 ديالى / محمود الجبوري

بعد سنوات من الاحتضار بسبب الجفاف وشح المياه وتراكم الملوثات، بدأ نهر ديالى باستعادة عافيته المائية، ليعود مرة أخرى شرياناً يغذي الزراعة والاحتياجات المائية الأخرى. وقد تحول لون مياه نهر ديالى، منذ نحو 17 عاماً، إلى أخضر داكن ونفطي نسبياً بسبب تراكم ملوثات مياه الصرف الصحي وقلة الإيرادات المائية الواردة إليه من خارج وداخل المحافظة.
وبحسب إحصائيات بيئية سابقة، تراوحت نسب التلوث في نهر ديالى بين 80-95% خلال الأعوام الماضية، نتيجة شح المياه وانحسار الإيرادات المائية وقلة الأمطار الموسمية.
أكد مدير الموارد المائية في ديالى، مهند علي المعموري، لـ (المدى) تناقص نسب التلوث في نهر ديالى بمعدلات عالية بفعل إجراءات وتوجيهات وزارة الموارد المائية والهيئة العامة لتشغيل المشاريع الإروائية. وأوضح أن زيادة الإطلاقات المائية للنهر ساهمت في تقليل نسب التلوث بشكل كبير، مشيراً إلى أن معدل الإطلاقات المائية في نهر ديالى يتجاوز 30 م³/ثا لتحسين بيئة النهر وخفض الترسبات الملحية والمياه الآسنة، ما يجعله صالحاً للأغراض الزراعية المتنوعة، وأبرزها إرواء البساتين على جانبي النهر في عموم المحافظة. وأشار المعموري إلى أبرز مشاكل تلوث نهر ديالى وهي تصريف مياه الصرف الصحي من قبل مديرية المجاري، وعدم وجود محطات معالجة في ديالى لتحويل المياه الثقيلة والملوثة إلى مياه صالحة للأغراض الزراعية والاستهلاك الحيواني. ولفت إلى وجود مشاكل ودعاوى قضائية كثيرة ضد مديرية المجاري لإلزامها بإنشاء محطات معالجة للمياه.
من جهته، حدد الخبير في وزارة الموارد المائية ومدير موارد ديالى المائية سابقاً، باسم مجيد، انخفاض معدلات التلوث في نهر ديالى بنسبة تتجاوز 60% عن الفترات الماضية، بفعل الجهود المحكمة لوزارة الموارد المائية بزيادة الإطلاقات المائية والتنسيق مع الدوائر المعنية لتوفير مياه صالحة للأغراض الزراعية.
وأوضح مجيد في حديثه لـ (المدى) أن وزارة الموارد المائية وموارد ديالى المائية تشخص الملوثات والتجاوزات البيئية، فيما تقوم دوائر البيئة باتخاذ الإجراءات القانونية بحق المتسببين بالتلوث، سواء في القطاع العام أو الخاص.
وأشار مجيد إلى تحسن نسبي في الوضع المائي في ديالى عن الأعوام السابقة، خاصة بعد تعافي بحيرة حمرين، أكبر خزان مائي في ديالى، وزيادة إطلاقاتها المائية جراء الأمطار الموسمية في الموسم الماضي.
وفي حديثه مع (المدى)، أكد مدير بيئة ديالى، علاء العزاوي، أن قانون 27 لعام 2009 يفرض غرامات تسبقها إنذارات بحق الدوائر الحكومية المسببة لتلوث نهر ديالى، وخاصة دوائر المجاري والمستشفيات. وأوضح أن التلوث المائي الناجم عن القطاع الخاص غير مؤثر في المحافظة، وتقتصر ملوثاته على الهواء والتربة. وأشار العزاوي إلى أن أبرز أسباب تلوث نهر ديالى هو غياب محطة لمعالجة المياه من قبل مديرية المجاري، باستثناء محطة قيد الإنشاء في ناحية كنعان شرق بعقوبة. وأضاف أن الإجراءات الحكومية من قبل الدوائر المعنية بزيادة الإطلاقات المائية أسهمت في خفض نسب التلوث بشكل كبير، دون تحديد نسب رسمية دقيقة. وأكد مدير الموارد المائية في وحدة كرميان الكردستانية، مؤيد أحمد شمس الله، عدم وجود ملوثات في نهر ديالى، أو ما يسمى «نهر سيروان» داخل الأراضي الكردستانية، بدءاً من بحيرة دربندخان وصولاً إلى قضاء خانقين وتوابعه شمال شرقي ديالى. ولفت إلى خلو النهر من أي ملوثات في الأراضي الكردستانية وفق الفحوصات المختبرية المستمرة، حيث يغذي جميع محطات تصفية المياه في كرميان وأطراف ديالى، بالإضافة إلى الأغراض والاستخدامات الأخرى.
وأشار شمس الله إلى أن معدل إطلاقات المياه من دربندخان نحو نهر ديالى وبحيرة حمرين تراوح بين 80-90 م³/ثا.
يُعد نهر ديالى خامس روافد نهر دجلة، ويتكون من التقاء نهري سيروان وتانجرو في بحيرة دربندخان بمحافظة السليمانية. يمر النهر عبر إيران والعراق ويبلغ طوله الإجمالي 445 كم، وينبع من جبال زاكروس ليصب في نهر دجلة جنوبي العاصمة بغداد. ويمر النهر بثلاث محافظات عراقية هي السليمانية وديالى وبغداد، ويرتبط بنهر دجلة في جنوب محافظة بغداد، كما يصب به نهر الوند قرب مدينة جلولاء في محافظة ديالى.
ويحتوي النهر على بحيرتين من أجمل بحيرات العراق، هما بحيرة دربندخان في محافظة السليمانية وبحيرة حمرين التي تقع في محافظة ديالى ضمن تلال حمرين.