علي حسين
توقفت عند الفيديو الذي يظهر فيه شاب يجلس على كرسي ، فيما يقوم شخص بقص شعره بماكنة حلاقة ، وبين الحين والآخر يوجه له الصفعات ، الحلاق الذي قرر أن يتولى منصب القاضي ليحاكم شاباً ربما أخطأ في حق أحد رجال الدين ، أراد أن يثبت للمشاهدين أن ماكنته فوق القانون وأن بإمكانه أن يحلق رأس أي شخص ، طبعاً من ضمنهم كاتب المقال دون أن يحاسبه أحد ، فنحن نعيش في دولة يطلق فيها سراح سارق الثلاثة مليارات دولار، ويكافأ فيها من قرر أن يُطلق سراحه ، في الوقت الذي يعاقب فيه مسؤول آخر صرخ " أنقذونا من حيتان الفساد " .. وقبل أن انتهي من مشهد الفيديو المؤلم الذي يقول للعالم إننا دولة بلا قانون ، نبهني صديق الى تصريح للنائب رعد الدهلكي نشرته احدى الصحف ، يقول فيه إن " رئيس البرلمان بالوكالة محسن المندلاوي هدد بسحب قانون العفو في حال عدم التصويت على الأحوال الشخصية".
كنت أتمنى أن لا أعود إلى الكتابة عن مجلس النواب ، لكن ماذا أفعل ياسادة والبعض من أصحاب الكراسي النيابية لا يزالون يصرون على تحويل قبة البرلمان إلى ساحة للنزال، ففي ظاهرة، ربما تنفرد بها بلاد الرافدين، يشن السيد محسن المندلاوي الحرب على النواب الذين يرفضون إقرار تعديلات على قانون الأحوال الشخصية ، ويوجه مدافعه الثقيلة تجاه المعترضين على مناقشة التعديلات ، وقبل أن يتهمني السيد محسن المندلاوي بالعمالة للأجنبي وتنفيذي لأجندات مشبوهة ، وهي التهمة الجاهزة التي يطاردون بها كل من يعترض على مخططاتهم لتحويل العراق إلى قندهار . أحب أن أنبه "سيادته" إلى أنني كنت وما زلت مع أن يأخذ البرلمان مكانه الحقيقي ويكون صوتاً للشعب ، يناقش القوانين التي تهم مستقبل البلاد ، ويسعى للسير بالعراقيين إلى الأمام وليس العودة بهم إلى العصور الوسطى.
يدرك السيد القائم بأعمال رئيس البرلمان أن في هذه البلاد لا يوجد مواطن واحد يمكنه الاعتراض على ما يقوله أصحاب الجاه والسلطان، مثلما لا يوجد مواطن يمكنه أن يخرج في تظاهرة تندد بالعبث الذي يجري داخل قبة البرلمان .
لقد بحت أصوات الجميع بأن بقاء العراق واستقراره ليس مرهوناً بقانون الأحوال الشخصية ، ولا في جلوس محمود المشهداني على كرسي رئاسة البرلمان ، فالناس تدرك جيداً أن هناك سوراً بين أحلام المواطن واحتياجاته وتطلعه الى المستقبل ، وبين طموحات النواب وامتيازاتهم ، كما أن الناس تدرك أن شؤون البلاد والعباد لا تدار بمبدأ " مشيلي وامشيلك ".