متابعة/المدى
يسعى مجلس محافظة بغداد إلى نقل مصفى الدورة الواقع في العاصمة إلى منطقة جرف الصخر في محافظة بابل، وذلك ضمن جهود تحسين البيئة وتقليل التلوث في العاصمة.
وتأتي هذه المساعي بعد تزايد الشكاوى من تأثيرات المصفى البيئية والصحية على سكان المناطق المجاورة في بغداد.
ويؤمل أن يؤدي نقل المصفى إلى تحسين جودة الهواء في العاصمة، مع الحفاظ على استمرارية الإنتاج النفطي في موقع آخر مناسب بيئيًا وأمنيًا.
وقال عضو المجلس نجم العامري، إننا "في مجلس محافظة بغداد لا نملك أي معلومات عن وجود هكذا مساع، ولا نعرف أي شيء عنها، وسوف نتابع هذا الملف مع الجهات ذات العلاقة والاختصاص لمعرفة تفاصيل هذا القرار وأسبابه".
وأضاف أننا "لا نعتقد هناك أي ضرورة أو حاجة إلى نقل مصفى الدورة إلى جرف الصخر، ورغم ذلك سوف نحقق بهذا الموضوع، وبعدها سيكون لنا موقف بعد معرفة الأسباب الحقيقة وراء اتخاذ هكذا خطوة".
وكان المتحدث باسم أمانة بغداد، محمد الربيعي، كشف في حديث متلفز عن موافقة مجلس الوزراء على نقل مصفى الدورة إلى منطقة جرف الصخر شمالي محافظة بابل ضمن الخطة العشرية التي تنتهي عام 2030.
من جهته، قال المتحدث باسم وزارة النفط، عاصم جهاد، في حديث للإعلام الرسمي، وتابعته (المدى)، إن "مصفى الدورة أُنْشِئ في مطلع الخمسينيات من القرن الماضي لإنتاج مجموعة من المشتقات النفطية، ومنها البنزين والكازويل والنفط الأبيض ومجموعة زيوت السيارات، وغير ذلك لتلبية حاجة البلاد من المشتقات النفطية"، لافتاً إلى أن "مصفى الدورة حقق معدلات إنتاج للطاقة التكريرية من 110 ألفاً إلى 140 ألف برميل باليوم".
وأردف أن "فكرة تغيير موقع المصفى موجودة أساساً، لكن أُجِّلت، بسبب الظروف التي مر بها العراق سواء كان ذلك قبل 2003 أو ما بعد العام 2003 التي حالت دون تغيير موقع المصفى، بالإضافة إلى سبب آخر يتعلق بحاجة العراق إلى المشتقات النفطية"، موضحاً أن "البلاد وبعد العام 2003 شهدت ارتفاعاً في حجم استهلاك المنتجات النفطية بالإضافة إلى الظروف التي واجهت الصناعة النفطية واستهداف المنشآت النفطية والأنابيب والمصافي، ومن ضمنها تعرض مصفى الدورة إلى عدة استهدافات الذي كان يتسبب بنقص في المشتقات النفطية".
وتابع جهاد أن "مصفى الدورة، وعند إنشائه اُخْتِيرت منطقة الدورة في ذلك الوقت لقربها من نهر دجلة، وأيضاً لأن المنطقة كانت منطقة بساتين تتوفر فيها عوامل البيئة الخضراء وبالتالي هي منطقة مثالية لإنشاء المصفى، ولكن وبعد الامتدادات العمرانية التي حدثت والتطور السكاني أصبح المصفى هو في داخل المدينة بعد أن كان في أطرافها".
وأكد أن "هناك حرصاً من الحكومة ورئيس الوزراء، ومن وزارة النفط على اختيار موقع بديل للمصفى خاصة بعد نجاح الحكومة والوزارة في افتتاح مصفى كربلاء بطاقة (140) ألف برميل الذي أسهم بسد جزء من الحاجة المحلية، وأيضا افتتاح الوحدة الرابعة في مصافي الجنوب بطاقة (70) ألف برميل التي أصبح إنتاجها بحدود (280) ألف برميل، وأيضا نجاح الجهد الوطني في إعادة إعمار مصافي الصمود التي تضم مصفى الشمال بطاقة (150) ألف برميل باليوم، ومصفى صلاح الدين واحد بطاقة (70) ألف برميل، ومصفى صلاح الدين بطاقة (70) ألف برميل أيضا، بالإضافة إلى المشروع الذي تعمل عليه مصافي الجنوبي ومشروع FCC، وأيضاً إضافة عدد من الوحدات الإنتاجية إلى المصافي الصغيرة، وكذلك توجه الوزارة لبناء عدد من المصافي في المحافظات، ودُعِيت الشركات الاستثمارية لبناء عدد من هذه المصافي الاستثمارية".
