متابعة/ المدى
طالب 160 نائبا بتطبيق قانون التقاعد على المحافظين ورؤساء الهيئات المستقلة، وعكست هذه المطالبة وجها جديدا للصراع بين أطراف في الإطار التنسيقي ورئيس الحكومة محمد شياع السوداني، إذ تنوي هذه الأطراف إزاحة مناصب حساسة تنتمي للسوداني عبر حجة تجاوزهم "السن القانونية"، بحسب مراقبين.
وفيما يجد المراقبون أن المستهدف الأول وراء هذه الخطوة هو رئيس الحكومة، يؤكد مقرب منه أن الكتل السياسية أرادت بهذه المطالبة مغازلة الشارع وتبرئة نفسها من الضغوط التي مارستها على السوداني سابقاً لمنعه من التغيير، فيما كشف عن تغيير مرتقب لنحو 5 – 7 وزراء خلال الفترة المقبلة.
ويقول السياسي المقرب من رئيس الحكومة عائد الهلالي، إن “الحديث عن مدى جدية حكومة السوداني في مساءلة بعض الوزراء ورؤساء الهيئات المستقلة والدرجات الخاصة بدأ يتصاعد في الآونة الأخيرة، فالمعروف أن الحكومة تعهدت بأن تقوم بتقييم الوزراء والدرجات الخاصة، وقد تم العمل على هذا الموضوع في فترة من الفترات، لكنه توقف نتيجة ضغوط سياسية كبيرة من الكتل”.
ويضيف الهلالي، أن “الكتل تريد أن تتبرأ الآن مما قامت به من ضغوط في الفترة الماضية، فقد أوقفت الكثير من الاستجوابات سابقاً، كما منعت السوداني من إجراء تغييرات، لكن يبدو أنها اليوم، تريد أن تلقي الكرة في ملعب السوداني وتغازل الشارع العراقي بتغييرات عبر حجج كبلوغ السن القانونية أو التقاعد أو استبدال هذه الشخصية بتلك، خاصة أنها الآن تمسك بزمام مؤسسة لها أهمية وقوة وهي البرلمان”.
ويجد أن “هذه الألاعيب باتت مكشوفة، والشارع العراقي يدرك تماما ما يحدث، والسوداني ماض في تنفيذ البرنامج الحكومي والتزاماته التي قطعها”، كاشفا أن “هناك من 5 – 7 وزراء عندما تهدأ هذه الفورة وتستقر خلال الأسابيع المقبلة، سوف تشرع حكومة السوداني بتغييرهم، وهم ممن أخفقوا أو لم ينسجموا مع البرنامج الحكومي”.
وجمع 160 عضواً في مجلس النواب، أمس الأربعاء، تواقيع لتنفيذ قانون إحالة المحافظين ورؤساء الهيئات المستقلة على التقاعد عند إكمال 60 سنة من العمر، فيما أكد النواب عزمهم على تعليق حضور جلسات المجلس ما لم تلتزم رئاسة المجلس بإرسال طلب إلى الحكومة يلزمها بتنفيذ قرار مجلس الدولة بشأن إحالة رؤساء الهيئات المستقلة إلى التقاعد وفقًا للسن القانوني بموجب القرار المستند إلى قانون التقاعد الموحد رقم (9) لسنة 2014.
ويتوقع أن يشمل هذا القانون العديد من المناصب الحساسة في الدولة وإزاحة أصحابها، في خطوة يجد كثيرون أنها تستهدف رئيس الحكومة خصوصا أن بعض من يشغل هذه المناصب مقربون منه.
بدوره، يقول عضو اللجنة القانونية النيابية رائد المالكي، إنه "يجب الالتزام بالقوانين وعدم التجاوز عليها من قبل اي جهة بما فيها الدرجات الخاصة والمناصب العليا".
وأضاف، أن "عمل المؤسسات لا يتوقف على شخص معين، لذلك اقالة رؤساء الهيئات المستقلة والمحافظين الذين تجاوزوا السن القانوني للتقاعد يحتاج للتطبيق وعدم التأخر فيه ولا يحتاج تدخل البرلمان لأنه حكم قضائي قانوني".
وأشار المالكي الى، أن "أبرز المشمولين بالقرار هو رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض ومحافظ البنك المركزي على العلاق ومحافظ بغداد عبد المطلب العلوي لتجاوزهم السن القانوني".
ولفت عضو اللجنة القانونية الى، أن "القرار يجب أن يطبق على الجميع"، مبينا أن "القانون يحتاج الى بعض التعديلات فيما يخص المحافظين كونهم مكلفين بخدمة عامة ومنتخبين من قبل الشعب".
من جهته، يعتقد المحلل السياسي نزار حيدر، أن “عودة النواب إلى الدستور والقانون بالصدفة، وبطريقة انتقائية، هي لتصفية حساباتهم مع مسؤول ما، لصالح زعماء كتلهم النيابية، لذلك تذكروا الآن دورهم الرقابي بعد أن نسوه أو تناسوه طيلة الفترة السابقة من عمر البرلمان الحالي والتي امتدت لقرابة ثلاث سنوات”.
