة للزوار من مختلف المحافظات العراقية والدول العربية والأجنبية. هذه الأجواء التراثية تشجع على إقامة مرافق سياحية في قلب المناطق القديمة، مما يعكس صورة حية عن ما كانت عليه المدينة في الماضي.
في هذا السياق، بادر مناف الغريري، أحد أبناء الموصل، إلى إنشاء مطعم ومقهى تراثي في منزل قديم وسط الموصل القديمة. هذا المنزل، الذي كان متضررًا جراء الحرب، تم إعادة ترميمه بجهود الغريري الذاتية على مدى تسعة أشهر. يتكون المطعم من أربع غرف وفناء “وسرداب” مزين بالمقتنيات القديمة التي كانت تستخدم في البيوت الموصلية. الغريري، المعروف بشغفه بجمع المقتنيات التراثية، يمتلك أيضًا متحفًا صغيرًا في منزله، وهو شغف ورثه عن والده الراحل فوزي الغريري.
ويخطط الغريري لإقامة أول مزاد لبيع المقتنيات التراثية في الموصل داخل مطعمه خلال الفترة المقبلة. ويعبر عن رغبته في تجسيد نموذج لمطعم تراثي مشابه لما يوجد في حلب والشام وتركيا. كان الغريري يخطط لتقديم أطباق لبنانية من خلال جلب فريق طهي من بيروت، لكن تأخر إجراءات الحصول على الإقامة حال دون ذلك، مما جعله يقتصر على تقديم الأطباق الموصلية التراثية، وأبرزها الكبة والعروق والدولمة والقلية.
ويشير الغريري إلى أنه يستقبل يوميًا زوارًا من مختلف الدول العربية والأجنبية، وقد زاره وفد تركي من العاملين في الشركات الإنشائية بالموصل. ويؤكد أن السياح دائمًا ما يبدون اهتمامًا خاصًا بالتفاصيل التراثية التي يعكسها المطعم.
ويضيف الغريري أن مدينة أم الربيعين تمتلك مساحات كبيرة للاستثمار السياحي، لكنها تحتاج إلى دعم وتسهيلات حكومية في منح التراخيص وتبسيط الإجراءات.
هيام العبدالله، سائحة كويتية، تحدثت إلى (المدى) وأكدت أنها تزور المكان للمرة الثانية بعدما شاهدته عبر مواقع التواصل الاجتماعي وأعجبت بالأجواء التراثية التي تعكس تراث أم الربيعين. كما عبرت عن إعجابها بطبق “الكبة” الموصلية ورغبتها في تجربتها مرة أخرى. وأشارت إلى إعجابها بالتطور والإعمار الذي شهدته الموصل بعد التحرير، مؤكدة أن أهل المدينة أبدوا إصرارًا كبيرًا على إعادة الحياة بسرعة وبأيديهم. سعد عادل، أحد زوار المطعم من أبناء الموصل، يرى أن ما فعله الغريري يُكمل ما تأسس من مرافق سياحية تراثية في المدينة. ويعبر عن سعادته برؤية مقتنيات قديمة كان يتعايش معها في طفولته معروضة أمام الحضور، معتبرًا ذلك إنجازًا رائعًا. ويؤكد أن أجواء المطعم تستمد عبقها من روح الموصل العريقة، مشيرًا إلى أنه زار أماكن مشابهة في سوريا، التي تشتهر بمثل هذه المطاعم التراثية.
ويرى عادل أن الجيل الشبابي الحالي يتقبل بشغف إقامة مثل هذه المرافق التي تساهم في امتداد تراث المدينة وتعيد النشاط السياحي إليها.