وتابع جهاد أنه "بعد الوصول إلى الاكتفاء الذاتي بالتأكيد الحكومة ستكون قادرة على الانتقال التدريجي أو نقل المعدات ومنشآت المصفى تدريجياً إلى الموقع البديل، وهذه العملية تستغرق بعض الوقت حتى لا تؤثر في عملية الإنتاج"، مشيراً إلى أن "اختيار الموقع يتم بمواصفات معينة وقريبة من مصادر تغذية المصفى بالنفط الخام وقربه من شبكة الأنابيب، وتوفر العامل للبيئة وغير ذلك".
إلى ذلك، وصف الخبير النفطي قحطان العنبكي، نقل مصفى الدورة إلى منطقة جرف النصر بالإجراء غير الصحيح، ولا يحمل أي جدوى اقتصادية أو منفعة للبلاد ،بل يمكن تطويره وجعله صديقاً للبيئة، وهناك مصافٍ كبرى في دول العالم المتقدم وسط المدن، ولا تُحدِث تلوثاً، ويمكن الإفادة من هذه التجربة في موضوع مصفى الدورة.
وقال العنبكي، إن "هكذا خطوة يجب أن تدرس من جميع جوانبها قبل اتخاذ أي قرار، حيث يمكن أن تعالج أي تأثيرات سلبية قد يُحدِثها المصفى على البيئة والسكان المحليين، ويكون العلاج ذات منفعة وأكثر جدوى اقتصادية من نقله، وما يترتب على النقل من تكاليف مادية مباشرة وغير مباشرة تكلف البلاد أموالاً كثيرة ووقت دون أي منفعة".
وشدد العنبكي على "ضرورة أن يصار إلى نصب وحدات معالجة الانبعاثات الغازية المتطورة للحفاظ على البيئة وتحقيق شروط المتطلبات الدولية البيئية بدلاً من تفكيك مصفى الدورة واستعماله كمواد احتياطية، وذلك للحفاظ وتطوير مستويات الإنتاج للمشتقات النفطية بما يتناسب مع زيادة الطلب للاستهلاك المحلي وتجنباً للاستيراد".
ونبه إلى أن "وزارة النفط إذا كانت لديها توجهات إنشاء مصفى وبتروكيمياويات حديثة في جرف الصخر فمن المفترض أن يبقى مصفى الدورة في مكانه مع مراعاة تطوير الوحدات الإنتاجية الحاليةUp Grading أسوة بما يتم عمله في دول العالم لتحقيق الإنتاج حسب مواصفات (6 Euro 5 or Euro .) ". وعن تجارب العالمية في هذا المجال قال العنبكي، إن "مدن عالمية تضم وسطها مصافيَ كبرى، ولا تتحمل أي تأثير سلبية في المجتمع المحلي"، لافتاً إلى أنه "على سبيل المثال مصفى وسط مدينة فينا بطاقة تصل إلى مليون برميل، فضلاً عن مصنع بتروكمياويات بطاقة ‘إنتاجية عالية، وهنا طُوِّر المصفى وجعله صديقاً للبيئة، وبهذا الإنتاج الكبير، مشيراً إلى إمكانية الإفادة من هذه التجربة المهمة، وأن يتم العدول عن فكرة بشأن نقل مصفى الدورة إلى مكان آخر".
وتابع، إن "نقل مصفى الدورة إلى جرف الصخر يواجه تحديات عدة أهمها كلفة توقف تشغيل واستيراد المنتجات المنتجة في المصفى، وقد تستغرق 360 يوماً كحد أدنى، ثم إنَّ الكادر التخصصي ونقله إلى جرف الصخر، فضلاً عن بناء مجمعات سكنية للكادر التشغيلي والصيانة وسواها من الأسباب".