الموصل / سيف الدين العبيدي
بعد النكبة التي شهدتها مدينة نينوى في عام 2014، والتي أدت إلى تفكك اجتماعي وعمراني هائل، بدأ عدد من كبار المدينة في إعادة بناء العلاقات بين أفراد المجتمع.
من أبرز هذه المبادرات كان تأسيس مجلس أسر وعوائل الموصل على يد قتيبة الأغا، وهو أول مجلس اجتماعي ثقافي يُنشأ في الموصل بعد التحرير، تحديدًا في 12 كانون الأول من عام 2017. يعد المجلس الأكبر حاليًا في المدينة، حيث يضم أكثر من 1600 عائلة موصلية ويهدف إلى النهوض بالمدينة اجتماعيًا وعمرانيًا بعد الدمار الذي لحق بها.
أهداف المجلس
يتمثل الهدف الأساسي للمجلس في إعادة إحياء مدينة الموصل، التي عانت من دمار هائل في بنيتها الاجتماعية والعمرانية. يضم المجلس مجموعة متنوعة من الأعضاء، بما في ذلك أطباء، مهندسون، موظفون، علماء، تجار، متقاعدون، وأكاديميون. يعقد المجلس جلسات أسبوعية يستضيف فيها المسؤولين المحليين لمناقشة احتياجات المواطنين وتقديم دراسات خدمية تساهم في تحسين تنفيذ المشاريع.
تعزيز الهوية الثقافية
إلى جانب الجانب الخدمي، يستضيف المجلس شخصيات ثقافية واجتماعية لتقديم ندوات تتناول تاريخ وحضارة الموصل وهويتها العمرانية والتراثية. منذ عام 2020، أصدر المجلس مجلة دورية كل ثلاثة أشهر تحتوي على تقارير صحفية حول تاريخ المدينة، بالإضافة إلى حوارات مع شخصيات بارزة من مختلف الديانات والقوميات في نينوى.
في حديثه لـ “المدى”، يوضح قتيبة الأغا، رئيس المجلس، أن الفكرة وراء تأسيس هذا المجلس جاءت من الحاجة إلى إعادة بناء المدينة اجتماعيًا وعمرانيًا، خاصة بعد أن شعر العديد من سكان المدينة باليأس. وأضاف الأغا: “بدأنا بمخاطبة العوائل الموصليّة لتأسيس المجلس، واستجاب لنا 13 عائلة في البداية. اليوم، أصبح المجلس يضم أكثر من 1600 عائلة تمثل شريحة كبيرة من سكان المدينة، رغم أن البعض لا يود أن نمثله وهو حر في قراره”.
ويشير الأغا إلى أن المجلس يستأجر منزلًا كبيرًا على نفقته الخاصة لعقد الجلسات، وأن الأعضاء يساهمون في تغطية تكاليف الإيجار والكهرباء والضيافة. يوضح الأغا أيضًا أن المجلس يتجنب الانخراط في السياسة، مؤكدًا أن المجلس يركز على القضايا الاجتماعية والثقافية فقط، ويشير إلى أنه رغم مرور دورتين انتخابيتين، لم يسعوا إلى تشكيل كتلة سياسية، ما حافظ على استقلالية المجلس.
حلقة وصل
يشدد الأغا على أن المجلس يعمل كحلقة وصل بين المواطنين والمسؤولين، حيث يرفع طلبات الأهالي إلى الجهات المعنية، وينتقد المسؤولين إذا ارتكبوا أخطاءً، في حين يشجعهم على أي إيجابيات يحققونها. يضيف أنهم لا يطالبون المسؤولين بأكثر مما يستطيعون تقديمه.
من جهته، يوضح يسار الدرزي، الناطق باسم المجلس، أن المجلس يشكل مرجعية اجتماعية لأهالي الموصل بمختلف انتماءاتهم الدينية والقومية. وأكد أن المجلس يسعى إلى تعزيز السلم المجتمعي من خلال حل المشكلات الاجتماعية بين الأسر وتعزيز الهوية الموصليّة عبر جلسات أسبوعية تتناول تاريخ المدينة وتراثها.
أحمد عصام، أحد أعضاء المجلس، يلاحظ أن المسؤولين الذين يحضرون جلسات المجلس يأتون دون حمايات شخصية، مما يعكس ثقتهم في المجلس. ويضيف أن العديد من الملاحظات التي يقدمها المجلس تُصحح أو تُطبق فورًا، وأن ما يطرحه المجلس يهدف إلى خدمة المدينة دون أهداف شخصية. وأكد أن استقلالية المجلس هي ما دفعه للانضمام إليه.