خاص/المدى
تواجه مسودة قانون العفو العام عراقيل كبيرة، وفي تطور جديد تشهده الساحة السياسية، حيث تتكشف المساومات بين الأطراف السياسية التي تسعى لتحقيق مصالحها الخاصة.
وتشير مصادر إلى أن تمرير قانون العفو العام يتعرض لمساومات مشددة، حيث يبدو أن بعض الأطراف تشترط تعديل قانون الأحوال الشخصية، الذي أثار مؤخراً سخطاً وجدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والاجتماعية، كشرط رئيسي للموافقة على العفو العام.
ويعكس هذا الوضع التوترات المتزايدة بين القوى السياسية، ويزيد من تعقيد المشهد القانوني والسياسي في البلاد.
ويقول القيادي في ائتلاف دولة القانون، حيدر اللامي، خلال حديث لـ (المدى)، إن "القوانين التي ترسل يجب ألا تبنى على أساس المنفعة المتبادلة بل أن تكون في صالح الشعب العراقي، وهي مسؤولية النائب".
ويردف، أن "مساومة قانون العفو العام مقابل تعديل قانون الأحوال الشخصية مرفوض"، مشيراً إلى أن "ذلك يدل على مدى الجهل بالتشريع أو معنى القوانين".
ويوضح اللامي، أن "قانون العفو العام يخص فئة معينة من الذين قد تنازلوا عنهم، أما قضايا الإرهاب والتجسس لا يمكن التنازل عنها".
ويتابع، أن "القانون لا يشمل إلا الأشخاص الذين اعتقلوا قبل 2016"، موضحاً أن "العفو العام يدل على ضعف الدولة، وأن تم فهو إرضاء لأطراف متنفذة".
من جهتها، تقول النائبة عن كتلة الحسم، زليخة الياس البكار، خلال حديث لـ (المدى)، إن "القوى السنية لديها بعض النقاط التي تريد إدخالها ضمن قانون العفو العام"، مشيرة إلى أن "أبرز تلك النقاط إعادة التحقيقات مع المتهمين بقضية المخبر السري وإعادة محاكمتهم".
وتردف، أن "هناك آلاف الأبرياء يقبعون في السجون، بسبب قضايا المخبر السري"، مؤكدة أنه "لن نقبل شمول من ثبت انتماءه لتنظيم داعش الإرهابي ضمن قانون العفو العام".
وتتابع البكار، أنها "تعرضت لمساومات صريحة داخل مجلس النواب، تقضي بتمرير قانون الأحوال الشخصية مقابل قانون العفو العام".
وفي وقتٍ سابق، أعرب رئيس ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، عن تأييد مشروط لتعديل قانون العفو العام في مجلس النواب.
وقال المالكي في كلمة متلفزة له تابعتها (المدى):"نأمل أن يكون هناك توجه للعفو العام عن الجرائم والجنايات العادية، ونحن نؤيد ذلك".
وأضاف "المصلحة الوطنية تقتضي عدم التنازل عن الذين مارسوا القتل والإرهاب وأربكوا البلد، ومنعوا الإعمار والخدمات".
وأوضح "نحن مع العفو العام، ولكن نرفض إطلاق سراح الإرهـابيين الذين تلطخت أيديهم بدمـاء الأبرياء" مشيرا إلى، ان "جـرائم الفسـاد المالي والإداري وزنا المحارم والتجسس يجب أن تُسْتَثْنَى من قانون العفو العام".
وأكد، ان "الأمن والاستقرار ودوام العملية السياسية تقتضي الالتزام بالقانون والدستور".
وأشار المالكي إلى، ان "الحكومة الحالية وضعت برنامجها السياسي، وعرضته على البرلمان، وصادق عليه وأصبح ملزماً للعملية السياسية والقوى التي صادقت عليه".
وتابع، أن "جمهور العملية السياسية جمهور وطني، ولكن كسب الجمهور يجب أن يكون وفق أساسيات القانون والعملية السياسية".
ومنذ تشكيل حكومة محمد شياع السوداني، يواجه قانون العفو العام مصيراً غامضاً على الرغم من وجود اتفاق سياسي على تشريعه، إلا أن مراقبين أشاروا إلى وجود إرادة سياسية، ولا سيما من قبل الإطار التنسيقي لتعطيل القانون وعدم الالتزام بالوعود التي مُنحت سابقاً للجهات الأخرى (السنة) لضمان مشاركتهم في الحكومة الجديدة.
ورغم تشريع أكثر من قانون للعفو العام في العراق خلال السنوات الماضية، ومنها قانون العفو العام لسنة 2016 فإن الاعتراضات عليه بقيت قائمة، لاسيما من قبل القوى السنية. فبعد اجتياح داعش المحافظات الغربية ذات الغالبية السنية في 2014، اختلطت الأوراق على صعيد من انتمى إلى التنظيم الإرهابي، وصدور قانون ما يسمى 4/ إرهاب الذي يصل الحكم على من يثبت انتماؤه للتنظيمات المسلحة إلى الإعدام.
ويؤكد نواب أن مشروع قانون العفو العام ستتم إعادة صياغته من جديد داخل اللجنة القانونية البرلمانية، حسب ما يتفق عليه حول الجرائم المشمولة والمستثناة، في إشارة الى أن مشروع القانون الحالي اقتصر فقط على الجرائم الإرهابية.
ويعد قانون العفو العام أحد أبرز مطالب الكتل السنية التي اشترطت إقراره في أثناء مفاوضات تشكيل إدارة الدولة الذي ضم الإطار التنسيقي الشيعي والكتل الكوردية والسنية الذي تمخض عن تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة محمد شياع السوداني.
ويتضمن البرنامج الحكومي، وفق نواب من المكون السني، إصدار قانون العفو العام والتدقيق الأمني في محافظاتهم وإلغاء هيئات أو إيقاف العمل بها كانت تشكل مصدر قلق وأزمة لديهم.