 ذي قار/ حسين العامل

لليوم الرابع على التوالي، تعتصم والدة الناشط التشريني المغيب سجاد العراقي في خيمتها أمام ديوان محافظة ذي قار، مطالبة الحكومتين المحلية والمركزية بالكشف عن مصير ولدها، إن كان حياً أم ميتاً. وفي وقت مبكر من فجر يوم السبت، أقدم مجهولون يستقلون دراجة نارية على إطلاق رشقة من الرصاص على خيمة الاعتصام.
وكانت والدة سجاد العراقي ومجموعة من الناشطين في مجال التظاهرات قد قاموا بنصب خيمة اعتصام في تصعيد جديد للكشف عن مصيره، يتزامن مع الذكرى الرابعة لاختطاف وتغييب العراقي.
وفي أعقاب الفعاليات المطلبية التي شهدتها خيمة الاعتصام، تعرضت فجر يوم السبت لإطلاق نار مباشر من مجموعة مسلحة تستقل دراجة نارية ولاذت بالفرار. وقال الشقيق الأكبر لسجاد العراقي، عباس ستار، لـ(المدى) إن “خيمة الاعتصام تعرضت لإطلاق نار من مسلحين مجهولين في الساعات الأولى من فجر يوم السبت”، مبيناً أن “المسلحين الذين يستقلون دراجة نارية فتحوا النار من بندقية آلية وأطلقوا ما يقرب من 16 طلقة باتجاه الخيمة، نجم عنها أضرار طفيفة في الخيمة وثقوب في صورة للمغيب سجاد العراقي”، مؤكداً عدم تسجيل إصابات بين الأشخاص المعتصمين بالخيمة.
وأشار ستار إلى أن “الحادث وقع رغم تواجد دوريات الشرطة التي كانت على مقربة من خيمة الاعتصام”، مضيفاً أن “الشرطة حضرت بعد ذلك للتحقيق، وعرضت عليه تسجيل دعوى قضائية إذا رغب بذلك”.
وحمل شقيق سجاد العراقي القوات الأمنية مسؤولية الخرق الأمني الذي تعرضت له خيمة الاعتصام. وأوضح أن “القوات الأمنية حضرت إلى موقع الحادث بعد لحظات، وكان بإمكانهم ملاحقة المسلحين في ذلك الوقت وإلقاء القبض عليهم عبر متابعة منظومة الكاميرات الموجودة في محيط ديوان محافظة ذي قار”.

والدة سجاد تطالب بالكشف عن مصير ولدها
من جانبها، قالت والدة سجاد العراقي لـ(المدى) إن “سجاد جرى اختطافه في 19 أيلول 2020 على يد جهات وأشخاص معروفين لدى القضاء والجهات الأمنية، وصدرت بحقهم أحكام قضائية غيابية، إلا أنه لم يتم القبض عليهم حتى الآن”. مشيرة إلى أن “دوافع اختطاف سجاد تتعلق بمشاركته في التظاهرات المطلبية وكشفه عن ملفات فساد خطيرة”.
وأضافت والدة سجاد أنها أجرت لقاءات مع العديد من المسؤولين، من بينهم رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، مشيرة إلى أن “جميع تلك اللقاءات لم تسفر عن نتيجة، ولم أقبض سوى الوعود رغم تسليمي أسماء الخاطفين والجهات التي تقف وراءهم ووثائق أخرى إلى السوداني”. وأكدت أنها قضت “أربع سنوات من المراجعات للقضاء والجهات الأمنية والمسؤولين في الحكومتين المحلية والمركزية لمتابعة قضية سجاد، دون التوصل إلى نتيجة ملموسة”.
وشددت والدة العراقي على ضرورة الكشف عن مصير ولدها المغيب، سواء كان حياً أو ميتاً، ومحاسبة المتورطين في اختطافه وتغييبه، ملوحة بتصعيد الفعاليات المطلبية بالتنسيق مع ناشطي التظاهرات، عبر إقامة المزيد من خيم الاعتصام في ساحة الحبوبي وسط الناصرية، والعودة إلى المربع الأول من تظاهرات تشرين التي انطلقت منذ نحو خمس سنوات.

