المدى/خاص
تتفاقم أزمة توفير أدوية السرطان في العراق، حيث يعاني المرضى من ارتفاع لم يسبقه مثيل في أسعار الأدوية ونقص الدعم الحكومي، وهذه الأزمات تضع المرضى في موقف حرج، مما يستدعي تدخلاً عاجلاً من قبل السلطات الصحية لتحسين الوضع وتوفير الأدوية الأساسية بأسعار معقولة.
ويقول رئيس المركز الإستراتيجي لحقوق الإنسان، فاضل الغراوي، خلال حديث لـ (المدى)، إن "الدستور العراقي يضمن الحق في توفير العناية الصحية، وهو ما يتطلب من الحكومة اتخاذ التدابير اللازمة لتوفير هذا الحق بما في ذلك خدمات الصحة والضمان الصحي"، مشيراً إلى أن "توفير أدوية السرطان، التي تعد باهظة الثمن، يشكل جزءاً أساسياً من توفير الرعاية الصحية".
ويردف، أن "الكثير من المرضى يضطرون إلى شراء الأدوية من السوق السوداء أو السفر إلى الخارج للحصول على العلاج، وفي حال عدم توفر الأدوية، فإن المصير المحتمل هو الوفاة".
وتظهر أحدث الإحصائيات الصادرة عن وزارة الصحة لعام 2024 أن العراق سجل نحو 70,000 حالة سرطان جديدة هذا العام. وأوضحت البيانات أن سرطان الثدي وسرطان القولون هما الأكثر شيوعًا في البلاد، مع تزايد مستمر في أعداد الحالات.
من جهته، يوضح المتحدث الرسمي لنقابة الصيادلة، أسامة هادي، في حديث مع (المدى)، أن "الأدوية والمستلزمات الطبية تُوفر بطريقتين: الأولى من خلال القطاع العام، عبر وزارة الصحة، والثانية عبر القطاع الخاص، عبر المكاتب العلمية".
ويردف، أن "القطاع العام يوفر الأدوية الأساسية مجاناً عبر المستشفيات الحكومية، مع أن بعض الأدوية النادرة أو المستعصية قد تكون باهظة الثمن".
ويبين أن "القطاع الخاص يتأثر بتكاليف الاستيراد والشحن والتخزين، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، وهو ما لا يعكس بالضرورة استغلال المرضى، بل يعود إلى التكاليف المرتفعة".
ويدعو هادي إلى "زيادة الدعم المالي للقطاع العام لتتمكن وزارة الصحة من توفير جميع الأصناف العلاجية المطلوبة، وكذلك إلى دعم القطاع الخاص من خلال تخفيض تكاليف الاستيراد والضرائب، لضمان وصول الأدوية إلى المواطنين بأسعار مناسبة".
إلى ذلك، ويؤكد المتحدث الرسمي لوزارة الصحة، سيف البدر، خلال حديث لـ (المدى)، أن " أولويات البرنامج الحكومي تنص على توفير كل علاجات أمراض السرطان بصورة مجانية في جميع المؤسسات الحكومية المختصة لمعالجة الحالات السرطانية".
وفي السياق ذاته، يقول مدير عام الصحة في وزارة الصحة، حسن الربيعي، في تصريحات سابقة، "الوزارة تعمل جاهدة لتحسين توفر الأدوية من خلال التفاوض مع الشركات لتخفيض الأسعار وتوسيع نطاق الدعم الحكومي"، مستدركاً أن "هناك خططاً مستقبلية لزيادة التخصيصات المالية لتحسين مستوى الرعاية الصحية في البلاد".
وبحسب تقارير صادرة عن وزارتي الصحة والبيئة، فإن المعدل السنوي للإصابة بأمراض السرطان في العراق يبلغ 2500 حالة إصابة كل عام، لكن الواقع يشير إلى أكثر من ذلك بكثير، إذ إن عدد مرضى السرطان في المستشفيات كبير.
ويُعاني نظام الرعاية الصحية في العراق أزمة كبيرة نتيجة نقص الأدوية والكادر الطبي، بعدما غادر آلاف الأطباء والمتخصصين البلاد خلال السنوات الماضية نتيجة استهدافهم وعدم استقرارهم.
ويأتي ذلك إلى جانب عدم إيلاء الحكومة الاهتمام اللازم بالقطاع الصحي. ففي عام 2019 على سبيل المثال، الذي شهد هدوءاً نسبياً، خصصت الحكومة 2.5 في المئة فقط من موازنة الدولة البالغة 106.5 مليارات دولار لوزارتَي الصحة والبيئة. وهذا مبلغ ضئيل مقارنة بما يتم إنفاقه في دول أخرى بالشرق الأوسط.
وبحسب كتاب صادر عن منظمة المجتمع العلمي العربي "أرسكو"، عام 2015، يتضمن المضاعفات الصحية للتلوث الإشعاعي الذي نجم عن حربي الخليج 1991 و2003 وما تلاها، فإن مجموع ما ألقته القوات الأمريكية على بعض المناطق من اليورانيوم المنضب يعادل 250 قنبلة ذرية.