طالب عبد العزيز
صورة القطاع الصحي في العراق لا تسر، وسمعة الطبيب العراقي على علميته وكفاءته مشوشة في ذهن المريض والمتابع والمواطن السليم أيضاً، وحال المستشفيات في البصرة وغيرها من المحافظات لا ترقى الى نصف ما عليه المستشفيات في أبسط وأفقر دول العالم، والطبيب العراقي جشع وبخيل، وهو في المستشفى الحكومي شيء وفي عيادته والمستشفى الخاص شيء آخر، فقد تحوّل الى تاجر أمراض، فهو يبني المجمعات والمختبرات والمستودعات الطبية، وغير معني بحياة الانسان. يؤسفنا أن نقول ذلك لكن، هذه صورة الطبيب العراقي النمطية التي تؤطره كطبيب، حتى ليبدو وكأنه جزء من منظومة الخراب العامة، نعم، هناك استثناءات بلا شك، لكنها غير قادرة على زحزحة الصورة النمطية تلك.
أمرٌ موجع حقاً، هذا الذي يحدث في العراق، فزوبعة فساد السياسيين تغطي كلَّ ما جوهري ونبيل عند الكثيرين من العراقيين، المخلصين، الذين يعملون بصدق وإخلاص، بعيداً عن ضجيج الاعلام ووسائط التواصل، ولعل قطاع الصحة من أكثر القطاعات نقداً وتعريضاً لارتباطه بحياة الناس، فما جرى أمس الأول من تهويل في قضية (علاج) اللاعب أيمن حسين بدولة الكويت يكتب اختصاصي أمراض القلب وطبيب التداخل القسطاري (محمد جاسم عبد علي) في إحدى مستشفيات البصرة:" ما اثارني هو تعليقات من هبَّ ودبَّ، ومن كافة فئات المجتمع، وحتى الكوادر الطبية، وكأن العراق والبصرة بوجه الخصوص لا تمتلك الكفاءات، والخبرة لمعالجة حالة مرضية، تمرُّ بشكل يوميٍّ على ايِّ طبيب، في مستشفياتنا. .ليتم الاستعانة بعدها بدولة شقيقة، تقف اِجلالا واحتراما بمجرد سماعها بطبيب عراقي "..
حالة الكابتن لمن لا يعرف هي استرواح رئوي دموي ناتجة عن شدة خارجية وعلاجها في حال عسر التنفس هو chest tube وهو ما تم عمله في مستشفى البصرة، فقد تم سحب أكثر من ٣٠٠٠ سي سي دم، واعطائه ٦ قناني من الدم. .. ويجب استثناء حصول انسلاخ الشريان الابهر، لكونه اكثر خطورة. …. لكن، ما حدث بعدها هو تواجد أكثر من ٥٠ مرافقا له، يتدافعون لأخذ الصور والاتصالات غير المبررة، الأمر الذي كان من شأنه إعاقة عمل الكادر الطبي. ..وبعدها جاء طلب من مسؤولين حكوميين بنقل الحالة الكويت؟؟؟؟؟؟؟ هل لهذه الدرجة اسم العراق رخيص عليكم؟؟؟
وكلنا طالع صورة الكابتن أيمن حسين وهو على سرير العناية في المستشفى الكويتي، ومتابعة حالته المرضية، لكنَّ أحداً من المسؤولين والمواطنين العراقيين لم يشر الى ما قام به الفريق الطبي في البصرة، الذي أنجز ما يتوجب عمله في مثل حالات كهذه، مؤسف يقول الدكتور عبد علي أنْ ينال هؤلاء الاحسان والفضل فيما ينال الطبيب العراقي السب والشتم. ومؤسف أيضاً أنَّ الكابتن حسين لم يشكر الكادر العراقي. وللأمانة كانت الهجمة ظالمة، وغير مبررة، إذْ انسحب سوء الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية على الكثير من الجميل في مفاصل الحياة العراقية.
من الإنصاف ألا تكون ملابسات ما حدث للاعب أيمن حسين مناسبة للتعريض بالجهد العراقي في قطاع الصحة بخاصة، ويتوجب علينا أن نتذكر بعرفان كبير ما قام به الطبيب العراقي في الحرب بين إيران، وكذلك في تعامله مع جرحى الانفجارات، فقد كان من أمهر وأكفأ الأطباء الذين تعاملوا مع الحالات النادرة، والمستعصية، وفي ظروف استثنائية وحرجة، لكنْ كيف سيتمكن القطاع الصحي والطبيب العراقي بتغيير الصور السيئة التي في أذهان الناس عنه؟ هذا هو السؤال الحقيقي الذي يوجه اليه مع أننا على يقين قاطع بأنه لا يجد إجابة لديه.