علي حسين
يستحق مجلس النواب العراقي 40 مليون برقية شكر من العراقيين، ليس فقط لأنه ساندهم ووقف إلى جانبهم وناقش قوانين تتعلق بالصناعة والتعليم والصحة ، وليس فقط لأنه يقدم لهم المتعة مجاناً من خلال جلساته ، وإنما وهذا هو الأهم لأنه بمهنية أعضائه وحرفيّتهم وموضوعيتهم، كان مدافعاً حقيقياً عن الإنجاز غير المسبوق الذي حققه في إقرار زيادة لرواتب نواب جزر القمر.
دعك من أن الشعب العراقي بكل طوائفه، استكثر على نوابنا اللطفاء رواتبهم المليونية ومخصصات الحماية والسيارات الحديثة والمكاتب الإعلامية والمقاولات المعلنة وغير المعلنة ، علماً بأن الشعب المغرر به من قبل الإمبريالية الأميركية ، لا يعرف اسماء نوابه باسثناء الذين يظهرون على الفضائيات .ودعك أيضاً من أن هذا راتب النائب يبدو ضئيلاً وتافهاً للغاية إذا ما وضع في سياق ما تتحدث به المنظمات الدولية ولجان النزاهة عن اللعب بالمليارات في صفقات تجارية يقودها البعض ممن التصقوا بكرسي البرلمان، أو وقائع الفساد المعلن في مؤسسات الدولة . ولا أريد أن أذكر النواب الذين ارتبطت أسماءهم بالمدلل نور زهير .
ودعك كذلك من أن ملايين النواب لو حسبناها جيداً، فأنها لا تغطي الجهد الكبير الذي يبذله السادة النواب ، فهم كما أخبرنا أحد النواب يستحقون المليار دينار شهرياً ، لانهم يسهرون الليل من أجل إقرار قانون يسمح بزواج القاصرات ، وينهي مشكلة العنوسة في العراق .
دعك من كل ذلك، وفكر قليلاً في الفرق بين الأداء "العظيم" لمجلس النواب العراقي، وأداء مجالس النواب "العقيمة" في بلدان العالم ، ففي برلماننا هناك مناقشة علمية رصينة ومحترمة لجميع جوانب الحياة العراقية، ويستمتع المواطن كل يوم برؤية نائب أو نائبة يتجول أو تتجول في الشوارع لسؤال الناس عن أحوالها، ويمكن اعتبار إطلالة البعض منهم في الفضائيات ، نموذجاً للديمقراطية الحديثة، فيما لا تزال مجالس النواب في دول العالم منقسمة في تعريف معنى العدالة الاجتماعية التي يتمتع بها جميع سكان بلاد الرافدين ، بل أن العديد من البرلمانات لم تدخلها مفردة عطلة التي أصبحنا نباهي بها الأمم .
منذ أيام ومع انطلاق صفارة نهاية مباراة زيادة رواتب النواب الذين اكتشفنا أن نصفهم لا يحضرون جلسات البرلمان ، تحولت ساحة مجلس النواب إلى ساحات للهتاف، والشو الإعلامي ضد المرأة التي يريد لها البرلمان أن تبقى مواطناً من الدرجة العاشرة ، في الوقت الذي يخوض فيه النواب معركة داحس والغبراء من أجل أن يعيش النائب مرفهاً وسعيداً ، وأن يغيض هذا الشعب الناكر للجميل.
ولانني حريص على السادة النواب ، سأصدّق بيان مجلس النواب الذي اخبرنا ان قرار زيادة رواتب النواب ومخصصاتهم ، كان مجرد حلقة من برنامج " الكاميرا الخفية " .