ذي قار/ حسين العامل
يشهد مجلس محافظة ذي قار ومنذ نحو ثلاثة أسابيع حالة من عدم الاستقرار وتحديات أمنية تواجه ثلاثة من أعضائه. ففي الوقت الذي تعرضت فيه إحدى عضوات مجلس المحافظة إلى تفجير مركبتها مؤخرًا، يتعرض عضوان آخران إلى ملاحقات قضائية على خلفية قضية تتعلق بالابتزاز السياسي.
وتأتي هذه التطورات التي تستهدف عضوين من حزب الماكنة وعضو آخر من تحالف قوى الدولة الوطنية عقب أقل من شهرين من إجراء تغييرات أساسية في رئاسة مجلس المحافظة أطاحت برئيس المجلس السابق عبد الباقي العمري ليحل محله عزة الناشي، وكلاهما من تحالف «نبني».
وذكر شهود عيان لـ(المدى) أن "مركبة نوع تاهو تعود لعضوة مجلس محافظة ذي قار نغم رزاق الإبراهيمي تعرضت لتفجير بعبوة ناسفة أثناء ما كانت مركونة أمام دارها في منطقة البو فياض، إحدى ضواحي مدينة الناصرية"، مشيرين إلى إصابة أحد الأشخاص بجروح ونجاة عضوة المجلس التي لم تكن ساعة التفجير في محل الحادث.
ومن جانبها، أكدت الإبراهيمي ما تعرضت له مشيرة إلى أنها تجهل الأسباب والدوافع التي تقف وراء التفجير، متسائلة عما إذا كان الحادث محاولة اغتيال أم محاولة لإرباك الوضع الأمني أو رسالة تخويف، منوهة إلى أنها ليست في حالة خلاف مع أي جهة.
بدوره، استنكر مجلس محافظة ذي قار حادث الاستهداف الذي طال مركبة عضو المجلس، معلنًا تضامنه معها.
ودعا رئيس مجلس المحافظة، عزة الناشي، في بيان تلقت (المدى) نسخة منه، الأجهزة الأمنية للقيام بدورها وفتح تحقيق سريع في الحادث لكشف ملابساته وتقديم المتهمين للعدالة.
ووصف حزب الماكنة الذي تنتمي إليه نغم الإبراهيمي الحادث بـ«محاولة آثمة لاغتيال عضو مجلس المحافظة»، مضيفًا في بيان تلقت (المدى) نسخة منه: "نعتبر هذا الاعتداء الخطير ليس فقط استهدافًا لشخصها الكريم، بل هو محاولة لتقويض الأمن والاستقرار في المحافظة وتحدٍ سافر للقانون ولأصوات المواطنين الشرفاء الذين انتخبوا ممثليهم".
وطالب الحزب "الحكومة المحلية بتحمل مسؤولياتها الكاملة واتخاذ الإجراءات العاجلة لحماية الأرواح والممتلكات، سواء للمواطنين أو المسؤولين المنتخبين في المحافظة".
وفي هذا السياق، بحثت اللجنة الأمنية العليا في ذي قار التداعيات الأمنية والتحديات التي تواجه الملف الأمني خلال اجتماع ترأسه محافظ ذي قار، مرتضى الإبراهيمي، بحضور عدد من القيادات الأمنية في المحافظة.
وفي سياق متصل، يتواصل التحقيق في قضية الابتزاز السياسي المتهم فيها عضوان من أعضاء مجلس محافظة ذي قار. وتأتي التطورات في قضية الابتزاز عقب إقدام جهاز الأمن الوطني على اعتقال عضو مجلس محافظة ذي قار، عمار الركابي، في ساعة مبكرة من صباح يوم الأربعاء (11 أيلول 2024) في مدينة الرفاعي شمال الناصرية، وصدور مذكرات قبض واستقدام بحق عضو آخر وأشخاص آخرين استنادًا إلى شكوى مقدمة من محافظ ذي قار، مرتضى الإبراهيمي، وذلك على خلفية عمليات «ابتزاز إلكتروني». وتشير مصادر مطلعة إلى تورط متهمين آخرين بينهم مسؤولون وإعلاميون وناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي في القضية المذكورة، إذ جرى اعتقال نحو خمسة متهمين منهم حتى الآن فيما تتواصل ملاحقة الآخرين. وعن تداعيات قضية الابتزاز واتهام أعضاء من مجلس المحافظة بالتورط فيها، قال عضو مجلس محافظة ذي قار، أحمد غني الخفاجي، لـ(المدى) إن "عضو مجلس محافظة ذي قار عمار الركابي لا يزال رهن الاعتقال مع عدد من المتهمات المتورطات بفضيحة الابتزاز"، مبينًا أن "المتهمات أدلين بدورهن باعترافات بقيامهن بفعل «لا أخلاقي» اتجاه المحافظ ووجهن الاتهام إلى عضو آخر في مجلس المحافظة بتدبير عملية الابتزاز".
