المدى/ حيدرهشام
في ظل التحديات الكبيرة التي تواجه العراق، تستعد قوى تشرين لاجتماع حاسم لبحث سبل الخروج من الأزمة الراهنة، وسط مخاوف من تصاعد التوتر وتجدد الاحتجاجات.
وكشفت مصادر محلية، عزم قوى تشرين عقد اجتماع مهم، من أجل الاتفاق على عودة الثورة الاحتجاجية خلال الأيام المقبلة، بالوقت الذي استبعدت أطراف سياسية إمكانية تأثير هذه القوى على الوضع السياسي العام في العراق.
واندلعت الاحتجاجات في تشرين الأول عام 2019 في جميع أنحاء البلاد، ولا سيما في الجنوب الذي عانت مناطقه الفقر وسوء الخدمات، واستمرت عدة أشهر اعتصم خلالها مئات الآلاف من المتظاهرين في ساحة التحرير مستنكرين تفشي البطالة وانهيار البنى التحتية وانعدام الديمقراطية.
وبظل هذه التباينات، أكد أمين عام حزب البيت الوطني المنبثق من ثورة تشرين، حسين الغرابي، وجود اجتماع لقوى تشرين خلال الأيام المقبلة لمناقشة الوضع الاحتجاجي في العراق، فيما بين أبرز الملفات التي ستناقش خلاله.
الغرابي يقول، في حديث لـ(المدى)، إن "اجتماع القوى الاحتجاجية هدفه تدارس ومراجعة وضع الاحتجاج، والتذكير بأوراقها في العراق لا سيما أن ذكرى تشرين السنوية قريبة جداً".
ويضيف، ان "الاجتماع سيناقش عدة ملفات خصوصا الأزمات الكبيرة التي يمر بها البلد من سرقة القرن، واعترافات رئيس هيئة النزاهة، وشبكة التجسس التي خرجت من مكتب رئيس الوزراء، والتلاعب بجداول الموازنة، الذي يضر بسمعة البلد واقتصاده، ويكرس للفساد بالمحاصصة، والإفلات من العقاب في العراق"، وأشار إلى ان "الاجتماع سيعقد هذه الأيام".
وأكد أن "القوى السياسية في العراق لا تتعظ، ولا تستفيد من التجارب الماضية، بل يكررون نفس الأخطاء، وهم ينتظرون ردة فعل قوية من الشعب العراقي"، مستدركا بالقول: "لا يمكن أن نصمت تجاه الكوارث الحاصلة وقضايا الفساد الكبرى".
وكانت احتجاجات عام 2019 قد نددت بحكومة عبد المهدي، وطالب خلالها المتظاهرون بإصلاح النظام السياسي، الذي رأوا أنه غارق في الفساد، ودفع بمعظم العراقيين إلى براثن الفقر.
بدوره، حدد القيادي في حركة امتداد، مسعد الراجحي، خيارات قوى المعارضة لمواجهة "أحزاب السلطة"، فيما أشار إلى إمكانية الاستعانة بالجماهير العراقية نشاطاتها مجدداً.
ويقول الراجحي، في حديث لـ(المدى)، إن "هناك اجتماعات مستمرة لجميع قوى تشرين لكنها تريد أن تصل لمرحلة فلسفة ما بعد الثورة"، مؤكداً أن "المجتمع العراقي لم يلامس انتقال الوضع السياسي من مرحلة إلى مرحلة جديدة، فليس هناك عملية نضج وإنجاز للمرحلة، بالعكس هناك حالة الفساد المستشري".
وبشان دور المعارضة داخل قبة البرلمان، يبين الراجحي: "من يمثل المعارضة داخل مجلس النواب حصرا وتحديدا هي حركة امتداد فقط، وفق المطالب الرسمية المقدمة لرئاسة البرلمان، التي يشهد حالة تشوه وسيطرة الأحزاب الحاكمة ولجان المحاصصة".
ولفت إلى أن "المعارضة تعرضت إلى التنكيل والتشويه من قبل (جيوش إلكترونية) وأبعاد قسري داخل قبة البرلمان، وهذا ما قام به محمد الحلبوسي قبل خلعه".
أما بشأن الحلول الممكنة لمواجهة أحزاب السلطة، فقد أوضح القيادي بحركة امتداد"، أن "الحلول التي تتوفر لدينا عدة، بينها جمع تواقيع مليونية عبر المحافظات، وكذلك عبر صناديق الاقتراع من خلال إجراء ثورة انتخابية مليونية، بالإضافة إلى إمكانية قيام ثورة شبابية شعبية، ولكن يجب أن تتضمن فلسفة ما بعد الثورة".
من جهته، يلفت الباحث بالشأن السياسي، زياد العرار، إلى إمكانية تأثير قوى تشرين على العملية السياسية بالوقت الحالي، فيما أكد أن الجمهور لم يعد يثق بأحد من الأطراف السياسية.
ويذكر العرار في حديثه لـ(المدى): "علينا أولاً ان نحدد من هي قوى تشرين، فإذا كان المقصود بها الفعاليات والشخصيات والأحزاب التي انتمت أو شاركت في تظاهرات واعتصامات لتشرين، واشتركت بالعملية الانتخابية، وأصبح لها وجود سياسي أو حكومي فهذه لن يكون لها تأثير قوي؛ لأنها لم تحقق شيء ملموس في المرحلة الماضية".
ويتابع العرار: "أما الجمهور الذي شارك في مظاهرات تشرين فهذا هو الذي يمكن ان يحقق شيء"، مستبعداً: " وجود انطلاقة جديدة للتظاهرات بنفس تشرين لأن هناك حالة عزوف عن أي مشاركات سياسية للجمهور لأنه لم يعد يثق بأحد من الأطراف السياسية أو معارضيها".
ويؤكد، ان "التغيير الحقيقي والوفاء لشهداء تشرين والوطن فيكون بالمشاركة الواسعة في الانتخابات لأنها السبيل الوحيد للتغير وفرض إرادة الشعب ووفق الدستور".
ويشار إلى أن تظاهرات تشرين الأول أكتوبر في 2019، جوبهت مبكرا بقمع مفرط، حيث استخدمت القوات الأمنية كافة الأسلحة التي كانت كافية لقتل العشرات، فتبعه هدوء نسبي استمر لنحو ثلاثة أسابيع حتى الـ25 من تشرين الأول أكتوبر، وهو اليوم الذي انطلقت فيه شرارة الانتفاضة مرة أخرى، وفيه عمد المتظاهرون إلى تحويلها لاعتصام مفتوح حتى تحقيق المطالب، وهذا ما جرى في 10 محافظات عراقية بما فيها العاصمة، حيث تحولت الساحات الرئيسة فيها إلى أماكن اعتصام، ونصبت فيها الخيام، قبل أن تزال بأوامر حكومية منتصف العام الحالي.
ويذكر أن مستوى التعاطف والتضامن الشعبي مع تظاهرات تشرين ارتفع نتيجة القمع الوحشي الذي تعرض له المتظاهرون فقوبل بمحاولات السلطات الأمنية إخماد التظاهرات، حيث قامت بحجب وسائل التواصل الاجتماعي وقطع الإنترنت وحشد حملات إعلامية مضللة ضد النشطاء.