لقاءات بلا نتيجة
وفي حديث سابق مع (المدى)، كشف عباس العراقي، شقيق الشاب المختطف، أن “عائلتنا التقت خلال الأعوام الماضية برئيس مجلس الوزراء الحالي مرة واحدة، وبرئيس المجلس السابق مصطفى الكاظمي أربع مرات، وبوزير الداخلية السابق والمسؤولين في الوزارة ثلاث مرات، وبغيرهم من كبار المسؤولين”.
وأعرب عباس عن أسفه لأن “الجميع أطلق وعوداً لم يتحقق أي منها حتى الآن”، داعياً “الجهات الحكومية إلى الكشف عن مصير سجاد، حتى وإن كان قد قضى نحبه خلال مدة الاختطاف”.

تفاصيل حادثة الاختطاف
كشفت قيادة شرطة محافظة ذي قار في 19 أيلول 2020 عن اختطاف الناشط في تظاهرات الناصرية سجاد العراقي، وإصابة زميله باسم فليح بجروح على يد مسلحين مجهولين يستقلون سيارتين رباعيتي الدفع.

أحكام غيابية دون تنفيذ
أصدرت محكمة استئناف ذي قار في أواخر أيلول 2020 مذكرتي اعتقال بحق اثنين من المتهمين باختطاف سجاد العراقي، وهما إدريس كريدي حمدان الهصاري وأحمد محمد عبود الإبراهيمي، اللذان تشير مصادر المتظاهرين إلى انتمائهما إلى أحد الفصائل المسلحة. إلا أن المتهمين لم يُقبض عليهما حتى الآن.
وفي أواسط آذار 2023، أصدرت محكمة جنايات ذي قار حكماً بالإعدام غيابياً بحق مجرمين اثنين عن جريمة اختطاف الناشط سجاد العراقي. وأفاد بيان صادر عن مجلس القضاء الأعلى العراقي أن “محكمة جنايات ذي قار أصدرت حكماً بالإعدام غيابياً بحق مجرمين اثنين عن جريمة اختطاف الناشط سجاد العراقي في مدينة الناصرية عام 2020”.
والمدانان هما إدريس كريدي وأحمد محمد عبود، وفق نص الحكم الصادر في 16 مارس 2023، واستناداً إلى أحكام المادة 421/ج/ من قانون العقوبات وبدلالة المواد 47 و48 و49 منه.

مطالبات بالكشف عن مصير المغيبين
كان المشاركون في مؤتمر الحرية لسجاد العراقي قد دعوا يوم 24 حزيران 2022 إلى الكشف عن مصير جميع المغيبين قسراً، وتشكيل لجنة وطنية مستقلة لمتابعة حالات الاختفاء القسري. وأمهلوا الجهات المعنية 30 يوماً للكشف عن مصير المغيبين. وأوضحوا في البيان الختامي للمؤتمر أن جرائم الاختفاء القسري التي تعرض لها الناشطون المدنيون ما هي إلا «ملف سياسي مفتعل من قِبل قوى سياسية متنفذة داخل أروقة الأنظمة الحاكمة المتعاقبة»، منوهين إلى تستر جهات رسمية على الفاعلين.

اكتمال الملف التحقيقي
أشارت وسائل إعلام محلية في مطلع تموز 2022 إلى اكتمال الملف التحقيقي الخاص بالناشط المختطف سجاد العراقي. ونقل الإعلام عن مصدر أمني أن “الملف التحقيقي الخاص بالناشط المختطف سجاد العراقي اكتمل التحقيق به وتمت إحالته إلى اللجنة المختصة في بغداد”. وأشارت إلى “إمكانية الخروج بتوصيات حول التحقيق الذي أجري مع عدة شخصيات”، غير أن نتائج التحقيق لم تُكشف حتى الآن.

استمرار الإفلات من العقاب
أفاد تقرير صادر عن بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق في حزيران 2022 بأن “الإفلات من العقاب” لا يزال مستمراً في العراق فيما يتعلق بهجمات تستهدف متظاهرين وناشطين ومنتقدين لـ«عناصر مسلحة وجهات سياسية» تُنسب إليها الهجمات.
ولاحظ التقرير أنه في حين “يتم تنفيذ معظم الجرائم دون الكشف عن هوية الجناة”، فإن “المعلومات تشير إلى أن المحتجزين والمدانين قد ينتمون إلى جماعات مسلحة معروفة تعمل خارج سيطرة الدولة”.