وأشار الخفاجي إلى أن "القضية لا تزال رهن التحقيق وأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته أو الإفراج عنه".
وعن طبيعة عمليات الابتزاز ودوافعها، قال الخفاجي: "الاستهداف والمؤامرة والابتزاز أمر وارد وموجود كواقع، أما لماذا تم استهداف المحافظ دون غيره، فهذا يقع ضمن ثلاثة مستويات: إما أن يكون استهدافًا شخصيًا لإزاحة المحافظ والاستحواذ على منصبه، أو أن يكون الاستهداف لتيار الحكمة الذي ينتمي إليه المحافظ، أو أن يكون الاستهداف لحكومة الإطار التنسيقي الذي يقود الحكومة في محافظة ذي قار".
وعن إمكانية فتح تحقيق من قبل مجلس محافظة ذي قار حول تسريب المقاطع الفيديوية «اللاأخلاقية» التي تتحدث عنها مواقع التواصل الاجتماعي، قال الخفاجي إن "مجلس المحافظة ترك الموضوع للقضاء وننتظر حسم إجراءات القضاء وصدور الأحكام العادلة"، مبينًا أن "أعضاء مجلس المحافظة في حال ثبتت إدانتهم سيجري معاقبتهم قضائيًا، أما إذا جرت تبرئتهم فسيعودون إلى المجلس".
ولم تكن قضية الابتزاز بمقاطع فيديو هي الأولى التي تطال المسؤولين في محافظة ذي قار، إذ سبق أن تحدثت مواقع التواصل الاجتماعي قبل بضعة أشهر عن مقاطع ومشاهد فيديوية تتعلق برئيس مجلس المحافظة السابق. وربطت بعض المواقع بين إقالته وانتشار تلك المقاطع.
وبدوره، نفى الخفاجي أن يكون رئيس مجلس محافظة ذي قار السابق، عبد الباقي العمري، قد أقيل من منصبه على خلفية فضيحة موثقة فيديويًا بحسب ما يشاع في مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدًا أن "إقالة الرئيس السابق للمجلس تمت بناءً على لائحة استجواب وقضايا مهنية وفنية وإدارية، وبناءً على ذلك صوت أغلبية أعضاء المجلس على إقالته"، مشيرًا إلى أن "ما تناوله الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي عن الفضيحة ليس هو السبب الرئيس لإقالة رئيس المجلس السابق".
وكان مجلس محافظة ذي قار قد صوت يوم الأربعاء (14 آب 2024) بالأغلبية المطلقة على إقالة رئيسه عبد الباقي العمري، إذ عقدت جلسة مغلقة برئاسة نائب رئيس المجلس، مرتضى السعيدي، وبحضور 11 عضوًا. وكانت الجلسة مخصصة لاستجواب وإقالة رئيس المجلس على خلفية ما وصفوه بمخالفات إدارية وسوء استخدام السلطة، حيث جرت عملية التصويت بعد قراءة فقرات وأسئلة الاستجواب غيابيًا بسبب عدم حضور الرئيس للجلسة.
وفي اليوم التالي، صوت المجلس بالأغلبية المطلقة في جلسة مغلقة على تسمية عزة الناشي رئيسًا لمجلس المحافظة خلفًا للرئيس المقال عبد الباقي العمري. وتجدر الإشارة إلى أن محافظة ذي قار قد أتمت انتخاب الكابينة الحكومية في 5 شباط 2024، حيث انتخب عبد الباقي العمري من تحالف «نبني» رئيسًا لمجلس المحافظة، ومرتضى عبود الإبراهيمي من تحالف قوى الدولة الوطنية محافظًا. كما تم انتخاب مرتضى جودة نائبًا لرئيس المجلس، ورزاق كشيش وماجد العتابي نائبين للمحافظ. وقد تشكلت التشكيلة الحكومية من قوى الإطار التنسيقي مع توزيع المناصب بين ائتلاف دولة القانون وبقية الكتل السياسية المتحالفة ضمن الإطار.