علاء المفرجي
قبل أن يقدم المخرج فيصل الياسري فيلمه (الأميرة والنهر) عام 1982، وهو التاريخ الذي يظن البعض انه بداية انطلاق هذا الفن، وهذا إجحاف بحق عدد من الفنانين الذين أسهموا في هذا اللون السينمائي.
ففي نهاية الستينيات ظهر أول فلم كارتوني في العراق بعنوان (لعبة كرة قدم أمريكية) أخرجه فكتور حداد، وقد اشترك في عمله: بسام فرج، مؤيد نعمة، اديب مكي، عبد الرحيم ياسر، وكاظم شمهود.. وفي عام 1976 قام عامر مزهر بصناعة فيلم للدمى المتحركة اسمه – الطيارون الصغار -كما قام كاظم شمهود بعمل فلم للرسوم المتحركة اسمه –البيت الجديد – طوله 3 دقائق. هذه التجارب تعتبر من الخطوات الاولى في صناعة الافلام في العراق وعرضا أكثر من مرة في التلفزيون، ولكن بعد الاحداث المؤلمة التي مر بها العراق ضاعت الافلام واختفت. وفي سنة 1977 قام منصور البكري وعدد اخر من الرسامين بتجارب كارتونية. وفي عام 1980 اشترك عبد الرحيم ياسر ورائد نوري في انتاج فلم كارتوني عن القضية الفلسطينية. وكذلك قام الرسام صادق طعمة بتجارب للدمى والرسوم المتحركة لصالح التلفزيون العراقي.. ولازالت صناعة افلام الرسوم المتحركة في العراق متخلفة ومتوقفة بينما تتمتع شعوب العالم بازدهار وتقدم في حقل هذا الفن الساخر والضاحك.
هذه هي البدايات الأولى لفن الاينيمسشن في العراق، وهي بداية متأخرة اذا ما عرفنا أن البداية في العالم كانت لـ (الأوربيين)، في صناعة الرسوم المتحركة وكانت بداياتها التجريبية عام 1940 على يد الرسام الالماني اثانسيس كيركر، ثم استمرت التجارب بدون انقطاع حتى نجحت اخيرا في صنع الافلام الكارتونية التي نراها اليوم..
أفلام الانيميشن من الأفلام التي تعتمد عتمد الفكاهة، وكانت من اهم الفنون البصرية التي تتمتع بشعبية واسعة اكثر من غيرها لسهولة استيعابها من قبل المتلقي، وتوفيرها المتعة.
هذا النوع من الأفلام شهد في الفترة الأخيرة إقبالا من قبل بعض صناع السينما الشباب في العراق، ترافق مع النهضة السينمائية التي حدثت بعد عام 2003، لكنها بقيت وباستثناءات قليلة لا ترقى الى المستوى المطلوب وإن كانت هناك محاولات يشار لها بالجدية مثل أعمال أنس الموسوي، وهي أعمال بسيطة إلى الآن. هناك شباب يعملون على تجارب مهمّة، ويعيشون تنافساً مستمرّاً في صناعة أعمالٍ ترتقي إلى العالمية.
ورغم عدد من المحاولات كما أشرنا، إلا أنها لا يمكن أن تشكل نوعا يحمل هوية عراقية إن من حيث كمها أو من حيث مضمون هذه الأفلام. وهو أمر طبيعي بسبب أنها تحتاج الى كوادر متسلحة بالمعرفة الحديثة، التي تتطلب اختصاصات دقيقة، واختصاصات لتتمكن من إنجاز هذا النوع من الأفلام، ومن المعروف أن هذا النوع من الأفلام مرتبط بتكاليف عالية ربما أكثر من الأفلام العادية، لما تتطلبه من تفاصيل كثيرة بالأنجاز مثل توفّر أجهزة التحريك الخاصة، التي على هذا النوع. ونظرة بسيطة للأفلام العالية الأنتاج والتي حققت إيرادات قياسية مثل فيلم (الأسد الملك) و(ملك الثلج)..ونالت أيضا عدد من الجوائز السينمائية. ومثل هذه العدة لا يمكن توفرها في العراق لا الان ولا في السنوات القليلة القادمة على الأقل.
ومن هنا فأن اكتساب هوية لهذا النوع من الأفلام، يتطلب اول ما يتطلبه، هو حجم انتاجها، وأكتسابها شخصية خاصة، تميزها عن باقي سينمات العالم من هذا النوع، مثلما حدث مع الشركات اليابانية التي أدهشت العالم من حيث انتاجها الضخم (عدديا) ومن حيث مضمونها الذي لا يمكن ان تخطئه عين المتلقي بيابانيته، وكذلك شركة موسفيلم السوفيتية سابقا، والتي قدمت أفلاما تنتهج سبيل الواقعية الاشتراكية، كهوية لها.