بغداد / ايوب سعد
يواجه العراق أزمة حادة في شح المياه، في ظل التغيرات المناخية واستنزاف الموارد المائية، وتعاني كثيراً من المناطق من نقص حاد في المياه، مما يثير القلق بشأن قدرة الحكومة على تلبية احتياجات المواطنين. وبينما تسعى الحكومة العراقية إلى تنفيذ مشاريع لتحسين إدارة المياه وتوفيرها، يبقى التساؤل مطروحًا: هل ستتمكن هذه الجهود من التغلب على التحديات الحالية وضمان توفر المياه للعراقيين في المستقبل؟
وقال المختص في الشأن البيئي، علي سعد الراوي، خلال حديث لـ (المدى)، إن "توفير المياه في ظل الشح المائي أصبح موضوعًا بالغ الأهمية، خاصة في مناطق كثيرة حول البلاد التي تعاني نقص حاد في المياه"، مشيراً إلى أن "المياه هي عنصر أساسي للحياة، سواء للإنسان أو للحيوانات والنباتات، الحفاظ على موارد المياه يعني حماية النظم البيئية التي تعتمد عليها".وأردف، أن "الزراعة والصناعة والخدمات تعتمد على المياه، نقص المياه يمكن أن يؤثر سلبًا في الإنتاجية الاقتصادية، ويزيد من الفقر"، لافتاً إلى أن "شح المياه يعيق الوصول إلى مياه شرب نظيفة، مما يتسبب بانتشار الأمراض والعدوى، خصوصًا في المجتمعات الفقيرة". وأكمل الراوي: "يساعد الحفاظ على المياه في تعزيز القدرة على التكيف مع آثار التغير المناخي، مثل الجفاف والفيضانات"، مبيناً أنه "يؤدي نقص المياه إلى انخفاض المحاصيل الزراعية، مما يؤدي إلى نقص الغذاء وزيادة الأسعار".
وأوضح، "يزيد الشح المائي من أخطار الأمراض المعدية، حيث قد يلجأ الناس إلى مصادر غير نظيفة للشرب"، مستدركاً أنه "يعوق نقص المياه التنمية الاقتصادية، ويزيد من التوترات الاجتماعية والسياسية بين المجتمعات التي تعتمد على نفس الموارد المائية".
وتابع المختص في الشأن البيئي، أن "الشح المائي يؤثر في النظم البيئية، مما يؤدي إلى فقدان التنوع البيولوجي وتدهور المواطن الطبيعية"، موضحاً أنه "يتطلب مواجهة الشح المائي إستراتيجيات فعالة، مثل تحسين إدارة الموارد المائية، وتبني تقنيات الزراعة المستدامة، وتعزيز الوعي العام بأهمية الحفاظ على المياه".
وضمن الجهود للتغلب على مشكلة الشح المائي في العراق، أعدت وزارة الموارد المائية خطة لتنفيذ مشاريع كبرى تهدف إلى توفير كميات كبيرة من المياه للبلاد، مؤكدة مضيها نحو تنفيذ مشروع واعد للري باعتماد الأنابيب بالتعاون مع دول الجوار. وقال وزير الموارد المائية، عون ذياب عبد الله، إن "وزارته أعدت خطة طموحة لتنفيذ مشاريع كبرى تهدف إلى توفير كميات كبيرة من المياه، تتضمن مشاريع الري المغلق بالأنابيب الذي أكد أنه يحتاج إلى تخصيصات كبيرة، أسوة بمشروع تطوير (واسط – دجلة)، ويمتد على جانبي نهر دجلة ابتداءً من (الصويرة – الكوت) وبمساحة 560 ألف دونم". وأضاف، أن "المشاريع الأخرى تتضمن اعتماد التبطين باللحاف الخرساني، فضلاً عن زراعة أغلب الأراضي من خلال الأنظمة الحديثة بدلاً من الطرق القديمة المسرفة بالمياه، علاوة على زراعة مساحات كبيرة باستخدام التسوية الليزرية والتقنيات الحديثة". وأوضح، أنه "تم في هذا السياق إنجاز بعض المشاريع المشابهة، أسوة بمشروع الفاو الجنوبي، فيما لا يزال العمل جاري بمشروع ناحية البحار ومركزها قرية الدورة في محافظة البصرة، والبالغة مساحته عشرة آلاف دونم".
وبشأن توجهات الوزارة المستقبلية لمجابهة الشحِّ المائي في البلاد، ذكر وزير الموارد أن من أولويات وزارته التوجه نحو تبطين الأنهر الكبيرة باللحاف الخرساني كلها، بهدف منع فقدان المياه بالرشح، مع الاستمرار بإزالة القصب والبردي بالطرق الميكانيكية فيها، كونها تستهلك كميات كبيرة من المياه كما تمنع جريان المياه بانسيابية إلى ذنائب الجداول وإسالات المياه.
وبحسب الخبراء، فإن انحسار مياه دجلة والفرات خلال الأعوام الماضية، يعود إلى سياسات دول المنبع التي بنت كثيراً من مشاريع السدود والاستصلاح الكبرى، دون التنسيق مع العراق الذي يعد دولة مصب، ما أثر في استحقاقاته التاريخية في النهرين اللذين تراجعت إيراداتهما في العراق إلى أقل من 30 بالمئة من معدلاتهما الطبيعية.