ويضيف حيدر أن “النواب لو كانوا حريصين على هذا الدور الحساس الذي ثبته لهم الدستور والقانون لدعوا إلى عقد جلسة خاصة لاستضافة رئيس هيئة النزاهة القاضي حيدر حنون كما دعاهم هو ليطلعوا منه على حيثيات تصريحاته النارية الخطيرة والتي كان قد أدلى بها في مؤتمره الصحفي في أربيل والتي سعى مجلس القضاء الأعلى للفلفتها من خلال بيان إنشائي لم يقنع الرأي العام العراقي”.
ويستغرب من أن “النواب تذكروا قانون التقاعد الذي يشمل رؤساء الهيئات المستقلة ولم يتذكروا التعيينات بالوكالة المعمول بها لحد الآن من قبل رئيس مجلس الوزراء الذي وعد بإنهاء هذه الظاهرة في برنامجه الانتخابي والعودة بها إلى الدستور”.
ويوضح المحلل السياسي المقيم في واشنطن، أن “بعض الكتل النيابية بدأت تنبش خلف عدد من المسؤولين ومنهم رؤساء لهيئات مستقلة، لإزاحتهم عن الطريق وتعبيده أمام عناصر أقرب لها منهم، من جهة، ولإضعاف زعامات سياسية تتبناهم من جهة أخرى، ولا يفوتنا هنا أن المستهدف من هذه الحركات البرلمانية المشبوهة هو رئيس الوزراء”.
ويثار جدل كبير حول دور البرلمان الرقابي، وتركيزه على قوانين وأجندات سياسية وإهمال قضايا مهمة “تهدد كيان الدولة” من قبيل اتهامات رئيس هيئة النزاهة للقضاء، وكذلك ما يتعلق بشبكة التنصت الناشطة داخل مكتب رئيس الوزراء، وأكد مراقبون في تقرير سابق لـ”العالم الجديد”، أن دور البرلمان الرقابي مغيّب تماما بسبب تكبيله من قبل ائتلاف إدارة الدولة والقوى السياسية الحاكمة.
إلى ذلك، يجد مدير المركز العراقي للدراسات الإستراتيجية غازي فيصل، أن “العلاقات اليوم داخل الإطار التنسيقي تطرح عددا من الصراعات والتناقضات والاختلافات الجوهرية، إذ لا يبدو الإطار موحدا للتنظيمات والأحزاب والحركات والتيارات والفصائل التي تنضوي تحت لوائه باستثناء الانتماء المذهبي الشيعي”.
ويضيف أن “هناك صراع مصالح خطيراً بين مختلف الأحزاب داخل الإطار، وهذا يتعلق بالمصالح الذاتية والأهداف لكل حزب من هذه الأحزاب، وهناك مصالح متضاربة، وتقديم عدد من النواب طلبا لإزاحة بعض الشخصيات يكشف هذا الصراع بوضوح”.
ويشير فيصل، إلى أن “التقاعد بعد تجاوز السن القانونية موضوع شرعي ودستوري، ولكن في كل دول العالم إذا كان من يتجاوز السن يمتلك خبرات وصحة جيدة يصدر قرار باستثنائه من التقاعد وتحدد السنوات التي من الممكن أن يستمر فيها، وهناك معايير لبقائه كالصحة العامة والكفاءة والشهادات والخبرات”.
ويفيد بأن “الأمثلة على تجاوز السن القانونية كثيرة، فالرئيس الأمريكي جو بايدن يقترب من 80 عاما وهذا ينطبق على دونالد ترامب المرشح للرئاسة الأمريكية، وهذه شخصيات بأعمار كبيرة لكن لديها القدرة على التنافس والإدارة”، مشيرا إلى أن “هذا الإجراء يعكس صراعات مصالح على هذه المواقع السيادية المهمة والرغبة في إشغالها”.
يذكر أن عدد الهيئات المستقلة في العراق بات أكثر من عدد الوزارات، وحتى عام 2018 كانت هناك 25 هيئة مستقلة، خضعت أغلبها للمحاصصة، ومؤخرا يجري الحديث عن وجود نحو 40 هيئة مستقلة، وأدخلت ضمن ملف الدرجات الخاصة المثير للجدل، حيث تتقاسم الكتل السياسية هذه الهيئات غالبا، ويجري صراع على رئاساتها أو عضوية مجالسها التنفيذية.
المصدر: وكالات
اخبار وتقارير160 نائباً يطالبون بتطبيق قانون التقاعد.. الفياض والعلاق والعلوي يستعدون للإقالة: تجاوزوا السن القانوني
160 نائباً يطالبون بتطبيق قانون التقاعد.. الفياض والعلاق والعلوي يستعدون للإقالة: تجاوزوا السن القانوني
نشر في: 19 سبتمبر, 2024: 06:49 م