علاء المفرجي
على الرغم من أن الفنان الكبير قاسم الملاك، لم يبدأ مسيرته الفنية أواخر الستينيات ممثلاً كوميدياً، بل تنوعت أدواره منذ ذلك الحين بين الكوميديا والأدوار التراجيدية، وغيرها من الأدوار. فكان أن رسخ حضوره الأدائي من خلال هذه الأدوار مع مسحة واضحة من الوسامة، جعلته هدفا للكثير من مخرجين الدراما ومخرجي السينما.
ومن خلال انخراطه تماماً في فن التمثيل،- وهي بالمناسبة حالة فريدة بالدراما العراقية- حيث أن الكثير من الممثلين العراقيين راحوا بفعل بعض النجاح، يفكرون بطرق مجالات أخرى كالإخراج، لذلك أهملوا موهبتهم في التمثيل، الملاك بالنسبة له صار يفكر في تغيير شكل إدائه، من الأدوار التي طبعت أعماله في بدايته في مجال التمثيل، فكان أن اختار الكوميديا ولكن الكوميديا التي لا تنشغل بالضحك فقط، بل في عكس المواقف التي تتطلب أحياناً قدراً من التراجيديا، وهذا بدأ في نهاية السبعينيات، لتترسخ لدى المتلقي وتستقر في الذاكرة.
لم يلجأ قاسم الملاك الى ابتداع صفة ما، في إدائه الكوميدية تجعله أسير النمطية، التي بدا لنا أنه يدرك أن النمطية سلاح ذو حدين للممثل الكوميدي، فهي لبعض المتلقين لازمة لابد منها لاستدرار الضحك، ومن دونها لا شيء يجلب الضحك لدى الممثل. وللبعض الآخر هذه الصفة تكون عاملاً من عوامل الملل، فالتكرار يدعو الى الملل والتكرار يدعو الى الاستنساخ والى الجمود والجمود يعني الموت، وتأتي صفة النمطية من اهتمام الممثل الكوميدي بذاته وبتقنياته الخاصة المقصودة للإضحاك، وأكبر دليل على ذلك الممثل النابغة (شارلي شابلن) فقد كان نمطياً في جميع أفلامه الصامتة، حيث رأيناه يكرر حركاته وإيماءاته في هذا الفيلم أو ذاك ونضرب مثلاً آخر عن النمطية لدى الممثل الكوميدي في شخص الممثل المصري الراحل (اسماعيل ياسين) إذ نراه يكرر التقنيات نفسها في الصوت والجسم في جميع الأفلام التي شارك فيها. وكما يقول المسرحي الكبير سامي عبد الحميد:" وتتحول النمطية من صفة محببة إلى أخرى كريهة. وهنا لا بد من التأكيد أن الممثل الكوميدي باعتماده على ذاته وتقنياتها إنما يحبس نفسه في نطاق النمطية، علماً بأن تلك التقنيات قد تستنزف يوماً ما وتصبح ثقلاً على كاهل الممثل وتخرج عن مجال الابتكار والإبداع."
قاسم الملاك في كل دور له يهتم بتقنياته الجسمانية والصوتية والنوع وشكل الحركة التي يؤديها لكي تضحك المتفرج وبنغمة الصوت وإيقاع الكلام الذي يثير الضحك من غير أن يفكر بإيصال مشاعر وعواطف الشخصية التي يمثلها.
فهو لا يختلف في الأدوار المضحكة (الكوميدية) عن تمثيله الأدوار الأخرى سواء في المسرح أم في السينما أم في التلفزيون بما تتطلبه الشخصية الكوميدية من متغيرات في التعبير الجسماني والصوتي.
قاسم الملاك ممثل أدرك مبكراً كيف يستخدم كل التقنيات المعروفة للممثل الكوميدي، بما فيها تعبير الوجه، لأيصال أدواره المضحكة.