TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كلاكيت: الكوميديا التي لا تنشغل فقط بالضحك..

كلاكيت: الكوميديا التي لا تنشغل فقط بالضحك..

نشر في: 19 سبتمبر, 2024: 12:05 ص

 علاء المفرجي

على الرغم من أن الفنان الكبير قاسم الملاك، لم يبدأ مسيرته الفنية أواخر الستينيات ممثلاً كوميدياً، بل تنوعت أدواره منذ ذلك الحين بين الكوميديا والأدوار التراجيدية، وغيرها من الأدوار. فكان أن رسخ حضوره الأدائي من خلال هذه الأدوار مع مسحة واضحة من الوسامة، جعلته هدفا للكثير من مخرجين الدراما ومخرجي السينما.
ومن خلال انخراطه تماماً في فن التمثيل،- وهي بالمناسبة حالة فريدة بالدراما العراقية- حيث أن الكثير من الممثلين العراقيين راحوا بفعل بعض النجاح، يفكرون بطرق مجالات أخرى كالإخراج، لذلك أهملوا موهبتهم في التمثيل، الملاك بالنسبة له صار يفكر في تغيير شكل إدائه، من الأدوار التي طبعت أعماله في بدايته في مجال التمثيل، فكان أن اختار الكوميديا ولكن الكوميديا التي لا تنشغل بالضحك فقط، بل في عكس المواقف التي تتطلب أحياناً قدراً من التراجيديا، وهذا بدأ في نهاية السبعينيات، لتترسخ لدى المتلقي وتستقر في الذاكرة.
لم يلجأ قاسم الملاك الى ابتداع صفة ما، في إدائه الكوميدية تجعله أسير النمطية، التي بدا لنا أنه يدرك أن النمطية سلاح ذو حدين للممثل الكوميدي، فهي لبعض المتلقين لازمة لابد منها لاستدرار الضحك، ومن دونها لا شيء يجلب الضحك لدى الممثل. وللبعض الآخر هذه الصفة تكون عاملاً من عوامل الملل، فالتكرار يدعو الى الملل والتكرار يدعو الى الاستنساخ والى الجمود والجمود يعني الموت، وتأتي صفة النمطية من اهتمام الممثل الكوميدي بذاته وبتقنياته الخاصة المقصودة للإضحاك، وأكبر دليل على ذلك الممثل النابغة (شارلي شابلن) فقد كان نمطياً في جميع أفلامه الصامتة، حيث رأيناه يكرر حركاته وإيماءاته في هذا الفيلم أو ذاك ونضرب مثلاً آخر عن النمطية لدى الممثل الكوميدي في شخص الممثل المصري الراحل (اسماعيل ياسين) إذ نراه يكرر التقنيات نفسها في الصوت والجسم في جميع الأفلام التي شارك فيها. وكما يقول المسرحي الكبير سامي عبد الحميد:" وتتحول النمطية من صفة محببة إلى أخرى كريهة. وهنا لا بد من التأكيد أن الممثل الكوميدي باعتماده على ذاته وتقنياتها إنما يحبس نفسه في نطاق النمطية، علماً بأن تلك التقنيات قد تستنزف يوماً ما وتصبح ثقلاً على كاهل الممثل وتخرج عن مجال الابتكار والإبداع."
قاسم الملاك في كل دور له يهتم بتقنياته الجسمانية والصوتية والنوع وشكل الحركة التي يؤديها لكي تضحك المتفرج وبنغمة الصوت وإيقاع الكلام الذي يثير الضحك من غير أن يفكر بإيصال مشاعر وعواطف الشخصية التي يمثلها.
فهو لا يختلف في الأدوار المضحكة (الكوميدية) عن تمثيله الأدوار الأخرى سواء في المسرح أم في السينما أم في التلفزيون بما تتطلبه الشخصية الكوميدية من متغيرات في التعبير الجسماني والصوتي.
قاسم الملاك ممثل أدرك مبكراً كيف يستخدم كل التقنيات المعروفة للممثل الكوميدي، بما فيها تعبير الوجه، لأيصال أدواره المضحكة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: أحلام المشهداني

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

قناديل: بغدادُنا في القلب

عنوانان للدولة العميقة: "الإيجابية.. و"السلبية"

العمودالثامن: برلمان كولومبيا يسخر منا

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

 علي حسين ما معنى أن تتفرغ وزارة الداخلية لملاحقة النوادي الاجتماعية بقرارات " قرقوشية " ، وترسل قواتها المدججة لمطاردة من تسول له نفسه الاقتراب من محلات بيع الخمور، في الوقت نفسه لا...
علي حسين

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...
د. فالح الحمراني

السرد وأفق الإدراك التاريخي

إسماعيل نوري الربيعي جاك لوغوف في كتابه "التاريخ والذاكرة" يكرس الكثير من الجهد سعيا نحول تفحص العلاقة المعقدة، القائمة بين الوعي التاريخي والذاكرة الجماعية. وقد مثل هذا المنجز الفكري، مساهمة مهمة في الكتابة التاريخية،...
إسماعيل نوري الربيعي

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

توماس ليبلتييه ترجمة: عدوية الهلالي بالنسبة للبعض، تعتبر الرغبة في استعمار الفضاء مشروعًا مجنونًا ويجب أن يكون مجرد خيال علمي. وبالنسبة للآخرين، فإنه على العكس من ذلك التزام أخلاقي بإنقاذ البشرية من نهاية لا...
توماس ليبلتييه
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram