TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > عن التوصيف الرسمي للوجود الأميركي في العراق

عن التوصيف الرسمي للوجود الأميركي في العراق

نشر في: 11 سبتمبر, 2024: 12:25 ص

عبد الحليم الرهيمي

خلافاً لما هو شائع ومتداول في بعض وسائل الاعلام ولدى شريحة من العراقيين، وخاصة المجموعات المسلحة، بأن الوجود الاميركي في العراق هو أحتلال، ويقوم بعض هذه المجموعات بمقاومة هذا الوجود بالسلاح.. اعلن نائب رئيس مجلس وزراء العراق وزير الخارجية السيد فؤاد حسين بشكل واضح وصريح ان الوجود الاميركي في العراق ليس احتلالاً وان الاميركيين ليسوا محتلين للبلاد واضاف في الوقت ذاته القول: (ان هناك الكثير من المفاهيم بحاجة الى نقاش) قاصداً ان على هذه المسألة اكثر من رأي.
هذا التوصيف الرسمي للوجود الاميركي في العراق الذي عبّر عنه وزير الخارجية من خلال (الفضائية العراقية) الحكومية كان موقفاً لافتاً ومهماً في آن معاً، فهو لافت حقاً لانه عبّر بشكل واضح وصريح عن الموقف الرسمي من هذا الوجود الذي اعتبر ضمناً انه وجود لدولة صديقة وحليفة. اما اهمية هذه التصريح – الموقف، فانه عبر عن رفض ودحض الآراء والمواقف المخالفة الشائعة التي تعتبره احتلالاً، لكن هذا الموقف اخذ في الاعتبار وجود آراء ومواقف معارضة تطالب بانهاء هذا الوجود عبر مقاومته بالسلاح وليس بالحوار والتفاوض والاتفاق على ذلك لمصلحة جميع العراقيين والعراق ذلك لان استخدام القوة والسلاح سيؤدي الى ازمات وربما كوارث تلحق بالعراق وشعبه دون مبررات واسباب مقبولة. وبذلك يصبح هذا الوجود غير معادي وليس احتلالاً بما ترتب ويترتب على ذلك من مواقف حكومية مسالمة وتصالحية حيث عملت الحكومة بموجب ذلك على احتواء المواقف المعارضة والمعترضة عبر الحوار معها ودعوتها لاعطاء الفرصة لها للعمل على اتخاذ الموقف المناسب ازاء هذا الوجود وبما لا يلحق الضرر بالعراق وشعبه وهو موقف لا يتعارض تماماً مع القرار الذي اتخذه البرلمان عام 2022 بالدعوة لانهاء هذا الوجود وانسحاب القوات الاجنبية من العراق بما فيها المستشارون الاميركيون في القواعد العراقية.
وللتذكير، لقد عمد مجلس الامن الدولي الى اصدار قرار يوصف وجود القوات الدولية – الاميركية التي ساعدت العراق على الاطاحة بالحكم الدكتاتوري وتحرير العراقيين من قمعه الدموي وهيمنته عام 2003 بأنه يمثل احتلالاً، فقد تم بطلب من تلك القوات والعراقيين بهدف وقف الفوضى العارمة واعمال الحواسم والاخطار التي ترتبت على ذلك بافتقاد الامن والاستقرار وبالتالي اصبح الوضع يتطلب قوى امنية تحفظ الامن وتوقف الفوضى، وهذا لن يتحقق الا باعتبار تلك القوات الاميركية الدولية قوى احتلال يكون من واجبها فرض الامن والاستقرار بقرار وتفويض اممي يمنحه غطاء الشرعية اللازمة. وقد عمل العراق على انهاء هذه المهمة لتلك القوات وتوقيع اتفاقية مع الدول التي وصفت بالمحتلة على انهاء وجودها وفق تلك الاتفاقية التي وقعت عام 2008 وتحقق انسحاب تلك القوات بنهاية عام 2011 من العراق وبالتالي انهاء الاحتلال.
اما الوجود الاميركي الدولي الحالي الذي حصل بعد احتلال تنظيم داعش للموصل ومناطق اخرى من العراق في 10 حزيران – يونيو عام 2014 فقد حصل بدعوة رسمية من الحكومة العراقية بعد ان اقترب احتلال داعش من تخوم بغداد. وبذلك لم يتخذ هذا التواجد صفة الاحتلال انما اعتبرت ووصفت تلك القوات بالقوى الداعمة والمساندة للشعب العراقي بعد ان شكلت الولايات المتحدة تحالفاً دولياً ضم اكثر من 60 دولة. من هنا جاء توصيف وزير الخارجية العراقي للوجود الاميركي الحالي بأنه ليس احتلالاً، بل اكد ذلك مستدركاً بالقول (لقد رجونا - اي بطلب ورجاء- الاميركيين كي ياتوا الى العراق بعد ظهور وغزو داعش للاراضي العراقية).
وهو الموقف الذي يقر بشرعية هذا الوجود (الذي يهاجمه البعض من منطلق عقائدي او ايديولوجي او حزبي كما قال السيد الوزير). وفي ضوء ذلك فأن مقاومة هذا الوجود باستخدام القوة هو خطأ سياسي كبير ينبغي تجنبه وترك امر ابقاء او انهاء الوجود الاميركي الدولي للتفاوض والحوار السلمي الذي ينتهجه العراق حالياً.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟

العمودالثامن: ألف نكتة ونكتة عن النزاهة!!

العمودالثامن: مثقفون مزيفون

اللعبة الطائفية الخطرة!

قانون الأحوال الشخصية.. في مواجهة الامتثال إلى الماضي

العمودالثامن: ماذا يحدث؟

 علي حسين ماذا حـدث؟ .. قالها صديق عاد إلى الوطن بعد غربة طويلة.. سألني: لماذا أصبحت الهوية الطائفية حاضرة بقوة هذه الأيام؟ هل لأنّ هناك خطراً على الشيعة، أم أن السـُّنة يتعرضون لحملة...
علي حسين

قناطر: العراق - الكويت.. كرة القدم تطيّب القلوب

طالب عبد العزيز في البدء، أنا غير معني بلعبة كرة القدم، ولا يعنيني من سيلعب، ومن سيفوز، في لعبة العراق مع الكويت، لكنني آمل أنْ تكون فعاليات مثل الرياضة وكرة القدم بالذات -لشعبيتها- فرصة...
طالب عبد العزيز

القنابل الغازية أداة قمع للاحتجاجات السلمية

د. كاظم المقدادي تُستخدم القنابل الغازية السامة والقاتلة المسماة "المسيلة للدموع" لتفريق التظاهرات والحشود والتجمعات الجماهيرية، المطالبة بحقوقها المشروعة. ويعرف ُ مستخدموها جيداً ما تسببه من أضرار لمستنشقي غازاتها أثناء إنفجارها، والتي تتراوح بين...
د. كاظم المقدادي

عن التوصيف الرسمي للوجود الأميركي في العراق

عبد الحليم الرهيمي خلافاً لما هو شائع ومتداول في بعض وسائل الاعلام ولدى شريحة من العراقيين، وخاصة المجموعات المسلحة، بأن الوجود الاميركي في العراق هو أحتلال، ويقوم بعض هذه المجموعات بمقاومة هذا الوجود بالسلاح.....
عبد الحليم الرهيمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram