متابعة/المدى
في ظل تصاعد الأزمات والخلافات السياسية في العراق، طالب رئيس حزب تقدم، محمد الحلبوسي، بإجراء انتخابات مبكرة.
وتأتي هذه المطالبة لتكون الثانية في سياق المشهد السياسي المضطرب، بعد دعوة مشابهة أطلقها ائتلاف دولة القانون بزعامة نورس المالكي.
وهذه الدعوات تعكس تصاعد التوترات والانقسامات بين القوى السياسية العراقية، في وقت تزداد فيه الضغوط لإيجاد حلول جذرية للأزمات التي تعصف بالبلاد.
وكان الحلبوسي، قال في حديث متلفز الجمعة الماضية، أن الانتخابات المبكرة ستجري في نيسان أبريل أو آيار مايو 2025، لأنها أصبحت ملزمة وفقا للمنهاج الوزاري.
ويقول عضو اللجنة القانونية النيابية، رائد المالكي، إن "اللجنة لم تلاحظ لغاية الآن أي تحرك نيابي لتقديم مقترح قانون أو مشروع قانون يخص تعديل قانون الانتخابات، كما لم يصل إلى اللجنة القانونية لا من داخل اللجنة، ولا من خارجها طلباً يخص تعديل قانون الانتخابات، وإنما كلام سياسي وإعلامي فقط".
ويستدرك "لكن من الناحية الدستورية والقانونية لا يوجد مانع من تعديل قانون الانتخابات، فهو كأي قانون قابل للتعديل في حال قُدِّم مقترح بذلك وفقاً للسياقات القانونية ومشفوعاً بالتواقيع كما حصل في التعديل الثالث، وكذلك الحال إذا جاء مشروع قانون من الحكومة، ففي الحالتين لا يوجد ما يمنع دستورياً وقانونياً من تعديل قانون الانتخابات".
ويوضح، "أما من الناحية السياسية، فهناك حديث مفاده أن كثرة التغييرات والتعديلات على القانون الانتخابي تؤثر في استقرار النظام السياسي، وهو ما تم التنبيه عليه سابقاً بالاعتراض على قانون انتخابات عام 2020 والدعوة إلى استمرار النظام الفردي وإعطاء المجال لتظهر آثاره بعد فترة من الزمن، لكن لم يستجب الآخرون لذلك بزعم أن ذلك النظام تسبب بعدم استقرار النظام السياسي، وحالياً الجهات نفسها التي كانت تدافع عن التغيير رغم قصر المدة في حينها، هي الآن تتحدث عن عدم جواز تغيير قانون الانتخابات بداعٍ أنه لا يؤدي إلى الاستقرار السياسي".
ويشير النائب، إلى أن "السبب الحقيقي وراء عدم الرغبة في تغيير قانون الانتخابات يعود إلى أن الكتل السياسية حصلت على المكاسب، فهي تتعامل مع القانون بقدر ما يأتي لها من مصالح".
ويتابع المالكي أن "تأجيل الانتخابات من الناحية الدستورية لا يجوز، لأن البلاد ستدخل في فراغ دستوري عندما تنتهي دورة مجلس النواب في الشهر العاشر من العام المقبل 2025، وحينها سوف تتحول الحكومة إلى تصريف أعمال، ولا يستطيع بعدها مجلس النواب من مزاولة أعماله، لذلك تأجيل الانتخابات غير ممكن، أما تقديم الانتخابات فهو ممكن من خلال طلب حل البرلمان، وهذا يخضع لإجراءات وسياقات دستورية، لكن لا يمكن تأجيلها وتمديد مدتها".
من جهته، يقول القيادي في الإطار التنسيقي عقيل الرديني، إن "الإطار التنسيقي ليس لديه أي توجه نحو الانتخابات المبكرة، وهذا الأمر لم يطرح أو يناقش داخل الإطار طيلة الفترة الماضية، بل طرح فقط زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، وهو وجهة نظر شخصية له، ولا يوجد دعم لها من أي طرف من أطراف الإطار".
ويضيف الرديني، أن "ما تحدث به رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي، يندرج ضمن المناورة السياسية ومحاولة للضغط السياسي على الأطراف الأخرى داخل الإطار التنسيقي، للحصول علي مكاسب في ملف رئاسة البرلمان، لكن الحلبوسي وغيره من الأطراف السياسية السنية، وحتى الكردية، ليسوا مع الانتخابات المبكرة، والكل مع إكمال الدورة الحكومية بشكل كامل".
ويتابع القيادي في الإطار، أن "كل مبررات الذهاب إلى الانتخابات المبكرة غير متوفرة، خاصة في ظل الاستقرار الحكومي والسياسي، والنجاحات في الكثير من الملفات من قبل حكومة السوداني، ولذا فكل دعوات وأمنيات الانتخابات المبكرة، ولدت ميتة، ولا نتوقع أي تفاعل سياسي حقيقي معها".
وكان رئيس ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، دعا في حزيران يونيو الماضي، إلى إجراء انتخابات برلمانية مبكرة في البلاد بحلول نهاية العام الحالي 2024، مؤكداً أنّ حكومة رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني ملزمة بذلك ضمن برنامجه الانتخابي، كما طالب المالكي بقانون "يمنع المسؤولين التنفيذيين (رئيس الوزراء وأعضاء الحكومة والمسؤولين) من المشاركة في الانتخابات".
وفي آذار مارس 2023، صوّت البرلمان على قانون التعديل الثالث لقانون الانتخابات، الذي أعاد اعتماد نظام الدائرة الواحدة لكل محافظة، مع صيغة سانت ليغو النسبية (بفارق 1.7)، فيما لم يتطرق إلى فكرة الانتخابات المبكرة.
ويعزو مختصون صعوبة إجراء انتخابات مبكرة إلى وجود إشكاليات عديدة تتعلق بالقانون الانتخابي والمنظومة الانتخابية عموماً، ما يؤكد الحاجة إلى مراجعة شاملة لهذه المنظومة بكل تفاصيلها.
وتضمّن برنامج حكومة السوداني بنودا كثيرة، ركّز بعضها على إجراء انتخابات مبكرة ومحاربة الفساد والسلاح المتفلت، وحصلت حكومة السوداني على ثقة البرلمان بموجبه في تشرين الأول أكتوبر 2022.
ويُعدّ مطلب إجراء انتخابات مبكرة من أبرز مطالب التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، الذي طالب بها قُبيل تشكيل حكومة السوداني من قبل تحالف الإطار التنسيقي، وقبل اعتزال الصدر العمل السياسي في أغسطس آب 2022.
وأثيرت فضيحة التنصت بعد أن جرى اعتقال الموظف في رئاسة الوزراء محمد جوحي، كما أصدر السوداني أمرا في 20 أغسطس آب الماضي بـ”تشكيل لجنة تحقيقية بحقّ أحد الموظفين العاملين في مكتب رئيس مجلس الوزراء، لتبنّيه منشورا مسيئا لبعض المسؤولين، وعدد من السادة أعضاء مجلس النواب، وإصدار أمر سحب يد لحين إكمال التحقيق.
وهذه الشبكة، كان من أبرز ضحاياها زعيمين في الإطار التنسيقي، الذين قدما إفادتهما للقضاء العراقي، كما استمرت حملة الاعتقال حتى طالت موظفين آخرين بصفة مصورين وغيرهم في المكتب.
تصاعد حمى الانتخابات المبكرة.. الحلبوسي ينضم إلى نادي المطالبين بالتغيير
نشر في: 23 سبتمبر, 2024: 12:14 ص